للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد عبد العزيز الخولي


تاريخ فنون الحديث
(٣)

المستدرك على الصحيحين للحاكم
قد أودع الحافظ محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري [١] في كتابه المستدرك ما
ليس في الصحيحين مما رأى أنه على شرطهما، أو شرط أحدهما [٢] ، أو ما أدى
اجتهاده إلى تصحيحه، وإن لم يكن على شرط واحد منهما، مشيرًا إلى القسم الأول
بقوله: هذا حديث على شرط الشيخين أو على شرط البخاري، أو على شرط
مسلم. وإلى القسم الثاني بقوله: هذا حديث صحيح الإسناد. وربما أورد فيه
ما لم يصح عنده منبهًا على ذلك، وهو متساهل في التصحيح، وقد لخص
الحافظ الذهبي [٣] مستدركه، وأبان ما فيه من ضعيف أو منكر - وهو كثير - وجمع
جزءًا في الأحاديث الموضوعة التي وجدت فيه، فبلغت حوالي مائة، قال الذهبي:
في المستدرك جملة وافرة على شرطيهما أو شرط أحدهما، ولعل مجموع ذلك
نحو نصف الكتاب، وفيه نحو الربع مما صح سنده وفيه بعض الشيء، وما بقي
وهو نحو الربع فهو مناكير واهيات لا تصح، وفي بعض ذلك موضوعات.
وهذا الأمر مما يتعجب منه، فإن الحاكم كان من الحفاظ البارعين في هذا الفن،
ويقال: إن السبب في ذلك أنه صنفه في أواخر عمره، وقد اعترته غفلة. وقال
الحافظ ابن حجر: إنما وقع للحاكم التساهل؛ لأنه سود الكتاب لينقحه فعاجلته المنية،
ولم يتيسر له تحريره وتنقيحه.
وقال كثير من المحدثين: إن ما انفرد الحاكم عن أئمة الحديث بتصحيحه يبحث
عنه ويحكم عليه بما يقضي به حاله من الصحة أو الحسن أو الضعف اهـ.
***
المستخرجات على الصحيحين
قبل أن نذكر المستخرجات على الصحيحين نذكر معنى الاستخراج، فنقول:
الاستخراج أن يعمد حافظ إلى صحيح البخاري مثلاً، فيورد أحاديثه واحدًا واحدًا
بأسانيد لنفسه غير ملتزم فيه ثقة الرواة من غير طريق البخاري إلى أن يلتقي معه
في شيخه، أو فيمن فوقه إذا لم يكن الاجتماع معه في الأقرب، وربما ترك
المستخرِج أحاديث لم يجد له بها إسنادًا مرضيًّا، وربما علقها عن بعض رواتها،
وربما ذكرها من طريق صاحب الأصل، وقد اعتنى كثير من الحفاظ بالتخريج،
وقصروا ذلك في الأكثر على الصحيحين، لكونهما العمدة في هذا الفن،
وللمستخرجات فوائد، منها ما قد يقع فيها من زوائد في الحديث؛ لأنهم لا يلتزمون
ألفاظ المستخرج عليها، ومنها علو الإسناد؛ إذ رواية الحديث عن صاحب المستخرج
عليه أبعد من روايته عن طبقته أو شيوخه، وقد يقع فيها التصريح بالسماع مع
كون الأصل معنعنًا، أو بتسمية مبهم في الأصل، ولا يحكم للزيادات الواقعة في
المستخرجات بالصحة إلا إذا كان سند المستخرج إلى الشيخ الذي التقى فيه مع
مصنف الأصل صحيحًا متصلاً، وقد يطلق التخريج على عزو الحديث إلى من
أخرجه من الأئمة كقولنا: أخرجه البخاري. للحديث الذي يوجد في صحيحه.
ومن الكتب المستخرجة على جامع البخاري المستخرج لأبي نعيم أحمد بن
عبد الله الأصبهاني [٤] ، والمستخرج لأبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي [٥] ،
والمستخرج لأبي بكر أحمد بن محمد البرقاني شيخ الفقهاء والمحدثين [٦] .
ومن المستخرجات على صحيح مسلم تخريج أحمد بن حمدان النيسابوري [٧] ،
وتخريج أبي عوانة الإسفراييني [٨] ، وتخريج أبي نصر الطوخي [٩] ، والمسند
المستخرج على مسلم للحافظ أبي نعيم الأصبهاني.
***
المجتبى لأبي عبد الرحمن بن شعيب النسائي [١٠]
لما صنف النسائي سننه الكبرى أهداها إلى أمير الرملة، فقال له: أكل ما فيها
صحيح؟ فقال: فيها الصحيح والحسن، وما يقاربهما. فقال: ميز لي الصحيح من
غيره. فصنف له السنن الصغرى وسماه المجتبى من السنن.
ودرجته في الحديث بعد الصحيحين؛ لأنه أقل السنن بعدهما ضعيفًا، وأما
سننه الكبيرة فكان من طريقته أن يخرج فيها عن كل شخص لم يجمع على تركه،
وإذا نسب إلى النسائي رواية حديث، فإنما يعنون روايته في مجتباه، وقد شرح
المجتبى شرحًا وجيزًا الحافظ جلال الدين السيوطي [١١] ، وكذلك شرحه أبو الحسن
محمد بن عبد الهادي السندي الحنفي [١٢] اقتصر فيه على حل ما يحتاج إليه القارئ
والمدرس من ضبط اللفظ وإيضاح الغريب والإعراب، شأنه في شرح الكتب الستة،
على أن شرحه أوسع من شرح السيوطي [*] ، وقد شرح سراج الدين عمر بن علي
بن الملقن الشافعي زوائده على الصحيحين وأبي داود والترمذي في مجلد.
***
سنن أبي داود سليمان بن أشعث السجستاني [١٣]
قال أبو سليمان الخطابي في كتابه معالم السنن: اعلموا - رحمكم الله - أن
كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنف في علم الدين كتاب مثله، وقد رزق
القبول من كافة الناس فصار حكمًا بين فرق العلماء وطبقات العلماء على اختلاف
مذاهبهم، فلكل منه ورد ومنه شرب [**] ، وعليه معول أهل العراق وأهل مصر
وبلاد المغرب وكثير من أقطار الأرض. قال أبو داود رحمه الله: كتبت عن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسمائة ألف حديث فانتخبت منها أربعة آلاف
حديث وثمانمائة ضمنتها هذا الكتاب، ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه،
ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث: أحدها قوله - صلى الله عليه وسلم -:
(الأعمال بالنيات) ، والثاني قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من حسن إسلام
المرء تركه ما لا يعنيه) ، والثالث قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يكون المؤمن
مؤمنًا حقًّا حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه) ، والرابع: (الحلال بيّن والحرام
بيّن) الحديث، وقال: ما ذكرت في كتابي حديثًا أجمع الناس على تركه، وما كان به
من حديث فيه وهن شديد قد بينته، ومنه ما لا يصح سنده، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو
صالح، وبعضها أصح من بعض، وهو كتاب لا ترد عليك سنة عن النبي - صلى
الله عليه وسلم - إلا وهي فيه، ولا أعلم شيئًا بعد القرآن ألزم للناس أن يتعلموه من
هذا الكتاب، ولا يضر رجلاً أن لا يكتب من العلم شيئًا بعدما يكتب هذا الكتاب. إلى
آخر كلامه في رسالته إلى أهل مكة، وقد اشتهر هذا الكتاب بجمعه لأحاديث الأحكام،
وفيه كثير من المراسيل، وكان يحتج بها من تقدم الشافعي؛كسفيان الثوري ومالك
والأوزاعي.
***
شروحها
شرح هذه السنن كثيرون من أفاضل العلماء؛ شرحها الإمام الخطابي [١٤] في
كتابه معالم السنن، وقطب الدين أبو بكر اليمني الشافعي [١٥] في أربع مجلدات
كبار، وأبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي [١٦] ، كتب من شرحه سبع
مجلدات إلى أثناء سجود السهو، وشرح زوائده على الصحيحين ابن الملقن في
مجلدين، وشرح السنن شهاب الدين الرملي [١٧] .
***
مختصراتها
قد اختصرها زكي الدين المنذري [١٨] ، وأسمى مختصره المجتبى، وقد
شرحها السيوطي بكتابه زهر الربا على المجتبى، وهذب المختصر ابن قيم
الجوزية الحنبلي [١٩] ، وشرح مهذبه شرحًا جميلاً ذكر فيه: إن الحافظ المنذري قد
أحسن في اختصاره، فهذبته نحو ما هذب هو به الأصل، وزدت عليه من الكلام
على علل سكت عنها، إذ لم يكملها، وتصحيح أحاديثه والكلام على متون مشكلة
لم يفتح معضلها، وقد بسطت الكلام على مواضع لعل الناظر لا يجدها في كتاب
سواه.
قال ابن كثير في مختصر علوم الحديث: إن الروايات لسنن أبي داود كثيرة
يوجد في بعضها ما ليس في الأخرى.
***
الجامع الصحيح لمحمد أبي عيسى الترمذي [٢٠]
قال أبو عيسى الترمذي - رحمه الله تعالى -: عرضت هذا الكتاب على
علماء الحجاز والعراق وخراسان فرضوا به واستحسنوه. وقال: ما أخرجت
بكتابي هذا إلا حديثًا قد عمل به بعض الفقهاء. فعلى هذا كل حديث احتج به محتج،
أو عمل بموجبه عامل أخرجه، سواء صح طريقه أو لم يصح، لكنه تكلم على
درجة الحديث، وبين الصحيح منه والمعلول، كما ميز المعمول به من المتروك،
وساق اختلاف العلماء، فكتابه لذلك جليل القدر جم الفائدة كما أنه قليل التكرار.
***
شروحه
قد شرحه محمد بن عبد الله الإشبيلي المعروف بابن العربي المالكي [٢١] ،
وأسمى شرحه (عارضة الأحوذي في شرح الترمذي) ، وشرحه الحافظ محمد بن
محمد الشافعي [٢٢] ، شرح نحو ثلثيه في عشر مجلدات ولم يتمه، وقد كمله زين
الدين عبد الرحيم بن حسين العراقي [٢٣] ، وشرحه عبد الرحمن بن أحمد
الحنبلي في عشرين مجلدًا، وقد احترق شرحه في الفتنة، وكذلك شرحه
السيوطي والسندي، وشرح زوائده على الصحيحين، وأبي داود عمر بن علي بن
الملقن [٢٤] .
***
مختصراته
منها الجامع لنجم الدين محمد بن عقيل [٢٥] ، ومختصر الجامع لنجم الدين
سليمان بن عبد القوي الطوفي الحنبلي [٢٦] .
***
سنن محمد بن يزيد بن ماجه القزويني [٢٧]
عد بعض الحفاظ أصول السنة خمسة يعني كتب البخاري ومسلم والترمذي
والنسائي وأبي داود، وعدها بعض آخر ستة بضم سنن ابن ماجه إلى الخمسة
السالفة، وأول من فعل ذلك ابن طاهر المقدسي [٢٨] ، ثم الحافظ عبد الغني [٢٩] في
كتاب الإكمال في أسماء الرجال، وإنما قدموا سنن ابن ماجه على الموطأ؛ لكثرة
زوائده على الخمسة بخلاف الموطأ، قال بعض المحدثين: ينبغي أن يجعل السادس
كتاب الدارمي فإنه قليل الرجال الضعفاء نادر الأحاديث المنكرة والشاذة [٣٠] ، وإن
كان فيه أحاديث مرسلة وموقوفة. وقد جعل بعض العلماء كرزين السرقسطي [٣١]
سادس الكتب الموطأ، وتبعه على ذلك المجد بن الأثير في كتاب جامع الأصول،
وكذا غيره.
قال الحافظ المزي: إن كل ما انفرد به ابن ماجه عن الخمسة فهو ضعيف.
ولكن قال الحافظ ابن حجر: إنه انفرد بأحاديث كثيرة وهي صحيحة، فالأولى حمل
الضعف على الرجال.
***
شروح سنن ابن ماجه
شرحها كمال الدين محمد بن موسى الدميري الشافعي [٣٢] في خمس
مجلدات، وأسمى شرح الديباجة ولكنه مات قبل تحريره، وشرحها إبراهيم بن
محمد الحلبي [٣٣] ، وجلال الدين السيوطي في شرحه مصباح الزجاجة، وكذلك
السندي، وقد شرح سراج الدين عمر بن علي بن الملقن زوائده على الخمسة في
ثمان مجلدات، وسمى شرحه ما تمس إليه الحاجة على سنن ابن ماجه.
***
باقي كتب السنة الصحيحة
غير الكتب الستة
مما أسلفت يتبين لك أن الصحيحين لم يستوعبا كل الصحيح، وكذلك الأصول
الخمسة أو الستة، وإن كان الزائد عليها قليلاً، قال الإمام النووي: الصواب قول من
قال: إنه لم يفت الأصول الخمسة إلا النزر اليسير. وها نحن أولاء ندلي إليك بباقي
الكتب الشهيرة الجامعة للصحيح في القرنين الثالث والرابع:
فمنها صحيح محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري [٣٤] ، وصحيحه أعلى
مرتبة من صحيح بن حبان تلميذه؛ لشدة تحريه، حتى إنه يتوقف في التصحيح لأدنى
كلام في الإسناد، ومنها صحيح أبي حاتم محمد بن حبان البستي [٣٥] ، واسم
مصنفه التقاسيم والأنواع، والكشف على الحديث منه عسر؛ لأنه غير مرتب على
الأبواب ولا المسانيد، وقد رتبه ابن الملقن، وجرد أبو الحسن الهيتمي زوائده على
الصحيحين في مجلد، وقد نسبوا لابن حبان التساهل في التصحيح إلا أن تساهله
أقل من تساهل الحاكم في مستدركه، ومنها صحيح أبي عوانة يعقوب بن
إسحاق [٣٦] ، وصحيح المنتقى لابن السكن سعيد بن عثمان [٣٧] ، وسنن الإمام
الحافظ علي بن عمر البغدادي الشهير بالدارقطني [٣٨] ، والمنتقى في الأحكام لابن
الجارود عبد الله بن علي [٣٩] ، والمنتقى في الآثار لقاسم بن أصبغ محدث
الأندلس [٤٠] .
***
كتب الأطراف
كتب الأطراف هي ما تذكر طرفًا من الحديث يدل على بقيته، وتجمع أسانيده
إما مستوعبة أو مقيدة بكتب مخصوصة، فمن ذلك:
أطراف الصحيحين للحافظ إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي [٤١] ، ولأبي
محمد خلف بن محمد الواسطي [٤٢] ، قال الحافظ بن عساكر: وكتاب خلف أحسنهما
ترتيبًا ورسمًا، وأقلهما خطًا ووهمًا. وهو في دار الكتب السلطانية أربع مجلدات،
ولأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني [٤٣] ، وللحافظ أبي الفضل أحمد بن علي
ابن حجر العسقلاني وأطراف السنن الأربعة لابن عساكر الدمشقي [٤٤] في ثلاثة
مجلدات مرتبًا على حروف المعجم، واسمه الإشراف على معرفة الأطراف.
وأطراف الكتب الستة لمحمد بن طاهر المقدسي [٤٥] جمع فيه أطراف
الصحيحين والسنن الأربعة، قال ابن عساكر في مقدمة كتابه الإشراف: سبرته
واختبرته، فظهرت فيه أمارات النقص، وألفيته مشتملاً على أوهام كثيرة وترتيبه
مختل. لهذا عمل كتابه الإشراف، ولهذا السبب أيضًا لخصه الحافظ محمد بن علي
الحسيني الدمشقي [٤٦] ، ورتبه أحسن ترتيب، واسم كتاب المقدسي أطراف
الغرائب والأفراد، وللحافظ يوسف بن عبد الرحمن المزي [٤٧] أطراف الكتب الستة
أيضًا، وفيه أيضًا أوهام جمعها أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم [٤٨] ، وقد اختصر
أطراف المزي الذهبي [٤٩] ، كما اختصره أيضًا محمد بن علي الدمشقي الآنف ذكره،
ولابن الملقن الإشراف على أطراف السنة.
ولابن حجر إتحاف المهرة بأطراف العشرة، يعني الكتب الستة والمسانيد
الأربعة في ثماني مجلدات، وقد أفرد منه تأليفه المسمى بأطراف المسند المعتلي، يقع
في مجلدين.
***
دور التهذيب بعد القرن الرابع
إن لجمع السنن من أفواه الرواة، والنظر في رجال الأسانيد وإنزالهم منازلهم،
وبيان عليل الحديث من صحيحه كاد ينتهي بانتهاء القرن الرابع، كما انطفأت إذ
ذاك جذوة الاجتهاد، وركن الناس إلى التقليد في الدين، فأكثر الكتب التي تجدها بعد
ذلك العصر سلكت مسلك التهذيب أو جمع الشتيت وبيان الغريب، أو نحت منحى
الإبداع والترتيب، أو طرقت سبيل الاختصار والتقريب، وجل من تكلم في الأسانيد
بعد المائة الرابعة كان عالة على ما دونه أئمة الحديث في القرون السالفة.
ولا يسبقن إلى ذهنك - وأنت الفطن اللبيب - أنه لم يسبق القرن الخامس
جمع وتهذيب، فإن ذلك قد وجد، ولكن لم يشع شيوعه بعد القرن الرابع، ونحن
من سنتنا في هذه الرسالة مراعاة الأمور الذائعة، ولا نلتفت لليسير النادر.
***
أهم الكتب الجامعة لمتون الحديث
في دور التهذيب
الجمع بين الصحيحين قد جمع كثير من الأفاضل بين صحيحي البخاري
ومسلم، ومن هؤلاء محمد بن عبد الله الجوزقي [٥٠] ، وإسماعيل بن أحمد المعروف
بابن الفرات [٥١] ، ومحمد بن أبي نصر الحميدي الأندلسي [٥٢] ، وربما زاد زيادات
ليست فيهما، وحسين بن مسعود البغوي [٥٣] ، ومحمد بن عبد الحق الإشبيلي،
وأحمد بن محمد القرطبي المعروف بابن أبي حجة [٥٤] .
الجمع بين الكتب الستة: قد جمع بينها عبد الحق بن عبد الرحمن الإشبيلي
المعروف بابن الخراط [٥٥] ، وقطب الدين محمد بن علاء الدين المكي [٥٦] ، وكتابه
مرتب مهذب.
وأبو الحسن رزين بن معاوية العبدري السرقسطي [٥٧] ، في كتابه تجريد
الصحاح، ولكنه لم يحسن في ترتيبه وتهذيبه، وترك بعضًا من أحاديث الستة، فلما
جاء أبو السعادات مبارك بن محمد المعروف بابن الأثير الجزري الشافعي [٥٨] ،
هذب كتابه ورتب أبوابه، وأضاف إليه ما أسقطه من الأصول، وشرح غريبه وبين
مشكل الإعراب وخفي المعنى، وحذف أسانيده، ولم يذكر إلا راوي الحديث من
صحابي أو تابعي، كما ذكر المخرج له من الستة، ولم يذكر من أقوال التابعين
والأئمة إلا النادر، ورتب أبوابه على حروف المعجم، وسماه جامع الأصول لأحاديث
الرسول، فجاء كتابًا فذًّا في بابه لم ينسج أحد على منواله، فقرب إلينا البعيد وسهل
علينا العسير، وهو بدار الكتب السلطانية المصرية في عشرة أجزاء صغيرة،
ولعل الله يسوق إليه من يبرزه إلى عالم المطبوعات، فيسدي بذلك إلى طلاب الحديث
معروفًا جميلاًَ. وقد اختصر هذا الجامع كثيرون، منهم محمد المروزي [٥٩] ،
وهبة الله بن عبد الرحيم الحموي [٦٠] ، وعبد الرحمن بن علي المعروف بابن الديبع
الشيباني الزبيدي [٦١] ، وهو أحسن المختصرات، وقد طبع حديثًا بمصر، ويقع في
ثلاثة أجزاء، ولأبي طاهر محمد بن يعقوب الفيروزبادي [٦٢] زوائد عليه سماها:
تسهيل الوصول إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول، وأن في هذا وما قبله لغنية
عن كتب الحديث الأخرى وكفاية.
((يتبع بمقال تالٍ))