للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


وفاة عالم عربي علوي

كتب إلينا صديقنا العالم الرحالة الشهير السيد محمد بن عقيل من المكلا ما
يأتي:
وصل إليَّ تلغرف من حيدر آباد وتأخر بعدن لعدم الراكب، فوصل بالأمس،
وفيه الإعلام بوفاة عالم الشرق البدر المشرق المناضل عن النبي الأمين والأنزع
البطين والآل الميامين وعدو النواصب أجمعين: شيخنا السيد أبي بكر عبد الرحمن
ابن محمد شهاب الدين باعلوي - رحمه الله رحمة الأبرار، وألحقه بمن أحبهم،
وألحقنا بهم في عاقبته، وعظَّم فيه الأجر، وأحسن الخلف، وإنا لله وإنا إليه
راجعون.
توفي ليلة الجمعة قبيل العشاء الساعة ٧ زوالية ٩ الجاري، في حيدر آباد
الدكن ودفن بعد صلاة الجمعة، وكانت ولادته سنة ١٢٦٢ ويجمعها حروف:
(أبو بكر عبد الرحمن بن شهاب الدين باعلوي)
٢٣١ - ٢٥ - ٤٠٥ - ٥٢ - ٤٠٣ - ١١٩
وله مصنفات في الأصلين والفقه والأنساب والحساب والطبيعيات، والأدب
والمنطق، وغير ذلك فتاوى جمة وديوان شعر، وقد نُشر في الجرائد كثير من
قصائده، وبآخر النصائح الكافية له قصيدتان، وأرسلت إليكم عددًا منها وأظن أن
أخانا السيد عبد الله دحلان يكتب له ترجمة، وقد أفظعني نعيه {لله الأَمْرُ مِن قَبْلُ
وَمِنْ بَعْدُ} (الروم: ٤) وفيه خلف عن كل هالك وهو المستعان.
... ... ... ... ... ... في ٢٤ جمادى الأولى سنة ١٣٤١
(المنار) نعزي صديقنا الكاتب وسائر السلالة العلوية والبلاد الحضرمية
والهندية والأمة العربية عن هذا العالم المتفنن الذي خدم العلم واللغة العربية بكتبه
الكثيرة وبتدريسه وتعليمه وبتصحيحه لكثير من مطبوعات (مطبعة دائرة المعارف
النظامية) في حيدر آباد الدكن موطن إقامته، ومما بلغنا من ترجمته أنه هو الذي جدَّد
الدعوة إلى موالاة آل البيت ومعاداة أعدائهم في القديم والحديث، فراجت في علوية
الحضارمة المنتشرين في جزائر جاوه وما جاورها، فغلا فيها أناس غلوًّا لا يرضاه
الفقيد ولا تلاميذه المعتدلين حتى وجد فيهم من ضل بنزغات الباطنية التي دسوها
في الشيعة، لم يقفوا عند حد ما كانت به الشيعة شيعة ونشروا في ذلك رسائل عديدة
فنهد لهم آخرون يردون عليهم، وعظم الشقاق بين جوَّالي العرب في تلك البلاد من
الأفراد والجماعات وطفق بعضهم يطعن في بعض، وقد كان المسلمون هنالك
متفقين على تكريم السادة العلويين وتفضيلهم على غيرهم وإن كان يفوقهم علمًا
وتقوى، فصار لهم بعد ذلك أعداء وخصوم أقوياء. ولم نقف لهذه الدعوة على فائدة
توازي ذلك أو ترجح عليه، فعسى أن يشرح لنا صديقنا السيد عبد الله دحلان
في ترجمة الفقيد الكريم - تغمده الله برحمته - أو في مقال خاص، فقد كثرت علينا
الرسائل من الفريقين المتنازعين ونحن معرضون عنها؛ لأننا نكره الشقاق والتنازع
ونتحرى أن نكتب ما نرجو به إصلاح ذات البين، وهو على معرفة كنه الحال بين
الفريقين.