للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


تقريظ المطبوعات الجديدة

(الجامعة)
مجلة أدبية علمية اجتماعية تدعو إلى الجامعة الإسلامية والشرقية، تحت
رعاية الأستاذ الشيخ أحمد المكنى بأبي الكلام، وهي تصدر في كلكتا (الهند) باللغة
العربية ومديرها ومحررها المسئول الشيخ عبد الرازق اللكنوي. ومن مقاصدها
توثيق عرى التعارف والتعاون بين جميع البلاد الإسلامية والشرقية، ولا سيما
القطر الهندي والعالم الإسلامي والعربي، ومنها توحيد مساعي الأمم الشرقية في
عهد هذا الانقلاب الجديد، وتبادل الآراء بين المفكرين في مسألة الإصلاح
الإسلامي (ومنها) : (ترقية اللغة العربية ونشرها في البلدان الإسلامية العجمية،
ولا سيما الهند وأفغانستان؛ لأنها اللغة الملية العلمية المشتركة بين سائر العالم
الإسلامي، وعليها يتوقف انبعاث روح الحياة الاجتماعية) (ومنها) (إحياء
العلوم الإسلامية بالبحث والمذاكرة ونشر المقالات العلمية وجمع الأفكار والمباحث
لمحققي العصر) فنعمت المقاصد ونسأل الله أن يحققها، وأن ينجح سعي الجامعة
لها، ويسخر لها مَن يشد أزرها، ويقيها كيد السياسة وشرها، فما أخوفنا عليها
منها.
وكان مدير هذه المجلة قد كاشفنا بالعزم عليها ورغب إلينا أن نكتب لها مقالة
يجعلها في فاتحة الجزء الأول منها، فكتبنا له مقالة تناسب مشربها لم تدرك الجزء
الأول فنشرت في الثاني، وموضوعها التعارض بين الجامعة الإسلامية والجامعة
الجنسية ذات السلطان العظيم في هذا العصر، وما ينبغي للمسلمين من دفعه، وقد
كنا نعلم عند كتابتها أن سيثقل على أسماع كثير من إخواننا مسلمي الهند، ما فيها
من ذكر فشو العصبية الجنسية في متفرنجة الترك، ولكن الحق يجب أن يعلم وإن
ضرب الناس المثل في ثقله، وضل أكثرهم بجبن العلماء عن التصريح به، وأجدر
الناس بهذا التصريح من مرن على الكتابة مدة ربع قرن فيما يؤلم ملوك أمته
وأمراءها، والسواد الأعظم من رؤسائها وزعمائها، ومرشديها وعلمائها، وسائر
طبقات دهمائها، ولماذا؟ لأنه قام بما يجب عليه من فريضة الدعوة إلى الخير
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان ما فشا في المسلمين من المفاسد والبدع
التي أضاعت دينهم ودنياهم، بقصد الإصلاح ابتغاء لوجه الله تعالى، لا يخاف في
الله لومه لائم، ولا يرجو من أحد من الناس على ذلك نفعًا ولا يهاب ضرًّا، وقد
أوذي كثيرًا، ولم ينل من الفائدة الدنيوية من كل عمله أن ملك بيتًا يسكنه، وهو لو
شاء أن يتبع الأهواء أو أن يحابي في الحق لكان من كبار الأغنياء.
نشر المدير المقالة خائفًا وَجِلاً فقدم لها مقدمة تشبه الاعتذار للقراء، والدفاع
لما توقعه من الانتقاد، وقد انتقدها من لم يفهمها، ولا عرف من تاريخ كاتبها شيئًا،
فرَمَانَا بما ننهى عنه من العصبية الجنسية التي انفردنا دون جميع كتاب المسلمين
وعلمائهم بتكرار الصد عنها في جميع مجلدات المنار، ونحن أشد حبًّا للترك وأكثر
خدمة لهم من هذا المنتقد وأمثاله، ولكن حبنا حب علم وعقل وعمل وإيمان، لا
مجرد عاطفة وجدان، وكثيرًا ما كان ضرر هذه المحبة أكبر من نفعها، وإن من
أشد الجهل المظلم أن يبرئ أحد شعبًا برمته في هذا العصر من العصبية الجنسية،
ولا سيما شعب فَشَتْ فيه التربية والتعاليم الأوروبية، وسيعلم هو وأمثاله أن كل ما
قلناه في تلك المقالة هو الحق الصراح، ويعلم مدير الجامعة والأستاذ أبو الكلام أننا
لم نبرئ متفرنجة العرب مما أنكرناه على متفرنجة الترك لاطلاعهما على كثير مما
كتبنا في تحذير الجميع من ذلك، وأننا بدأنا بانتقاد الجنسية الوطنية المصرية مما
جعلها معارضة للجامعة الإسلامية، أيام كانت عصبية الجنسية اللغوية خفية في
الشعوب العثمانية بضغط السلطان عبد الحميد. وطالما بيَّنا وجه التوفيق بين
الرابطتين الإسلامية والوطنية واتقاء جناية العصبية على الدين، وهذا ما نحاوله
الآن. هذا وإن قيمة الاشتراك في (الجامعة) ٨٠ قرشًا مصريًّا وهي تطلب من مكتبة
المنار بمصر.
***
(قميص من نار)
قصة وطنية في نهضة الترك في الأناضول بعد الحرب العامة وضعتها
بالتركية (خالدة أديب) التي كانت ناظرة المعارف العامة للحكومة الوطنية في
أنقرة وترجمها بالعربية محب الدين أفندي الخطيب، وطبعها بمطبعته السلفية؛
ليري قراء الأمة العربية كيف تأسست هذه النهضة القومية. فأنقذت أهلها من براثن
المنية، بل مكنتهم من الأمنية التي تتوقف عليها كل أمنية، وهي تُطْلَب من المكتبة
السلفية ومن سائر المكاتب.
***
(سيرة مصطفى كمال باشا، وتاريخ الحركة التركية في الأناضول)
كتاب تناهز صفحاته السبعين مزين بالصور والرسوم، اشترك في تأليفه وجمع
مواده من اللغة التركية وبعض اللغات الإفرنجية أمين أفندي سعيد وكريم أفندي
خليل ثابت من محرري المقطم، أَوْدَعَاه ترجمة بطل الترك في هذا العصر وتاريخ
الحركة الوطنية في الأناضول الإدارية والحربية وما يتعلق بها من الأمور السياسية
كمعاهدة سيفر ومعاهدة باريس الأخيرة. ونجاح الحركة بإخراج الفرنسيس من
كليكية واستعادة الترك لها مع جزء من سورية بالاتفاق الذي عقدوه مع فرنسة ثم
التنكيل بالجيش اليوناني وسحقه وتطهير الأناضول من عيثه وفساده. وفي هذا
التاريخ الوجيز ما يجب أن يعتبر به كل شرقي، وثمنه خمسة قروش.