للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الأخبار التاريخية
(مستقبل الإسلام في الصين)
نشر مبعوثو البروتستان من الإنكليز تقريرًا ضافيًا عن أعمالهم في الصين
جاء فيه كلام عن حالة الإسلام في مملكة ابن السماء، فبعد أن ذكر كاتب التقرير
تاريخ دخول الإسلام في الصين، وكيف كان انتشاره، حتى صار المسلمون هناك
أكثر عددًا من سكان أكبر مملكة إسلامية - قال:
وإذا نظرنا إلى حالة المسلمين في الصين نجدهم على ثروة وسعادة يتمتعون
في ضروب الراحة والهناء، شديدو التمسك بدينهم، فلا تحولهم عنه الجبال،
ولا تغيرهم الوعود والآمال؛ إذ هم يعتقدون اعتقادًا لا يشوبه أدنى ريب أن
مستقبل البلاد الصينية لهم، وأنهم سيرفعون مجدها يومًا من الأيام.
ومن الكُتَّاب الذين كتبوا في هذا الموضوع البروفسور فاسليوف فهو يعتقد مثل
ذلك، كما صرح به في كتابه؛ ولذلك هو يخشى عواقب ذلك الانقلاب المنتظر على
أوروبا.
قال الكاتب: والحقيقة أن الظن ليس من الأمور البعيدة؛ لأن المسلمين في
الصين أرقى بكثير من البوذيين وغيرهم، تبعًا لترقي دينهم الذي يرشدهم إلى
آداب وفضائل تميزهم عمن عداهم، فضلاً عن اتحاد كلمتهم، وقوة جامعتهم،
وتراهم يهتمون كثيرًا بالزراعة والتجارة والفنون الحربية، أكثر من اهتمامهم
بالعلوم والمعارف، ولهم شهرة فائقة في خِلال الصدق والأمانة والوفاء، فقوم هذه
صفاتهم، وعددهم ليس بالقليل، لا يبعد أن يكون لهم مستقبل هذه البلاد التي أخنى
الزمان على سكانها الأصليين، وقضى الله عليهم بالضعة والهوان، والمستقبل
كشاف لما تطويه سجلات الأيام.
ثم انتقل الكاتب إلى شرح عوائد المسلمين في الصين واختلافها عن عوائد
غيرهم من السكان، ثم تكلم عما يعتقده الصينيون في أبناء وطنهم من المسلمين،
ومما قال: إن البوذيين لا ينفرون من المسلمين، بل يألفونهم، ويقولون: إنهم على
دين الفيلسوف الصيني القديم كونفوشيوس أو هم لا يختلفون عن مذهبه غير قليل.
وأما علاقتهم بالحكومة، فهم مخلصون للإمبراطور، لا يميلون إلى حزب من
الأحزاب، وجل مآربهم تقوية شأنهم، وازدياد ثروتهم، وما داموا على هذا الدأب
فإنَّ ظنَّ البروفيسور فاسليوف سيصدق فيهم، ويصبحون يومًا ما القابضين على
أزِمَّة الأمور في مملكة ابن السماء.
ثم قال الكاتب: والخلاصة أن الإسلام في الصين عقبة دون تقدم المسيحية
هناك، وأن المسلمين لا يفتئون يرشدون الناس إلى دينهم، ويُرَغِّبونهم فيه بكل
وسائل الترغيب، ولكونهم من أهل البلاد، ولغتهم لغتها، فهم يعرقلون مساعينا
دائمًا؛ لأنهم ينافسوننا، وكثيرًا ما يميل الصيني إلى اعتناق النصرانية، ثم لا نلبث
أن نراه مسلمًا، يصلي مع المسلمين في مساجدهم، وهذا ما يحدو بنا إلى القول:
بأن الإسلام سيكون له المستقبل العظيم في البلاد الصينية. اهـ ملخصًا.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... (المؤيد)
***
(أخبار فرنسية وإنكليزية)
من أهم الأخبار الخارجية أن محكمة النقض والإبرام في فرنسا قررت إعادة
دريفوس من منفاه في جزيرة الشيطان إلى فرنسا للنظر في قضيته، حيث أسفر
الصبح بعد خمس سنين عن التزوير والخيانة والتعصب على دريفوس، وإذا برأت
المحكمة دريفوس بعد كل ذلك التحامل عليه، ومع ما فيه من ثلم شرف الجيش
الفرنسوي، فلا يسع أحدًا أن ينكر أن الفضيلة في الحكومة الفرنسوية أقوى من
الرذيلة، وأن العدل والإنصاف غالب على الجور والاعتساف.
ومنها أن مجلس العموم الإنكليزي قرر إعطاء الحكومة للورد كتشنر حاكم
السودان العام ثلاثين ألف جنيه مكافأة على خدمته لدولته.
ومنها أن الخلاف قد اشتد بين إنكلترة وحكومة الترانسفال فقد أنبأ البرق أن
المذكرات في بلومفوتين بين الرئيس كروجر والسر ألفرد ملنر أسفرت عن تعسر
الاتفاق في مسألة التجنس بالترانسفالية، ومسألة حرية الانتخاب.
ولم يقبل الرئيس البحث إلا بشرط أن تقبل إنكلترا بالتحكيم في مسائل الخلاف،
فاستكبر للإنكليز هذا، وظن أن الحرب متوقَّعة.
***
(وفاة عالم جليل)
نَعَتْ إلينا أنباءُ بغداد الخصوصية وفاة العلامة الفاضل المتفنن السيد الشريف
الشيخ نعمان خير الدين أفندي الآلوسي نجل العلامة الكامل الشهير محمود شهاب
الدين الآلوسي مفتي بغداد سابقًا وصاحب تفسير (روح المعاني) وللفقيد - تغمده الله
برحمته - سيرة حسنة وآثار نافعة -إن شاء الله تعالى - منها كتاب (جلاء العينين
في محاكمة الأحمدين) وكتاب (غالية المواعظ) وكتاب في الرد على رسالة الكندي
الذي زعموا أنه ناظر الخليفة المأمون العباسي في الدين، وهو كتاب ضخم جليل،
وقد كانت وفاته في سابع المحرم الماضي، فاهتزت لها بغداد، بل العراق كله،
وكان يومًا مشهودًا شيعت جنازته بالاحتفال الذي يليق بمقامه، ومكانة أسرته
الكريمة، عوَّض اللهُ المسلمين منه خيرًا.
***
(الأحداث في القطر المصري)
بلغ عدد الذين أصيبوا بالطاعون في الإسكندرية إلى يوم الجمعة (أمس) ٢١
نفسًا، مات منهم ٨، وشُفي ٤، والباقون تحت المعالجة.
صدر الأمر العالي الخديوي بفصل الأستاذ الشيخ حسونة النواوي من مشيخة
جامع الأزهر وإفتاء الديار المصرية، ونوط المشيخة بالأستاذ الشيخ عبد الرحمن
القطب والإفتاء بالأستاذ الشيخ محمد عبده.
وكان ذلك في ٢٤ من المحرم سنة ١٣١٧، و٣ من يونيه سنة ١٨٩٩ م.
***
(الوشاية في طرابلس الشام)
علمنا من أخبار طرابلس الشام أن بعض الوشاة والمفسدين طفقوا يسعون إلى
بني الأنجا بمن يحبون التشفي منهم، زاعمين أنهم هم الذين يكتبون للرائد المصري
الطعن فيهم، وقد دبت عقاربهم إلينا؛ فزعموا أن فلانًا وفلانًا يكتبان رسائل الطعن
ونحن نكتبها للرائد، ولو كَتَبَا، لم تكن حاجة لكتابتنا، وقد أرجف بنا فيما كتب
مُسَعِّرُ نار الفتنة، ولكن ليعلم أننا لا نتعرض للمطاعن الشخصية، بل غرضنا خدمة
الأمة ونصحها، ولو كان من مشربنا ما نُسب إلينا؛ لخصصناه بوالي بيروت الذي
أضرنا وأضر وطننا كله دون أبناء بلدتنا، ولكتبنا في جريدتنا - أو بإمضائنا -
فإننا في بلاد لا نخاف فيها غير الله تعالى، ولقد وُشي بنا إلى أعظم عظماء الأمة،
فما قدر على أن ينال منا شيئًا، فإذا عاد المرجف إلى إرجافه - تلويحًا أو تصريحًا-
فلينتظر ما هو أَمَرُّ مِمَّا مَرَّ ...
***
(الجمعيات في مصر)
تألفت في هذا العام ثلاث جمعيات في القاهرة الأولى (جمعية مكارم الأخلاق)
وهي جمعية أدبية إسلامية، رئيسها الأستاذ الفاضل، والخطيب المفوه الشيخ زكي
الدين سندوهي تجتمع في كل ليلة جمعة، وتُلْقَى فيها الخطب، والثانية (جمعية
التعليم الإسلامي) ولم تزل اجتماعاتها إدارية محضة، ومتى حاولت الاجتماع
العمومي يعلن عنها في الجرائد، والثالثة (جمعية النهضة الأدبية) ألفتها فَعَلَةُ
المطابع، ووضعت لها قانونًا طُبِعَ، ويباع بقرش أميري واحد، وغرض الجمعية
التعاون المالي، والاعتصام الأدبي، والعمل لترقية الصناعة، وارتباط بعض
أعضائها ببعض، وهذه أول جمعية للفَعَلَةِ في بلاد الشرق، فيما نعلم.
***
قالت (ثمرات الفنون) الغرَّاء:
يقال: إن شورى الدولة يبحث الآن في مواد مهمة بشأن المعارف، وإنه
استعلم عن الحصة التي برسم الولايات، ومقدار ما يؤخذ من الأوقاف، وكيف
تصرف من هذه المبالغ، حتى إذا أورده الحساب بادر بعمل ما ينوي عمله، وعسى
أن يكون من وراء هذه الأعمال فوائد تذكر في ترقية أحوال المعارف في البلاد
العثمانية؛ لأن النجاح يتوقف عليها كما بَيَّنَّا مِرَارًا.
(المنار)
يعلم كل عثماني أن ما يؤخذ من الولايات باسم المعارف، لا ينفق فيها أعشار
عُشره، وأكثره يُحشر إلى الآستانة فإذا وُفِّقَت الدولة العلية إلى إنفاق مال كل ولاية،
أو أكثره فيها، فذلك كل ما تطلبه الرعية من الحكومة في هذا الباب.
وقالت الثمرات أيضًا: (إن الأراضي القابلة للزراعة، والتي هي بورغير
مأهولة في ولاية سورية - تبلغ مليونين ونصف مليون دونمًا؛ أي أن كل دونم من
الأرض يبذر من فيه مد الحبوب) . ونحن نقول: أفليس من سوء إدارة الحكومة أن
يهاجر أهل بلاد فيها هذا القدر من الأراضي الجيدة المهملة؛ لاستعمار أميركا
وإحياء أرضها؟ !