للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


فائدة في هدي القرآن
في المعاهدة

من عجائب حِكم القرآن وعلومه أن كل زمان يظهر منها ما لم يكن ظاهرًا فيما
قبله كظهوره فيه، كما فصلناه في تفسير قوله تعالى: {قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَن
يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ
بَعْضٍ} (الأنعام: ٦٥) ، ومن هذا القبيل قوله تعالى بعد الأمر بالإيفاء بعهد الله من
سورة النحل: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ
دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} (النحل: ٩٢) إلى قوله: {وَلاَ
تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا} (النحل: ٩٤) الآية، الأيمان
بالفتح: العهود والمواثيق، والدَّخَل بالتحريك: ما دخل الشيء من أسباب الفساد،
كالخديعة والحيلة، والعبارات التي يراد تأويلها، وتحريفها عن ظواهرها في العهود
وسنبين ذلك بالتفصيل إن شاء الله تعالى.