للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


فتاوى المنار

بيع الغائب وما ليس بمملوك
(س٧) ومنه: إذا اشترى تاجر بضاعة غير حاضرة من تاجر آخر أو
قومسيونجي ودفع له الثمن أو عربونًا على أن يسلمه إياها بعد شهرين حتى تحضر
من محل موردها، فباعها المشتري قبل حضورها واستلامها لتاجر آخر، وهكذا
بيعت لأشخاص كثيرين قبل حضورها، فهل هذا البيع مباح شرعي أم لا؟ وهل
يجوز لمن اشترى أن يبيعها بثمنها الأصلي أو بربح أو بخسارة للتاجر أو
للقومسيونجي الأول أم لا؟ تفضلوا ببيان ذلك لا زلتم هادين مهديين وللحق
ناصرين.
(ج) بيع البضاعة المملوكة الغائبة جائز شرعًا، وكذا بيع ما هو غير
مملوك إلى أجل إذا عينه بالوصف والقدر المانع للغش وهو الذي يعرف في الشرع
بالسَّلَم، وله شروط يسأل العلماء عنها من لا يعرفها إذا احتاج إليها، ولكن ورد في
حديث أبي هريرة عند مسلم مرفوعًا (من اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يكتاله) وفي
رواية (حتى يقبضه) وأخرى (حتى يستوفيه) وفي حديث عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده مرفوعًا (لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم
يضمن ولا بيع ما ليس عندك) رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة وصححه
الترمذي منهم وكذا ابن خزيمة، وفي الاحتجاج بحديث عمرو هذا خلاف، ولكن
هذا الحديث عنه قد صرح فيه بالسماع وبذكر جده الأعلى عبد الله بن عمرو
فالخلاف فيه ضعيف. والمراد (بالسَّلف) فيه القرض، إذا بايعه عليه لأجل النقص
من الثمن. قال النووي في شرح حديث مسلم المذكور آنفًا وما في معناه: وفي هذه
الأحاديث النهي عن بيع المبيع حتى يقبضه البائع، واختلف العلماء في ذلك فقال
الشافعي: لا يصح بيع المبيع قبل قبضه سواء كان طعامًا أو عقارًا أو منقولاً أو نقدًا
أو غيره، وقال عثمان البتي: يجوز في كل مبيع، وقال أبو حنيفة: لا يجوز في كل
شيء إلا العقار. وقال مالك: لا يجوز في المكيل والموزون، ويجوز فيما سواه
ووافقه كثيرون، وقال آخرون: يجوز في المكيل والموزون، ولا يجوز فيما سواهما،
ثم ذكر أن قول عثمان البتي شاذ.
وأقول: إن مذهب الشافعي ومالك هو الوسط المعتدل في المسألة إذا اقتصر
على منطوق الحديث، فإن نوطه هذا الحكم بالطعام ليس عبثًا، فإن قوت الأمة لا
يصح أن تعبث به الحيل التجارية ولا أن يكون من ذرائع الربا الذي حرمه الله فيه
وفي النقدين بالإجماع. والله أعلم وأحكم.
***
قتل الرجل امرأته
(س٦) من صاحب الإمضاء في الكويت:
إلى أستاذنا صاحب المنار، أدامه الله:
قتل رجلٌ زوجَه بلا مسوغ، وله بنت قاصر منها، أفتونا برأيكم في
القاتل، وما يكون الحكم عليه في مذهب الشافعي لا زلتم منارًا يُسْتَضَاءُ بكم.
... ... ... ... ... ... ... ... ... عبد الرحمن النقيب
(ج) جاءنا هذا السؤال فلم نعلم المراد منه، فإن المتبادر منه أن القتل كان
عمدًا، وحكم القاتل المتعمد معلوم من الشرع بالضرورة بشروطه إذا ثبت شرعًا،
فعسى أن يوضح السائل سؤاله، ويصرِّح بالأمر الذي يطلب بيان حكمه.