للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: أحمد كمال


بحث لغوي
في براءة القرآن الشريف من بعض الألفاظ الأعجمية
تتمة مقالة أحمد بك كمال

١١ - زَبَرَ الكتاب - أي كتبه - وزاد في مفردات الراغب - كتابة غليظة،
والزبير: الكتاب، جمعه: زُبور، والزَّبور: الكتاب بمعنى المزبور، أي المكتوب،
جمعه: زُبُر (بضمتين) وغلب على مزامير داود النبي والملك.
والتزبرة: الخط والكتابة، مصدر (زبر) قال الأصمعي: سمعت أعرابيًّا
يقول: أنا أعرف تزبرتي، أي خطي وكتابتي، والمِزْبَر: القلم، وبما أن مادة (زبر
وذبر وسفر) كلها واحدة بمعنى كتب، قد تنوع لفظها في العربية وفي النصوص
المصرية أيضًا فلا حاجة لإخراجها من العربية وانتسابها إلى العجمة بدون مسوغ
لغوي.
١٢- سفر الكتاب: كتبه، والسافر: الكاتب، جمعه: سَفَرة (بفتحتين ككتبة)
يقال: والسفرة الكرام، أي: الكتبة، والسِّفر: الكتاب الكبير، وقيل: هو جزء من
أجزاء التوراة. تقول [١] : حطمني طول ممارسة الأسفار وكثرة مدارسة الأسفار.
١٣- ذبر الكتاب ذبرًا: كتبه ونقطه، وقرأه قراءةً حقيقية، وقيل سريعة،
ومنه: ما أحسن ما يذبر الكتاب، أي يقرأه ولا يتمكث فيه، والشيء علمه وفقه فيه،
وذبر الكتاب تذبيرًا قبل ذبره، والذابر المتقن للعلم، والذبر: الكتاب، جمعه ذبار،
كقوله: (على عرضات كالذبار نواطق) [٢] وثوب مذبر: منمنم، يمانية، والكلمة
مصرية قديمة دونها أرمان في مفرداته المصرية (الصحيفة ١٤) وتُقرأ: سبر،
والسين تقلب ذالاً وزايًا، والباء فاءً، فيقال: ذبر وزبر وسفر، وهذا القلب
والإبدال له أصول متبعة في اللغتين المصرية والعربية، والسبب فيه تعدد القبائل
ولهجاتها فاللغة المصرية وهي الأصل للغة العربية [٣] شاملة لألفاظ مختلفة اللهجة
باختلاف لهجات القبائل.
١٤- سبط جمعها أسباط: ولد الولد، ومن اليهود كالقبيلة من العرب، وفي القرآن الشريف: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً} (الأعراف: ١٦٠) [٤] أي
أمة وجماعة، وقد يستعمل للقبيلة من العرب، والسبط كلمة مصرية قديمة وجدت
مذكورة في نصائح بتاح حتب حيث قال ما تعريبه:
(إن المنذور لله الساكن سأوا ليس للأسباط فيه يد) .
ومعنى ذلك أن الرجل التقي لله الساكن في موطن لا يجعل للأسباط يدًا إليه
أي سببًا لأذيته كما أنها ذكرت في كتاب المولى وعلى جدران مقبرة (أمست)
بمعنى ما جاءت به في العربية، فهي إذن عربية لوجودها في المصرية أيضًا، وقد
خصصت في المصرية بإشارات مؤيدة لمعناها أي رسم بعدها رجل وامرأة
مصحوبان بعلامة الجمع مما يثبت معنى الكلمة فهي إذن عربية لا محالة.
١٥- يصهر، في قوله تعالى:] يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ [[٥]
(الحج: ٢٠) أي ينضج، بلسان أهل المغرب، وقد بيّنا أن أهل المغرب هم
(أعناء التحفو) وأن لغتهم لغة الأعناء وهي أصل اللغة العربية، فالكلمة إذن عربية
وقد وردت في القاموس المحيط من مادة (صهر) يقال: صهرته الشمس، أي:
صحرته، بالحاء بمعنى طبخته، وصهر الشيء: أذابه فانصهر فهو صهر،
والصَّهر، بالفتح: الحار، والإذابة كالاصطهار إلخ. وقد وردت هذه المادة في
المصرية بهذا المعنى، فهي إذن عربية.
١٦- مجوس، في قوله تعالى: {وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ} (الحج: ١٧)
كلمة أعجمية فارسية تدل في الأصل على قبيلة من (ميديا) يظهر أنها كانت على دين
تلك البلاد ثم التي كانت تعبد النار فاشتهرت هذه الديانة بعدئذ باسم مجوس، ثم
أطلق اسم المجوس على كهنة الديانة المجوسية وأطلقه من بعدهم العرب على الديانة
المزدية وكان للمجوس مدن خاصة لهم منها (أكتبان) وهي مدينة في نهاية حدود
الفرس، هذا وإن أصحاب الإسكندر أدركوا المجوس وهم بوظائف كهنوتية، ومن
المحتمل أن تكون (مجوس) من أصل طوراني دخلت في كلدة وعلى كل حال فهي
اسم علم لا يتغير، ذُكر في القرآن الشريف بلفظه فتأمل.
١٧- بِيَع، بيع مفردها: بَيعة، ذُكرت في قوله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ
بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ} (الحج: ٤٠) قال الشيخ رحمه الله: البيعة
فارسية مصرية اهـ. أما البَيْعة فهي من: بايعه مبايعة: إذا شرط معه على شيء أو
اتفق معه على أمر أو سلم له في أمر أو اعترف له بالرئاسة والولاية، فالبيعة محل
الاعتراف بأداء الفرائض الدينية من عبادة وصلاة، فهي كالمسجد أو الجامع من حيث
أداء الصلوات فيها، وقد ذكرت في المصرية (بيعا) وذلك في ورق أبوت المؤشر
عليها بعدد ١٠٢٢١ وهي المحفوظة في متحف إنكلترا، وفسرها الأثريون بالجبانة
ولكني أصرفها إلى معنى المعبد كما يفهم من سياق الكلام في الورقة المذكورة.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... أحمد كمال