للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


فتاوى المنار

أسئلة من بيروت
(س ٢٦ - ٣١) من صاحب الإمضاء
حضرة العالم العلامة والجهبذ الفهامة مولانا الأستاذ السيد محمد أفندي رشيد
رضا صاحب مجلة المنار الغراء - حفظه الله -.
(١) ما حكم الله تعالى ورسوله في رجل يُمضي وقتًا كل يوم في قهوة
عمومية، بها مسكرات، ولعب ميسر، ولعب بليارد، وغير ذلك، مع أنه لا
يتعاطى شيئًا من ذلك كله، وينكر ذلك بقلبه، بل قصده تمضية وقت، فهل يجوز
له الجلوس أم لا؟
(٢) وهل سماع الأدوار الغنائية من الرجال، وضرْب النساء على البيانو
والعود حرام أم لا؟
(٣) وهل الخمر نجسة، وما الأحاديث الصحيحة الواردة في نجاستها؟
(٤) وهل الإسبيرتو والبنزين نجسان أم لا؟
(٥) وهل صلاة الظهر بعد الجمعة واجبة، أم سنة، أم مستحبة؟ وهل
ورد في ذلك أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟
(٦) وهل يجوز المسح على الخف المقطع وعلى الجوارب؟ (ما يسمونها
العامة بالشرابات) الصوف والقطن أم لا؟
تفضلوا ببيان ما جاءت به الشريعة المطهرة، والله يتولى مثوبتكم.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... السائل
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... م. ط. ل
الجواب عن مسألة القعود مع مرتكبي كبائر المعاصي ومشاهدتهم:
قال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى
يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ
الظَّالِمِينَ * وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ *
وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} (الأنعام: ٦٨-٧٠) ...
إلخ، وقال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا
وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} (النساء: ١٤٠)
الآية.
هذا حكم الله فيمن يرى الباطل والمنكر، أو يسمعه من غيره، وهو أنه منهي
عن القعود مع أهله؛ لأن أقل ما في قعوده إقرار ما يرى، ويسمع، واحترام أهله،
والاستئناس به، وهو نوع من المشاركة فيه، وراجع تفسير الآيات في ص ٤٦٣
من جزء التفسير الخامس، وص ٥٠٣ من الجزء السادس، أو في المنار.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَن رأى منكم منكرًا فليغيره
بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) رواه
مسلم وغيره من حديث أبي مسعود البدري (رضي الله عنه) ، وقال صلى الله
عليه وسلم: (إياكم والجلوسَ بالطرقات، قالوا: يا رسول الله ما لنا بُدٌّ من
مجالسنا، نتحدث فيها، قال: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه، قالوا:
وما حقه؟ ، قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف،
والنهي عن المنكر) رواه البخاري ومسلم. والأحاديث في هذا كثيرة، وهي
واضحة المعنى، وقلما واظب أحد على مجالسة أهل المعاصي، والأنس بهم إلا
وشاركهم في معاصيهم، ولو بعد حين، وما يجده أولاً من إنكار القلب وتوبيخ
الضمير - الذي هو أضعف الإيمان - يزول بالتدريج، فليتقِ العاقل ربه، ولا
يَغْشَ مجالس المنكرات، ويجالس أهلها إلا لضرورة، وبقدر الضرورة إن وُجدت،
وتقطيع الوقت ليس بضرورة ولا حاجة صحيحة، بل الوقت أثمن ما يملك العاقل،
فعليه أن يصرفه فيما ينفعه في دينه أو دنياه، لا فيما يُعَدُّ وسيلة إلى إضاعتهما
جميعًا.
الجواب عن مسألة سماع الغناء وآلات الطرب:
مسألة السماع فيها تفصيل، وخلاف عريض طويل، وأكثر فقهاء المذاهب
المشهورة يكرهون سماع الغناء أو كثرته، ويحرمون معازف المزامير والأوتار،
والتحقيق أن الأصل فيها الإباحة، وأنها تعرض لها أحوال تكون بها فتنة، وذرائع
لمفاسد تكون بها محرمة أو مكروهة، وقد فصلنا القول فيها بذِكر أدلة الحاظرين
والمبيحين، وتمييز صحيحها من سقيمها، ووزن رواياتها بميزان الجرح والتعديل
في الجزئين الأول والثاني من مجلد المنار التاسع (من ص ٣٥ - ٥١ و٤ -١٤٧
وفي الصفحة الأخيرة منها خلاصة الفتوى في عشر مسائل، وله تتمة) ، وكشف
شبهات معترض في (ص ١٨٥) من المجلد السابع عشر.
الجواب عن مسألتي نجاسة الخمر والسبيرتو:
أكثر الفقهاء قالوا بنجاسة الخمر، وقال بعضهم بطهارتها، ومنهم ربيعة شيخ
الإمام مالك من علماء السلف، والقاضي الشوكاني، والسيد حسن صديق من فقهاء
الحديث المتأخرين، ولا يوجد حديث صحيح، ولا حسن مصرح بنجاستها، وقد
فصلنا القول فيها من قبل في المجلد الرابع (ص ٥٠٠ و٨٢١، وفي غيره، ومنه
ص ١٨٤، م ١٧) ، والسبيرتو لم يكن في عصر أئمة هذه المذاهب، ولكن
فقهاءها يقولون بنجاسته بناءً على أنه نوع منها أو مستخرج منها، وفي ذلك مباحث
طويلة فيما أشرنا إليه من فتوى المجلد الرابع، وما تبعها، ولدينا الآن فتوى من
الهند بنجاسة كل من الخمر والكحول (السبيرتو) سُئلنا عنها، ونجيب في جزء
تالٍ إن شاء الله.
صلاة الظهر بعد الجمعة:
(ج) صلاة الظهر بعد الجمعة بدعة، لم يرد فيها حديث صحيح، ولا
ضعيف، بل هي مسألة اجتهادية في مذهب الإمام الشافعي - رضي الله عنه - وقد
فصلنا القول فيها مرارًا (راجع فهارس المجلد السابع وما بعده) .
المسح على الخف المقطع والجوارب:
(ج) إذا تقطع الخف فلم يعد ساترًا للرجلين فلا يختلف الفقهاء في عدم
جواز المسح عليه؛ لأن علته سترهما مع مشقة نزعهما، وحكمته أنهما بالستر
يظلان طاهرتين نظيفتين، وكلتاهما تزول بهذا التقطع، والمسح على الجوارب
الساترة جائز، وقد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - كما رواه أحمد وأصحاب
السنن من حديث المغيرة بن شعبة، وصححه الترمذي، ويجد السائل هذا البحث -
وما يتعلق به - مفصلاً في تفسير آية الوضوء من سورة المائدة، وهو في الجزء
السادس من التفسير (ص٥) ، والمجلد السادس عشر من المنار (ص ٦٥٧ -
٦٦٥) .
***
استذلال مشايخ الطرق لأتباعهم
وتحكُّمهم في دينهم ودنياهم
(س ٣٦) من صاحب الإمضاء بالإسكندرية
حضرة صاحب الفضيلة العلامة السيد محمد رشيد رضا - حفظه الله -
بعد تقديم واجبات الاحترام لمقام فضيلتكم السامي
لا يخفى على مسلم اشتغالكم بالعلوم والمعارف، سيما ما هو خاص منها
بالشريعة الإسلامية السمحة، وما جبلتم عليه من كرم الأخلاق وطهارة النفس؛ ولذا
جئت إليكم بالسؤال الآتي - لا زلتم ملجأً لكل قاصد، ودليلاً لكل حائر، آمين -
وإني أستحلفكم بالدين الحنيف السمح إجابتي على هذا السؤال على صفحات أول
عدد يصدر من مجلتكم الغراء وهو:
(١) هل ورد نصٌّ شرعيٌّ يبيح لمشايخ الطرق أن يكلفوا المريدين أن
يقبِّلوا رِجْل شيخهم باطنًا وظاهرًا؟ !
(٢) وهل يجوز لشيخ أن ينهى أولاده أو دراويشه أن يتعلموا العلم؛ لأن
العلم - على زعمه - يوجد الكبر في النفس؟ ! ، وأن يمنع أحدهم أن يشتغل إلا
بمهنة واحدة، بمعنى أن النجار مثلاً لا يجوز له أن يشتغل بالحدادة، ولا للحداد أن
يمارس النجارة؛ لأن ذلك يحرم على زعمه، وأن هذا الشيخ حَتَّمَ على أولاده بأن
يذكروا الله ببعض أسماء الله الحسنى، مع ترك باقي أسمائه تعالى، وإذا سئل عن
تفسير آية أو حديث يفسر ما سئل عنه، وهو يدخن سيجارته مادًّا إحدى رِجليه، أو
كلتيهما معًا، وأن هذا الشيخ جمع له جمعًا عظيمًا من البسطاء وذوي القلوب
الضعيفة، وعمل له طريقًا، وهو يتجول من بلد إلى أخرى لتقويته، فهل هذا
الطريق شرعي؟
هذا هو السؤال وضحته لفضيلتكم ملتمسًا الإجابة عليه كما ذكرت، مع الشكر
والثناء؛ لأني في الحقيقة عامل مشتغل بالصناعة، ويهمني كثيرًا أمر ديني،
وفاتني أن أذكر لكم أن هذا الشيخ يزعم أن هذا الذكر مطابق للشرع، وأن الرسول-
صلى الله عليه وسلم - جمع جمعًا من أصحابه - رضوان الله عليهم - وذكر بهم
هذا الذكر. اهـ.
وختامًا تفضلوا بقبول مزيد احترامي.
... ... ... ... ... ... ... ... ... عبده منصور قنديل
(الجواب) :
إن من المصائب والنوائب أن يصل الجهل بضروريات الإسلام في مثل هذه
البلاد المصرية - إلى أن يحتاج بعض الناس إلى السؤال عن هذه الضلالات
والجهالات هل ورد فيها نص شرعي، وإن كان الغرض منه جعْله وسيلة إلى
إنكارها - كما نظن - عسى أن يهتدي بما يُنشر فيها من الإنكار بعض أولئك العوام
المساكين، الذين يصدقون كل مَن يتظاهر بالصلاح في كل ما يدَّعيه، ويسلمون له
كل ما يعزوه إلى الشريعة، ويحكيه عن الله تعالى وعن رسوله - صلى الله عليه
وسلم -، وهو يكذب في ذلك، ويختلق بغير علمٍ، ولا حياء من الله، ولا خوف
من مسلم يعرف ضروريات الدين أن ينكر عليه كذبه على الله ورسوله، وإفساده
على العامة دينهم، كالشيخ المشار إليه بهذا السؤال.
والعلماء الرسميون - الذين احتكروا رئاسة الدين بقوانين الحكومة - قلما
يُعنَى أحد منهم أقل عناية بأمر العامة ببحث أو سؤال، أو هدي وإرشاد، وأمر
بمعروف، ونهي عن منكر، وهم يعلمون ما عليه الناس، فإن ذُكر على مسمعهم
ما فشا في الناس من البدع المكفرة، والمفسقة حوقلوا، وتبرموا، وقالوا: آخر
زمان! ولكن إذا تصدى أحد لإرشاد العامة، وبيان حقيقة دينها لها، وقال: هذا
إيمان، وذاك كفر، وهذه سنة، وتلك بدعة، ورأوا له تأثيرًا في العامة - لا يعدم
من أكبرهم عمائم، وأطولهم لِحًى مَن يقوم في وجهه، وينتصر للعامة عليه! ، فإذا
ذكر بدع القبوريين ومنكراتهم - التي تعد بالعشرات والمئات - صاحوا في وجهه:
إنك تنكر زيارة القبور، وكرامات الأولياء! وإذا أنكر خرافات مشايخ الطريق التي
قلبوا بها الدين رأسًا على عقب- هاجوا عليه العامة: هذا مبتدع، أو معتزلي، أو
وهابي؛ ينكر كرامات الأولياء!! فبحماية استحباب زيارة القبور للرجال لأجل
تذكُّر الموت والآخرة - التي لم ينكرها وهابي ولا غيره - يبيحون للملايين من
النساء والرجال مئات من المعاصي المجمع على تحريمها، والتي تقوم الأدلة على
كون بعضها ردة عن الإسلام، وخروجًا عن الملة، ويا وَيْحَ مَن يصرح بهذا،
وبحماية كرامات الأولياء التي توسعوا فيها توسعًا تأباه سنن الله في خلقه وشرعه
لهداية عباده، يبيحون لأهل الطرق ولغيرهم من الدجالين والمعتوهين - مئات من
الخرافات المنفرة عن الدين، المشوهة لوجهه الجميل، وإن بعض هؤلاء المعممين
الرسميين لَيحتمون لهذه البدع والخرافات، ويغارون عليها غيرة لو بذلوا بعضها
للكتاب والسنة لما عم الجهل بهما، والإعراض عنهما العباد والبلاد، حتى إنهم
ليؤذون العالم التابع لرئاستهم، ويستعينون على أذاه بالحكومة، إذا هو دعا الناس
إلى السنة، وأنكر تلك البدع عليهم، كما فعلوا في دمياط غير مرة!
ذلك ما جرَّأ بعض دجاجلة العوام على انتحال مشيخة الطريق، والتصدر
لإرشاد الناس، بل على إغوائهم وإضلالهم بما يعجز عنه كل شيطان مريد، وماذا
عسى أن نقول في مثل هذا الدجال الصغير وإفساده إذا قسناه بكبار الدجالين، الذين
يعد أتباعهم بالملايين، ويقدسهم الألوف من العلماء المؤلفين، والشعراء الغاوين،
كالشيخ أحمد التيجاني الذي تُستباح بالانتماء إليه جميع الفواحش والمنكرات؛
لدعواه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضمن لكل مَن يدخل في طريقته الجنة،
وهو ما سنبينه في جزءٍ آخر.
وحسبنا في جواب هذا السؤال أن نقول بالإجمال: إن ما يدعيه هذا الدجال
كذب معلوم بالضرورة، وما يحمل عليه أتباعه إفساد لدينهم ودنياهم، فالدين لم
يشرع فيه تقبيل رجل أحد ولا يده، وفي تقبيل رجل أي إنسان ذل، تأباه عزة
الإيمان التي أثبتها الله لعباده المؤمنين، وتقبيل اليد ليس فيها لذاتها هذا المعنى من
الذل، ولكن لا يجوز أن يُفعل على أنه من الدين، ولكل أحد أن يشتغل بكل حرفة،
وكل صناعة، يرى له فيها ربحًا حلالاً، وليس لأحد أن يحظر عليه ذلك حظرًا
دينيًّا، ولا يقبل قول أحد في عبادة من ذكر أو غيره إلا بدليل يستند فيه إلى كتاب
الله أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - والسلف والمجتهدون معذورون فيما
اتبعوه بالاجتهاد من ذلك، ولا يعذر فيه مثل الرجل المسئول عنه، وكيف يُقبل قول
مَن بلغ منه الجهل والضلال أن ينهى أتباعه عن طلب العلم، الذي لا يصح بدونه
عبادة، وما ذلك إلا أن العلم هو الذي يفضحه، ويُظهر جهله وكذبه على الله
ورسوله مع سوء أدبه عند الكلام فيهما مادًّا رجليه، نافخًا دخانه، ولم يبين السائل
الذكر الذي حمل أتباعه على التزامه؛ لنعلم هل له أصل ما في السنة أم لا، ولكننا
نقطع بأنه لم يرد في السنة شيءٌ في التزام ذكر معين، والاستغناء به [عن] كل ما
سواه.
***
تزوج المسلمين بالكتابيات
(س ٣٧) من وكيل المنار في الأرجنتين السيد عبد الكريم عكره:
كتب إلينا وكيلنا المذكور يشكو من تزوج بعض المسلمين السوريين ببعض
نساء البلاد، ورغب إلينا أن نكتب في المنار تحذيرًا لهم من ذلك، لاعتقاده أنه غير
جائز شرعًا.
ونجيب عن هذا بأن نساء تلك البلاد كتابيات، ونكاح المُحْصَنَات (العفيفات)
منهمن جائز بنص سورة المائدة المحكمة، وعليه جمهور السلف والخلف، إلا أنه
نُقل عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - مَنْعه وَحِلّه، وعلى المنع الشيعة
الإمامية، وقيده بعض الفقهاء بمَن كُنَّ من سلائل أهل الكتاب قبل تحريف كتبهم،
وهذا من تدقيق بعض الشافعية، ونحن نعتقد أنه جائز بالنص، وأنه لا يحرم إلا
لسبب آخر يدخل في باب سد الذرائع، كأن يستلزم شيئًا من المفاسد المحرمة،
وأشدها أن يتبع الأولاد كلهم أو بعضهم الأم في دينها، إما بحكم قوانين تلك البلاد،
وإما لكون المرأة أرقى من زوجها علمًا، وعقلاً، وتأثيرًا، بحيث تغلبه على أولاده،
فتربيهم على دينها، وتعلّمهم عقائده، وعباداته، فيشبّون عليه، وإن من حكم حل
هذا النكاح أن ترى المرأة غير المسلمة ما عليه زوجها من الدين المعقول الموافق
للفطرة بعقائده، وعباداته، وآدابه، وأحكامه - فيجذبها ذلك إلى الإسلام، وإن
أكثر المسلمين في تلك البلاد من العوام، ولعلهم يرغبون في نساء شعبها؛ لأنهم
يرونهن فوقهم مكانة، ولا أدري كيف يكون حالهم معهن، فإذا كن يحترمنهم كما
يحترمن الرجل من أبناء بلادهن، وكانت عيشتهم معهن حسنة بالإحصان أي المنع
من الفسق، والاقتصاد، وتربية الأولاد مع جعْلهم تابعين لآبائهم في الدين - فيكون
هذا التزوُّج بهن حسنًا مفيدًا، وإلا فلا.