للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الوثائق الرسمية في المسألة العربية

بلاغ سلطان نجد [*]
لمن في مكة وضواحيها من سكان الحجاز، الحاضر منهم والباد.
نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو رب هذا البيت العتيق، ونصلي ونسلم على
خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم.
(أما بعد) فلم نقدم من ديارنا إليكم إلا انتصارًا لدين الله الذي انتهكت
محارمه، ودفعًا لشرور كان يكيدها لنا ولديارنا من استبد بالأمر فيكم قبلنا.
وقد شرحنا لكم غايتنا هذه من قبل، وها نحن أولاء بعد أن بلغنا حرم الله
نوضح لكم الخطة التي سنسير عليها في هذه الديار المقدسة؛ لتكون معلومة عند
الجميع فنقول:
(١) سيكون أكبر همنا تطهير هذه الديار المقدسة من أعداء أنفسهم الذين
مقتهم العالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها بما اقترفوه من الآثام في هذه
الديار المباركة وهم (الحسين وأنجاله وأذنابهم) .
(٢) سنجعل الأمر في هذه البلاد المقدسة - بعد هذا - شورى بين المسلمين، وقد
أبرقنا لكافة المسلمين في سائر الأنحاء أن يرسلوا وفودهم؛ لعقد مؤتمر
إسلامي عام، يقرر شكل الحكومة التي يرونها صالحة لإنفاذ أحكام الله في هذه
البلاد المطهرة.
(٣) إن مصدر التشريع والأحكام لا يكون إلا من كتاب الله ومما جاء
عن رسوله عليه الصلاة والسلام، أو ما أقره علماء الإسلام الأعلام بطريق القياس
أو أجمعوا عليه مما ليس في كتاب ولا سنة، فلا يحل في هذه الديار غير ما أحله
الله ولا يحرم فيها غير ما حرمه.
(٤) كل من كان من العلماء في هذه الديار أو من موظفي الحرم الشريف
أو المطوفين ذا راتب معين فهو له على ما كان عليه من قبل، إن لم نزده فلا
ننقصه شيئًا، إلا رجلاً أقام الناس عليه الحجة أنه لا يصلح لما هو قائم عليه، فذلك
ممنوع مما كان له من قبل، وكذلك كل من كان له حق ثابت سابق في بيت مال
المسلمين أعطيناه حقه ولم ننقصه منه شيئًا.
(٥) لا كبير عندي إلا الضعيف حتى آخذ الحق له، ولا ضعيف عندي
إلا الظالم حتى آخذ الحق منه، وليس عندي في إقامة حدود الله هوادة، ولا يقبل
فيها شفاعة، فمن التزم حدود الله ولم يتعدها فأولئك من الآمنين، ومن عصى
واعتدى فإنما إثمه على نفسه ولا يلومن إلا نفسه، والله على ما نقول وكيل وشهيد
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل السعود

***
(بلاغ من علماء الحرم المكي الشريف) [**]
في اتفاقهم مع علماء نجد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
من علماء حرم الله الشريف وأئمته الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي، والشيخ
عمر باجنيد أبي بكر، والشيخ درويش عجيمي، والشيخ محمد مرزوقي، والشيخ
أحمد بن علي النجار، والشيخ جمال المالكي، والشيخ عباس المالكي، والشيخ
حسين بن سعيد، محمد بن سعيد عبد الغني، والشيخ حسين مفتي المالكية، والشيخ
عبد الله حمد، والشيخ عبد الستار، والشيخ سعد وقاص، والشيخ عمر بن صديق
خان، والشيخ عبد الرحمن الزواوي، إلى من يراه من علماء الحكومات الإسلامية
وملوكهم وأمرائهم.
(أما بعد) فقد اجتمعنا نحن المذكورين مع مشايخ نجد حين قدومهم إلى
الحرم الشريف مع الإمام عبد العزيز حفظه الله، وهم: الشيخ عبد الرحمن بن عبد
اللطيف، والشيخ عبد الله بن حسن، والشيخ عبد الوهاب بن مزاحم، والشيخ عبد
الرحمن بن محمد بن داود، والشيخ محمد بن عثمان الشاوي، والشيخ مبارك بن
عبد المحسن بن باز، والشيخ إبراهيم بن ناصر بن حسين.
فجرى بيننا وبين المذكورين المحترمين مباحثة، فعرضوا علينا عقيدة أهل
نجد وعرضنا عليهم عقيدتنا، فحصل الاجتماع بيننا وبينهم بعد البحث والمراجعة
في مسائل أصولية:
منها أن من أقر بالشهادتين وعمل بأركان الإسلام الخمسة ثم أتي بمكفر - ينقض
إسلامه - قولي أو فعلي أو اعتقادي، أنه يكون كافرًا بذلك يستتاب ثلاثًا فإن تاب
وإلا قتل.
(ومنها) من جعل بينه وبين الله وسائط من خلقه يدعوهم ويرجوهم في
جلب نفع أو دفع ضر، ومن طلب الشفاعة من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله أن
ذلك شرك، فإن الشفاعة ملك لله ولا تطلب إلا منه، ولا يشفع عنده أحد إلا بإذنه
كما قال تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} (البقرة: ٢٥٥) وهو لا
يأذن إلا فيمن رضي قوله وعمله كما قال تعالى: {وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى} (الأنبياء: ٢٨) ، وهو لا يرضى إلا التوحيد والإخلاص (ومنها) تحريم البناء
على القبور وإسراجها، وتحري الصلاة عندها، وأن ذلك بدعة محرمة في الشريعة،
(ومنها) أن من سأل الله بجاه أحد من خلقه فهو مبتدع مرتكب حرامًا (ومنها)
أنه لا يجوز الحلف بغير الله لا الكعبة ولا الأمانة ولا النبي ولا غير ذلك؛ لقول
النبي صلى الله عليه وسلم: (من حلف بغير الله فقد أشرك) .
فهذه المسائل كلها لما وقعت المباحثة فيها حصل الاتفاق بيننا وبين المذكورين،
ولم يحصل خلاف في شيء، فاتفقت بذلك العقيدة بيننا معاشر علماء الحرم
الشريف وبين إخواننا علماء أهل نجد - نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه
ويرضاه آمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم.
***
الإنذار البريطاني للملك حسين بن علي
هذا نص الإنذار الذي سلمه قائد المدرعة البريطانية فورن يوم ٢٨ مارس إلى
الملك حسين كما نشر في المقطم:
(إلى جلالة الملك حسين من وكيل خارجية بريطانيا العظمى) :
تبلغت حكومة جلالة ملك بريطانيا أن عظمة سلطان نجد هيأ قوة لمهاجمة
(العقبة) ويفهم من هذا بأن الباعث هو جلالتكم وحكومة الحجاز التي جعلت مركز
معان والعقبة بحالة عسكرية ضد ابن السعود، ولا يخفى أن حكومة جلالة ملك
بريطانيا مسئولة عن الأمن العام بفلسطين وشرق الأردن مع معان التي قعد تحت
انتدابها، فعندما أتيتم إلى العقبة كلفت حكومة جلالة الملك علي والأمير عبد الله
بتعيين الحدود الفاصلة بين الحجاز والشرق العربي.
ومع ذلك رأت العظمة البريطانية بأن المثابرة على المذاكرة بمثل هذه الأوقات
الحرجة غير ممكنة بالنظر لحالة الحجاز الراهنة، وعليه فقد أجلت حكومة بريطانيا
المذاكرة في هذا الموضوع لفرصة أخرى.
ولكن هناك نقطة متخذة من قبل جلالة ملك بريطانيا، ولا يمكنه أن يتساهل
بها وهي: أن يبقى أو يسمح بصورة ما بدوام الحالة الحاضرة؛ ولذلك بدأت
بإظهار سلطة حكومة الشرق العربي في الأماكن التي هي مسئولة عنها أمام جمعية
الأمم، وهي تحتوي على معان والعقبة، وتدعوكم أيضًا لمغادرة العقبة؛ لكي لا
تكونوا سببًا لحصول مشاكل جديدة بين بريطانيا وسلطان نجد.
وفي هذه المناسبة تصر بإلحاح على وجوب مغادرتكم العقبة قائلة: لا يمكنها
أن تسمح لكم بالبقاء أكثر من ثلاثة أسابيع) اهـ.
وقد أجاب حسين عن هذا جوابًا طويلاً افتتحه بإثبات إخلاصه لحكومة
بريطانية كعادته، ولكنه زعم أنه لا يطيع الإنذار إلا بشروط، ثم أطاعه بغير شرط
فأرسلته إلى قبرص، ووقع عليه ما اختاره لنفسه حين طلب أن تختار له ولأولاده
بلدًا يقيمون فيه إذا كانت غير راضية عن عمله في الحجاز، كما بيناه مرارًا بالنقل
عن جريدة القبلة.
***
إلحاق منطقة العقبة ومعان الحجازية
بمنطقة شرق الأردن البريطانية
(صورة الإرادة من جلالة الملك علي المعظم ملك الحجاز بتاريخ ٢٥ ذي
القعدة سنة ١٣٤٣ إلى والي معان بخصوص تسليم العقبة ومعان إلي حكومة الشرق
العربي) .
تقرر بين جلالة الملك علي وسمو الأمير عبد الله ما يأتي:
أ - التصريح بسلامة الشرق العربي.
ب- عدم إزعاج جلالة الخليفة الأعظم (؟) نظرًا لمقامه في العالم العربي
والإسلامي: يعني لا يجري الاستلام إلا بعد تشريف جلالته لجدة.
ج- لا يجري التسليم إلا بعد أن تصدر الأوامر لموظفي ولاية معان بذلك.
د- عدم التعرض لمناقلات الحجاز الحربية مطلقًا.
هـ - عدم التعرض لمناقلات الخط الحجازي الحاضرة.
و إعطاء الحرية للحكومة بنقل جندها وممتلكاتها إلى أي محل تريد قبل
الاستلام وبعده.
وقد زاد جلالة الملك علي بعض مواد أيضًا، وأمر جلالته بأنه عند مجيء
سمو الأمير عبد الله إلى معان تعتمد أوامره، وتنفذ وإليك المواد المذكورة.
أ- تبقى جنود الخط الحجازي التابعون لمحافظة الخط والقطارات تحت قيادة
قائدهم، وتحت نظرة ناظر الخط الحجازي.
ب - تبقى لا سلكي معان بمعان؛ لأجل المخابرة مع الخط الذي تظل إدارته
على حكمها.
ج- على ناظر الخط الحجازي تقديم دفتر بموجود جند الخط الحجازي من
معان إلى مدائن صالح.
د- ترسل السيارات بالباخرة رضوى إلى جدة.
(المنار)
هذا ما نشرته جريدة المقتبس لمكاتبها في عمان تحت عنوان (وثيقة رسمية) ،
ونشر مثله في غيرها، ثم نشرت هذه الجريدة وغيرها ما ترتب على الاتفاق بما
نصه:
معان والعقبة - أصدر سمو الأمير عبد الله المعظم الإرادة الآتية:
نظرًا لتنسيب صاحب الجلالة الهاشمية الملك علي المعظم تلك البلاد المقدسة
الحجازية أيده الله وأدام نصره ضم ولاية معان والعقبة إلى إمارتنا اقتضى إصدار
إرادتنا إليكم - الخطاب لرئيس النظار - إعلامًا بذلك مع الشكر الدائم لجلالته
الملوكية الهاشمية منا ومن شعبنا وحكومتنا.
تشكيلات معان - سافر إلى معان قبل العيد سمو الأمير وبمعيته رئيس أركان
حرب الجيش العربي ورجال المعية وفئة الحرس، وسافر إلى معان حضرة رئيس
النظار وبعض الضباط والأركان والكتائب النظامية، وقد احتفل في معان بإعلان
انضمام ولاية معان إلى إمارة الشرق العربي، ورفع علم الإمارة الجليلة عليها، وقد
بوشر إجراء التشكيلات الجديدة فيها، وأبقى غالب باشا حاكمًا عليها اهـ.
(المنار)
ليعتبر العالم الإسلامي بأعمال هؤلاء الخونة المفتونين بلقب ملك وأمير! !