للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد بن عبد العزيز المانع


وفاة رجل كبير ومحسن شهير
هو الحاج مقبل الذكير

بسم الله الرحمن الرحيم
إلى حضرة الأستاذ الإمام والفاضل الكامل الهمام العلامة النحرير والبدر المنير
السيد محمد رشيد آل رضا رضي الله عنه وأرضاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأزكى وأشرف تحياته (أما بعد) فإني
أعزيك بأخيك الطاهر النقي، والعابد التقي، الناسك البَرّ الأوَّاه، الباذل أمواله في
سبيل الله، طلبًا لرضاه: الحاج مقبل بن عبد الرحمن الذكير، طيَّب الله ثراه، وجعل
جنة الفردوس مثواه، فقد أجاب الداعي، ولبى المنادي، في اليوم السادس والعشرين
من شهر رمضان سنة ١٣٤١ فأول ليلة قدم فيها على ربه هي ليلة سبع وعشرين من
رمضان، وهي ليلة القدر على أصح الأقوال وأشهرها، وقد ناهز عمره ثمانين عامًا؛
وبارك الله في حياته، فلم تلهه دنياه عما فيه رضا الله، فكم ضعيف أعانه،
وملهوف أغاثه، ومعسر يسَّر عليه، وكان رحمه الله وصولاً لأرحامه، برًّا بأصحابه
وله الآثار الجميلة الجليلة في البحرين وغيرها من عمارة المساجد، وحفر الآبار،
والصدقات الجارية، وله من الصدقات على عموم المسلمين ما يعجز عن القيام بمثله
غالب الناس، فقد أنفق كثيرًا من أمواله على طبع الكتب العلمية وجعلها وقفًا لوجه
الله تعالى، فمنها: (إعلام الموقعين، وحادي الأرواح) لابن القيم في ثلاثة
مجلدات، (وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية) وبعض كتبه في خمسة مجلدات،
والتدمرية والخيده والصابونية وإثبات صفة العلو للإمام الموفق، ومنها شرح الإقناع
وشرح المنتهى في أربعة أجزاء كبار وكلاهما في فقه الحنابلة، وهذه طبعها ووقفها لمَّا
كان في جزيرة البحرين.
عاد قبل وفاته بسنوات قليلة إلى مسقط رأسه وبلد أسلافه عنيزة أم بلدان
القصيم ولم يُثنِ عزمه عن عمل الصالحات والمسابقة إلى الخيرات ما كان يكابده من
آلام الكبر وضعف الحواس، فبنى في بلده مدرسة ودارًا لمن يكون مدرسًا في تلك
المدرسة وأمر أن يطبع على نفقته كتاب (اللطائف) لابن رجب (والبحور الزاخرة)
للسفاريني وقد بوشر بطبعهما في الهند، فجاءت المنية قبل تمام الأمنية، ولنا في
ذريته وأقاربه عظيم الأمل أن يسيروا على منهاجه؛ لأنهم أهل بيت راسخ في
المجد، عريق في الكرم، وكان رحمه الله سلفي الاعتقاد محبًّا لنشر السنة، وقد قرأ
طرفًا من فقه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في أوائل عمره فرحمه الله تعالى
برحمته الواسعة وأعظم فيه الأجر {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة: ١٥٦)
تسليمًا لأمر الله ورضًا بقضائه، وحسبنا الله وكفى. وصلى الله على سيدنا محمد
وآله وسلم. ٢٤ شوال سنة ١٣٤١ هـ
... ... ... ... ... ...
... ... ... ... ... ... ... ... ... كتبه
... ... ... ... ... ... ... محمد بن عبد العزيزالمانع
(المنار) نسأل الله تعالى أن يبارك في عمر أخينا الناعي قاضي قطر العادل،
وأن يتغمد أخانا المنعي برحمته ورضوانه ويجمعنا به {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ
مُّقْتَدِرٍ} (القمر: ٥٥) وأن يحسن عزاء أهله وولده، ويوفقهم لاقتفاء أثره.