للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


حكم الصائم الذي يغطس في الماء

(س ٢٧) من صاحب الإمضاء في جزيرة البحرين
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة الأستاذ الفاضل مولانا السيد محمد رشيد رضا أدام الله وجوده للمسلمين
آمين.
بعد تقبيل أناملكم الكريمة. نعرفكم أنه صرَّح لنا بعض الأستاذة هنا بأن
الصائم إذا غطس في الماء، صيامه صحيح ولا يفطر، فكان عندنا شك من ذلك
فنلتمس من فضيلتكم أن ترشدونا عن ذلك أدامكم الله ذخرًا لمحبيكم.
... ... ... ... عبد الله المزروع ومحمد يوسف فخرو
(ج) قال صاحب المغني من علماء الحنابلة ما نصه:
(فصل) ولا بأس أن يغتسل الصائم؛ لأن عائشة وأم سلمة قالتا: نشهد
على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كان ليصبح جنبًا من غير احتلام ثم يغتسل
ثم يصوم. متفق عليه. وروى أبو بكر بإسناده أن ابن عباس دخل الحمام وهو
صائم، هو وأصحاب له في شهر رمضان.
فأما الغوص في الماء فقال أحمد في الصائم ينغمس في الماء: إذا لم يخف أن
يدخل في مسامعه، فإن دخل في مسامعه فوصل إلى دماغه من الغسل المشروع في
المضمضة والاستنشاق من غير إسراف ولا قصد فلا شيء عليه كما لو دخل إلى حلقه
من المضمضة في الوضوء، فإن غاص في الماء أو أسرف أو كان عابثًا فحكمه حكم
الداخل إلى الحلق من المبالغة في المضمضة والاستنشاق الزائدة على الثلاث، والله
أعلم.
وقال الشمس الرملي من فقهاء الشافعية في نهاية المحتاج عند قول المنهاج:
(فلا يضر وصول الدهن بتشرب المسام ولا يضر الاكتحال وإن وجد طعمه بحلقه)
ما نصه: كما لا يضر الانغماس في الماء وإن وجد أثره بباطنه. اهـ. وناهيك
بدقة الشافعية وتشديدهم في تعريف الصوم، وعندنا أن أحسن تعريف شرعي
للصوم قول صاحب الهداية من الحنفية: هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع
نهارًا مع النية. والانغماس في الماء ليس شربًا ولا نهي عنه بخصوصه ولا هو
مظنة لدخول الماء إلى الجوف أكثر من المضمضة المشروعة في الصيام، ودخول
الماء إلى الجوف من الأذن لا يسمى شربًا وهو لا من الأفعال الاختيارية التي تفعل
بقصد ولا فائدة منه في نقع الغلة أو إزالة الظمأ فهو ليس منافيًا لحقيقة الصيام ولا
لمقصده، وإنما البحث فيه من التنطع المذموم شرعًا، والله أعلم.