للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الدعوة إلى انتقاد المنار

جرت عادتنا بأن نُذَكِّر قراء المنار في كل عام بما يجب من الانتقاد الذي هو
ضرب من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والمساعدة على الدعوة إلى
الخير، وبث النصيحة، ونشر العلم، فنحن نطالب كل من قرأ في المنار شيئًا
يرى أنه خطأ أن يبين لنا ذلك قولاً أو كتابة مؤيدًا لنقده بما عنده من الدليل، وأما
من سمع الإنكار على المنار من بعض الناس سماعًا فينبغي له أن يتثبت ولا يُعَجِّل
بموافقة المنكر ومجاراته، حتى يرى ذلك بعينه، أو يقرأه الثقة عليه، فإن من
الناس من يفتري الكذب عمدًا، ومنهم من يحرف ما يقرأ حسدًا وضغنًا، ومنهم من
يستنبط من الكلام لوازم لا تلزم، على أن لازم المذهب ليس بمذهب.
وإننا وايم الله لا نرغب إلى أهل العلم والفهم أن ينتقدوا ما نكتب غرورًا منا
بنفسنا، وثقة بأن النقد ينكشف عن خطأ الناقد وصوابنا، بل نعلم أننا كغيرنا من
البشر عرضة للخطأ والنسيان، ولجهل الحقائق وضعف البيان، ولا نبرئ أنفسنا إلا
من سوء القصد، واتِّباع الهوى عن عمد، وإن لنا في هذه الدعوة أربعة أغراض:
الأول: التوسل بها لإصلاح خطئنا، وتقويم عوجنا.
الثاني: التعاون على البر والتقوى والإصلاح بضم رأي غيرنا إلى رأينا
والاستفادة من علم أهل العلم.
الثالث: إقامة الحجة على المغتابين والكذابين الذين يقولون علينا ما لم نقل،
وينسبون إلينا ما نحن بُرآء منه، ويعيبون المنار بما ليس فيه.
الرابع: التوسل إلى تصحيح خطأ المنتقد إذا كان هو المخطئ.
هذا. ومن شاء أن ينشر ما يكتبه علينا من غير تصريح باسمه فله أن يأمرنا
بكتمان اسمه. ووضع ما شاء أو شئنا من الأسماء والألقاب في مكانه.
وإننا نشترط على المنتقدين ما نشترطه لهم على أنفسنا من الأدب في العبارة
ونزيد التزام الموضوع، وعدم الخروج عنه إلى ما ليس منه، ومراعاة الاختصار
بقدر الحاجة.