للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود


منشور عام [١]

من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل السعود إلى إخواننا المسلمين في
مشارق الأرض ومغاربها.
الحمد لله الذي لا إله إلا هو: والصلاة والسلام على رسوله محمد الشفيع
المشفع يوم المحشر (وبعد) :
فقد تفاوضت أنا والوفد الهندي الموفد من جمعية الخلافة الهندية وجمعية
العلماء في المسائل التي يهم المسلمين الاطلاع عليها، والوقوف على حقيقة أفكارنا
تجاهها، وكان رائد الجميع الإخلاص في العمل، والصراحة في القول، والنصح
لله ولرسوله وللمسلمين، وإني أحمد الله على أن انتهى البحث في جميع المسائل
التي دارت المفاوضة فيها.
وإني دحضًا لما يفتريه أعداء الحق ونصراء الباطل ممن يستغلون التفرقة بين
المسلمين، ويحاولون أن يطفئوا نور الله بسعيهم الباطل للتمويه على قلوب السذج
من المسلمين الذين يجهلون حقيقة ما نحن عليه، أعلن ما يأتي {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ
عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيِيَ عَنْ بَيِّنَةٍ} (الأنفال: ٤٢) .
(١) أشكر الشعوب التي وقفت تجاهنا موقف المدافع عن الحق، وأشكر
الشعب الهندي خصوصًا على موقفه تجاه العرب وقضيتهم في الوقت الذي اشتغل
العرب فيه بالمشاحنات والمخاصمات، ونسوا واجبهم نحو دينهم ووطنهم، وإني
أشكر أهل الهند؛ لأنهم كانوا أول من لبى الدعوة، فجزاهم الله عنا وعن الإسلام
خير الجزاء.
(٢) إني لا أزال عند قولي فيما دعوت العالم الإسلامي إليه: من وجوب
عقد مؤتمر عام ينظر في الأمور التي تهم سائر المسلمين في الحجاز من إصلاح
الطرق وتأمينها، وتوفير وسائل الراحة لكل وافد، وتسهيل المواصلات بقدر ما
يمكن، وبذلك نتحمل نحن وإياهم مسئولية إدارة الحجاز، وستجدد الدعوة لهذا
المؤتمر الإسلامي متى تمهدت وسائل المواصلات.
(٣) إننا نحافظ على استقلال الحجاز الاستقلال التام محافظتنا على أرواحنا،
وإننا لا نسمح أن يكون لغير المسلمين أي نفوذ فيه، محافظة على ديننا وشرفنا.
(٤) إن الشريعة الإسلامية هي القانون العام الذي يجري العمل على وفقه
في البلاد المقدسة، وإن السلف الصالح وأئمة المذاهب الأربعة هم قدوتنا في السير
على الطريق القويم، وسيكون العلماء المحققون من جميع الأمصار هم المرجع لكل
المسائل التي تحتاج إلى تمحيص ونظر ثاقب.
(٥) إني أؤكد لكم القول: إن المدينة المنورة لا تزال حرمًا آمنًا لا يصح
أن يحدث فيه حدث من قتل أو سلب أو نهب، وصونًا لشرفها، اكتفيت بحصارها،
على ما في ذلك من طول وقت وخسائر مالية، وإني أستطيع بحول الله وقوته أن
أفتحها في ساعة واحدة، ولكني حريص على سلامة البلاد والعباد، وإني مشدد
الأوامر على الجنود ألا يهاجموا حرم المدينة بأي صورة، ولا يدخلوها حتى يستسلم
العدو، وأن ما فها من المباني والمآثر يكون العمل فيه على ما تقدم في المادة
السابقة.
إن أعداءنا يشيعون أننا إذا استولينا على المدينة نهدم روضة الرسول صلى
الله عليه وسلم، وحاشا أن تحدث نفس مسلم بذلك، إني أفتديها بنفسي وولدي
ومالي ورجالي، وإني لا أجد فرقًا بين ما حرم الله ورسوله من حرم مكة والمدينة،
فإنه صلى الله عليه وسلم حرم ما بين لابتيها، كما حرم سيدنا إبراهيم حرم مكة -
وأسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، ٢٨ ذي الحجة سنة ١٣٤٣.

(المنار)
قد أجمع العارفون على أن النجديين لو واصلوا زحفهم بعد كسر جيوش الملك
حسين في الطائف والهدوكرا لاستولوا على مكة وجدة وسائر الحجاز بدون قتال؛
لأنه لم يبق وراء تلك القوة قوة فيه للملك حسين، ولاستولوا على كنوزه كلها،
ولكن السلطان عبد العزيز يكره سفك الدماء، ويتقي القتال في الحرم تدينًا، فأمر
بوقف جيشه فوقف حتى جاء بنفسه ودخل مكة مع جيشه محرمًا بالعمرة، ثم تأنى
حتى مكن حسينًا وأولاده من تحصين جدة، وترك الزحف على المدينة إلى هذا
العام، فأمر بحصر حامية الشريف علي فيها، وأصدر هذا المنشور؛ ليعلم العالم
الإسلامي بغرضه الشريف، وليحتاط لبهتان الشريف علي، ويتقي اتهامه بضرب
المدينة أو حرمها المنيع لو دخلها فاتحًا، بل يستحل علي وقواده فعل ذلك؛ ليتهموا
الوهابيين به، كما فعل والده إذ أمر بضرب الكعبة المشرفة بالنار، واتهم بذلك
الترك عندما قاتلهم بمكة.
((يتبع بمقال تالٍ))