للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


إشْكَال في بيت من الشعر

(س٣) من صاحب الإمضاء في لنجة (في خليج فارس) في ١٠ ربيع
الأول ١٣٤٠.
حضرة العلامة المِفضال الأستاذ الإمام المصلح الفهامة السيد محمد رشيد رضا
منشئ مجلة المنار لا زال مفيدًا للإسلام ومعينًا للأنام، المرجو بيان إعراب هذا
البيت، فقد وصلنا إليه في الأشموني في المدرسة الرحمانية، وعجزنا عنه؛ لأن
إعرابه ينافي معناه وبالعكس، فسألنا حضرة الوالد خليصكم عنه؛ فادعى أن فيه
تحريفًا، ولم نقتنع، فصدَّعنا حضرتكم؛ لتزيلوا الإشكال، ولم تزالوا كذلك:
وكائن في الأباطح من صديق ... يراني لو أُصبت هو المصابا
وقد راجعنا المواد التي عندنا كالصبان وحاشية ابن سعيد وشرح شواهد
الرضي وشرح العيني وشرح شواهد المغني - فلم نجد ما يشفي العليل، ويطفئ
الغليل، والمرجو أن تشرفوني بالجواب، فنحن من المحسوبين، ولم يزل حضرة
الوالد يحثنا على ذلك.
... ... ... ... ... ... ... ... من أسير إحسانكم
... ... ... ... ... ... ... ... محمد بن عبد الرحمن
... ... ... ... ... ... ... ... سلطان العلماء بلنجة
(ج) إذا كنتم لم تطَّلعوا على ما قاله ابن هشام في روايتَيْ البيت، ووجوه
إعراب الرواية المشكلة من المغني، فالعجب منكم كيف راجعتم فيما عندكم من
الكتب شرح شواهد المغني، ولم تراجعوا المغني نفسه أوَّلاً، وإذا كنتم قد اطلعتم
على ما في المغني - ورأيتم فيه أن في البيت روايتين وما ذكره في إعراب الرواية
المشكلة - فالعجب منكم كيف لم تكتفوا بما فيه، وما بعده قولٌ لقائلٍ؟ ! .
والمختار عندنا في البيت أن الرواية التي عني بنقلها النحاة ليشحذوا قرائحهم
بإعرابها غير صحيحة، بل هي من تحريف بعض الرواة وفاقًا لذوق والدكم السليم
وأن الرواية الصحيحة:
وكائنٌ بالأباطح من صديقٍ ... يراه إن أُصبت هو المصابا
أي إن أُصبت أنا يرى أنه هو المصاب؛ لأنه بصدق وُده أنزلني منه منزلة
نفسه، وما ينبغي لمن علم بنقل الروايتين أن يعرض عن الواضحة، ويضيع
الوقت النفيس في الرواية المشكلة، التي لا يمكن تطبيقها على القواعد، وفهم معنى
صحيح لها إلا بتكلف الاحتمالات البعيدة التي ذكرها مَن وقفوا أعمارهم لاستقصاء
أمثالها من الأغلاط أو الشواذ لأجل الإحاطة بفروع فن النحو ونوادره، وتقْيِيدِ
أوابده وشوارده.
وقد أورد صاحب المغني البيت في الكلام على (شرح حال الضمير المسمى
فصلاً وعمادًا) ، وهو في الباب الرابع (ص١٠٥، ج٢) .