للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


نص البيان
الذي أصدره المؤتمر الفلسطيني السادس عن المعاهدة

(يعلن المؤتمر العربي الفلسطيني السادس المنعقد في يافا رفْضَ مشروع
المعاهدة التي نشرت حكومة فلسطين خلاصتها رسميًّا بتاريخ ٥ حزيران سنة
١٩٢٣ وفيها أن المعاهدة لم تبرم نهائيًّا، وأن المفاوضات بشأنها بين جلالة الملك
حسين وحكومة بريطانيا العظمى جارية حول تعديلات طفيفة لا تزال مجهولة، وأن
هذا المؤتمر الممثل للأمة العربية الفلسطينية يرفض كل مشروع لا يضمن لها في
وطنها المقدس مطالبها العادلة المعلومة التي ذكرت تأييدها المؤتمرات السابقة، من
استقلال البلاد وإلغاء السياسة الصهيونية الفاضحة، وقد أبرق المؤتمر بذلك إلى
صاحب الجلالة الهاشمية.
قبل هذا النص بعد حوار قليل، وبعد أن زيد في آخره ما اقترحه السيد عمر
البيطار من ذكر البرقية التي أرسلت لجلالة الملك حسين.
صورة البرقية
التي اقترح هذا المؤتمر إرسالها إلى الملك حسين
(حاولت حكومة فلسطين محو السرور الذي أحدثته برقية جلالتكم التبشيرية
بنشرها مشروع المعاهدة الإنجليزي المناقض للبرقية فاغتم الأهالي ودعت الحالة
لجمع مؤتمر عام بيافا فقرر عرض الشكوى لأعتابكم التي لا يمكن أن تقبل مثل هذا
المشروع، ولن يقبله فلسطيني ما دام فيه رمق حياة، واسترحام التفضل على أهل
البلاد بإطلاع ممثليها على ما يتعلق بهم في المعاهدة قبل إبرامه نهائيًّا، لازلتم للقضية
العربية بجميع وجوهها، وقبلة إجلال العرب واحترامهم) .
فَجَرَتْ مناقشة طويلة في نص البرقية وأخيرًا تقرر قبولها بعد أن اقترح السيد
عيسى العيسى زيادة (سيما فيما يتعلق بفلسطين) بعد جملة (مشروع المعاهدة
الإنجليزي المناقض للبرقية) وزيادة كلمة (الإسراع) بعد (الاسترحام) .
وقد أجاب الملك حسين عن هذه البرقية هذا نصها (حَسِّنُوا الظن) وكيف
يحسن العاقل الظن بالأمر المعلوم ضرره وفساده بالقطع؟
***
صورة البرقية التي أرسلها المؤتمر
إلى رئاسة الوزارة. وزارة الخارجية. وزارة المستعمرات. رئاسة مجلس
الأعيان. رئاسة مجلس النواب والجمعية الوطنية السياسية بلندن.
(قرر المؤتمرُ العربي الفلسطيني السادس المنعقد في يافا والممثل للأمة
رفضَ مشروع المعاهدة الإنجليزي المقدم لجلالة الملك حسين والذي نشرت حكومة
فلسطين خلاصته؛ لأنه مخالف للعهود المقطوعة للعرب ولحقوق الشعب الفلسطيني
ومطالبه بإلغاء السياسة الصهيونية وبتأسيس حكومة وطنية نيابية مستقلة. والأمة
ترفض كل مشروع لا يضمن جميع مطالبها وقد أبرقنا بهذا لجلالة الملك حسين) .
***
بيان اللجنة التنفيذية
للمؤتمر السوري الفلسطيني بمصر في شأن المعاهدة الذي نشرته الجرائد
(عقدت اللجنة التنفيذية للمؤتمر السوري الفلسطيني جلسة فوق العادة في ٢٠
يونيه ١٩٢٣ للبحث في حظ الوطن السوري من المعاهدة البريطانية العربية التي
قُررت مبدئيًّا، ولا تزال موضوع المفاوضة النهائية بين مكة ولندن. وبعد البحث
والمناقشة في الخلاصة الرسمية التي نشرتها حكومة فلسطين أخيرًا لهذه المعاهدة
تقرر بالإجماع إصدار البيان الآتي:
(إن المادة الثانية من هذه المعاهدة تنص على إصرار الحكومة البريطانية
على موقفها الحاضر في فلسطين. ولم تعترف لأهلها العرب فيها بحق من الحقوق
السياسية والقومية غير ما تضمنه صك الانتداب وعهد بلفور من الحق السلبي وهو
أن لا يجري في البلاد ما يجحف بحقوقهم المدنية والدينية.
وتنص أيضًا (على اعتراف صاحب الجلالة الهاشمية بالمركز الخاص الذي
لصاحب الجلالة البريطانية في العراق وشرق الأردن وفلسطين) .
(ثم إن المادة التاسعة عشرة تنص على أن لا شيء في المعاهدة يبطل أي
عهد تعهد أو قد يتعهد به في المستقبل أحد الفريقين المتعاقدين بمقتضى عهد جمعية
الأمم) .
(ولا يخفى أن المركز الخاص المشار إليه هو ما يسمونه الانتداب الذي كان
صاحب الجلالة الهاشمية يأبى الاعتراف به قبل هذه المعاهدة، فنصت على اعترافه
به فيها بأسلوب سياسي في كل من العراق وشرق الأردن وفلسطين كما انطوت على
الاعتراف ضمنًا بتجزئة سورية وبوعد بلفور في الوطن القومي لليهود) .
(ومن المعلوم أن مجلس جمعية الأمم قرر انتداب فرنسا على سورية
الشمالية - سورية ولبنان - وانتداب إنجلترة على سوريا الجنوبية - فلسطين وشرق
الأردن - فالانتداب باقٍ إذن على حاله لا تنقض هذه المعاهدة شيئًا منه) .
(فاللجنة التنفيذية للمؤتمر السوري الفلسطيني الأمينة على ما قرره مؤتمر
جنيف من طلب الاعتراف باستقلال البلاد وإعلان إلغاء الانتداب - تصرح بأن كل
اتفاق وكل معاهدة تتضمن ما يخالف هذه القرارات في الوطن السوري هي باطلة
في نظر أهله الذين لا يقبلون شيئًا يخالف حقوقهم الطبيعية والشرعية في تقرير
مصيرهم) .
(فبناء على هذا لا تكون هذه المعاهدة مقيدة أهل سورية وفلسطين ولبنان
بحق لأحد فيها، ولا بقيد تتقيد به الأمة، ولا بمخلية للطرفين المتعاقدين ولا للحلفاء
ولا للولايات المتحدة مما كانوا صرحوا به لأهل هذه البلاد في ضمن البلاد العربية
المنفصلة عن تركيا من حق الاستقلال وتقرير المصير.
... ... ... ... ... ... ((لتحيا سورية حرة مستقلة))

(المنار)
اتفقت الأحزاب والجماعات والصحف العربية على أن المادة الثانية من هذه
المعاهدة صريحة في استثناء فلسطين من الاستقلال الخادع المذكور في المادة الأولى،
وجاءت البرقية الإنكليزية من لندن مصرحة بهذا، ولكن الملك حسينًا لا يزال يصرح
في (قبلته) بما أراد أن يقنع به أهل فلسطين وغيرهم بخلاف ذلك. وهذا الإصرار
من أغرب وقائع عناده المعهود، وأغرب منه إصرار دعامة المأجورين في فلسطين
على وجوب الاعتصام بحبله غير المتين، بغير حياء ولا خجل من العالمين، وحجة
بعضهم أن نيته حسنة في هذا كما كانت حسنة في مساعدة الإنجليز في فتح بلادهم
وتهنئتهم به، فليهنأوا بسياسة حسن النية، وسياسة الصوفية؟!