للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الإسلام في جاوه!!

نقلت جريدة الوفاق العربية عن جريدة (هندياباروا) التي تصدر في (بتاوي)
عاصمة جاوه الهولندية بلغة البلاد نبأً غريبًا مغزاه: أن الحكومة الهولندية قد بلغ
من اضطهادها للمسلمين أن تراقبهم في صلاتهم، وتجعلها متوقفة على إذنها، ذلك
أن (ألاسستين رصدين) حاكم مدينة جكجه، دعا إليه الزعيم المسلم الحاج فخر
الدين رئيس الجمعية المحمدية وبعض أعضائها، وناقشهم الحساب على إقامتهم
لصلاة العيد وخطبته في زكاة الفطر، وقال لهم: إنه كان يجب عليهم أن يطلبوا
رخصة من الحكومة بالاجتماع للصلاة وإلقاء الخطبة، وقد ذكرت الجريدة المحاورة
التي دارت بين الحاكم ورئيس الجمعية بالتفصيل، ثم علقت عليها تعليقًا قالت فيه:
لماذا لا تعارض الحكومة المبشرين المنتشرين في البلاد والشوارع، وهم يعنون
بدعوة التبشير؛ لتنصير المسلمين، ويخطبون حيث شاؤوا، وطالما أغووا العامة،
وأدخلوا المئات من المسلمين في النصرانية.
ثم قالت (الوفاق) : إيه أيها الإخوان إنني أشاطركم الحزن بصفتي مسلم،
{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} (يوسف: ١٨) ، ولا أظن أن مثل
هذه الحادثة جرت في عموم الأقطار الإسلامية حتى في أوربا، بل لا تستطيع
الدول الغربية منع المسلمين الصلاة، أو تشترط عليهم طلب الرخصة بها، لما
يترتب على ذلك من غليان شعور المسلمين والتأثر بعاطفة الدين، ومقابلة
الدول الحرة الإسلامية ذلك بالمثل، والتداخل في أمور دينهم بالقوة.. . إلخ.
وأما (المنار) فيقول: إن دول أوربا لا تحسب للدول الإسلامية حسابًا، ولا
تخاف لصلاة أحد من المسلمين في البلاد الأوربية عاقبة ولا مآبًا، فإن أصحاب
المستعمرات الإسلامية منهن متواطئات على السعي لإرجاع المسلمين عن الإسلام
بالتبشير والتعليم، وبالظلم والاضطهاد، ومن رفع رأسه وشكا من سوء معاملتهم
فليس له جزاء إلا السيف والنار، وخراب الديار، ولكن بعضهم يختار في ذلك
سياسة التحذير والخداع، فهل يعتبر المسلمون بذلك، ويتداركوا الخطر بالعلم
والعمل والتعارف والاتحاد، قبل أن يخرج من أيديهم كل ما بقي فيها إلى الآن؟!