للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


أسئلة عن الأبدال والأوتاد
والقطب الغوث

(س١٦-٢١) من صاحب الإمضاء.
١- الأبدال في هذه الأمة ثلاثون رجلاً قلوبهم على قلب إبراهيم خليل الرحمن
كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجل (حم عن عبادة بن الصامت) بإسناد صحيح.
٢- الأبدال في أمتي ثلاثون بهم تقوم الأرض وبهم تمطرون وبهم تنصرون
(طب عنه) أي عن عبادة بإسناد صحيح.
٣- الأبدال في أهل الشام بهم ينصرون وبهم يرزقون (طب عن عوف بن
مالك وإسناده حسن) .
٤- الأبدال بالشام وهم أربعون رجلاً كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً
يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب
(حم عن علي) بإسناد حسن.
٥- الأبدال أربعون رجلاً وأربعون امرأة كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً
وكلما ماتت امرأة أبدل الله مكانها امرأة (الخلال) في كتابه كرامات الأولياء (فر)
عن أنس بن مالك وهو حديث ضعيف.
٦- الأبدال من الموالي (الحاكم في الكنى والألقاب عن عطاء بن رباح
مرسلاً وهو حديث منكر) .
إلى حضرة صاحب الفضيلة صاحب المنار
هذه الأحاديث الستة وجدت بالجامع الصغير بصحيفة ١١٥ و١١٦ من الجزء
الثاني [١] وفي كتب الوهابيين ما يفيد الجزم بعدم وجود شيء من ذلك مع زيادة
الإنكار على من قال الأبدال والأقطاب والأوتاد وقطب الغوث فنرجو الإفادة عن هذه
الأحاديث هل هي صحيحة يعتمد عليها؟ وإن لم تكن في كتب الأحاديث المعول
عليها ويكون كلام الوهابيين في غير محله ونرده عليهم أو أن هذه الأحاديث لم
يعرف لها سند ولا ذكرها المحدثون فتكون في حيز الإهمال لا تصح دليلاً وكلام
الوهابيين في محله وإذا كانت هذه الأحاديث صحيحة فنؤمل شرح معنى الأبدال وما
وظيفتهم وما معنى اختصاص الشام بهم؟ وما معنى رفع العذاب عن أهل الشام
ونصرهم ورزقهم بالأبدال؟ وهل أهل الشام يرزقون وينصرون ويرفع عنهم
العذاب دون غيرهم من أهل الأرض؟ نرجو الإفادة عن ذلك بالقول الصحيح مع
الدليل من الكتاب والسنة والسلف الصالح، ونؤمل سرعة الإفادة حيث النزاع بالغ
النهاية جعلكم الله ملجأً للقاصدين.
... ... ... ... ... ... ... أحمد أبو زينة بالقطوري
***
(ج- المنار) اعلم أن هذه الأحاديث باطلة رواية ودراية سندًا ومتنًا وإنما
راجت في الأمة بعناية المتصوفة وقد ذكرها الحافظ ابن الجوزي في الموضوعات
وطعن فيها واحداً بعد واحد وتعقبه السيوطي الذي جعلها في الجامع الصغير على
أقسام صحيح وحسن وضعيف ومنكر بل جوَّز أن تكون متواترة والحق أنه لا يصح
منها شيء وأما الحسن فإنما جاء على قاعدتهم فيما تعددت طرقه وهو مقيد بما كان
التعدد فيه من طرق متفرقة ليس لها جهة واحدة تصدر عنها، وأما ما كان له مصدر
واحد فكثرة الطرق لا تزيده إلا ضعفًا؛ لأنها دليل على كونه مصنوعًا من دعاة هذا
المصدر كدعاة الشيع السياسية والدينية ومنها الصوفية حتى إن فقهاء المذاهب
وضعوا أحاديث في تفضيل أئمتهم والطعن في غيرهم وقد بينا في تفسير آية الساعة
التي فسرناها في هذا الجزء أن أحاديث المهدي كلها لها مصدر سياسي واحد من
الشيعة وله ينبوعان: أحدهما علوي، والآخر عباسي ولكننا أخرنا هذا البحث إلى
الجزء التالي من المنار (وهو ج ١م٢٨) لأن التفسير قد طال حتى كاد يكون
نصف هذا الجزء.
وأحاديث الأبدال اشترك فيها المتصوفة، والشيعة، والباطنية ورواة
الإسرائيليات ككعب الأحبار وغيره من أصحاب الترهات الصحاصح دون أهل
الأحاديث الصحائح فنحن نبين هذا الأصل ثم نرجع إلى كلام المحدثين في أسانيد
أخبار الأبدال والمعقول في متونها فنقول:
قال حكيمنا المحقق ابن خلدون في سياق كلامه في علم التصوف من مقدمة
تاريخه بعد أن بين منشأ التصوف وحال أهله في علمهم وعملهم ما نصه:
(ثم إن هؤلاء المتأخرين من المتصوفة المتكلمين في الكشف وفيما وراء
الحس توغلوا في ذلك فذهب الكثير منهم إلى الحلول والوحدة كما أشرنا إليه وملؤا
الصحف منه مثل الهروي في كتاب المقامات له وغيره وتبعهم ابن العربي وابن
سبعين وتلميذهما ابن العفيف وابن الفارض والنجم الإسرائيلي في قصائدهم وكان
سلفهم مخالطين للإسماعيلية المتأخرين من الرافضة الدائنين أيضًا بالحلول وإلهية
الأئمة مذهبًا لم يعرف لأولهم فأُشرِب كل واحد من الفريقين مذهب الآخر واختلط
كلامهم وتشابهت عقائدهم وظهر في كلام المتصوفة القول بالقطب ومعناه رأس
العارفين يزعمون أنه لا يمكن أن يساويه أحد في مقامه في المعرفة حتى يقبضه الله
ثم يورث مقامه لآخر من أهل العرفان وقد أشار إلى ذلك ابن سينا في كتاب
الإشارات في فصول التصوف منها فقال جل جناب الحق أن يكون شرعة لكل وارد
أو يطلع عليه إلا الواحد بعد الواحد اهـ. وهذا كلام لا تقوم عليه حجة عقلية ولا
دليل شرعي وإنما هو من أنواع الخطابة وهو بعينه ما تقوله الرافضة ودانوا به (ثم
قالوا بترتيب وجود الأبدال بعد هذا القطب كما قاله الشيعة في النقباء، حتى إنهم لما
أسندوا لباس خرقة التصوف ليجعلوه أصلاً لطريقتهم وتخليهم رفعوه إلى علي -
رضي الله عنه - وهو من هذا المعنى أيضًا وإلا فعلي - رضي الله عنه - لم
يختص من بين الصحابة بتخليه ولا طريقة في لباس ولا حال بل كان أبو بكر وعمر
رضي الله عنهما أزهد الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأكثرهم عبادة
ولم يختص أحد منهم في الدين بشيء يؤثر عنه في الخصوص بل كان
الصحابة كلهم أسوة في الدين والمجاهدة.
يشهد لذلك من كلام هؤلاء المتصوفة في أمر الفاطمي وما شحنوا كتبهم في
ذلك مما ليس لسلف المتصوفة فيه كلام بنفي أو إثبات وإنما هو مأخوذ من كلام
الشيعة والرافضة ومذاهبهم في كتبهم والله يهدي إلى الحق، ثم إن كثيرًا من الفقهاء
وأهل الفُتيا انتدبوا للرد على هؤلاء المتأخرين في هذه المقالات وأمثالها وشملوا
بالنكير سائر ما وقع لهم في الطريقة والحق أن كلامهم معهم فيه تفصيل اهـ.
المراد منه.
وأما أهل الحديث المحققون فقد تكلموا في أسانيد هذه الأحاديث فالحافظ ابن
الجوزي حكم بوضعها كما علمت آنفاً وتابعه شيخ الإسلام ابن تيمية بما تقدم تفصيله
في المنار وسنجمله قريبًا، وكذلك السخاوي وهو والسيوطي من تلاميذ الحافظ ابن
حجر إلا أن الأول أدق وأدنى إلى التحقيق وقد قال خبر الأبدال له طرق بألفاظ
مختلفة كلها ضعيفة، وهذا القول أصح من كلام ابن حجر نفسه منها ما يصح ومنها
ما لا يصح كما تعلم من التفصيل الذي نورده هنا باختصار من الكلام في أسانيدها
وهو:
(الأول) حديث عبادة بن الصامت وأشار السيوطي في الجامع الصغير إلى
صحته وقال هو نفسه في الدرر المنتثرة وهو حسن له شواهد اهـ.
وقال الهيثمي في منبع الفوائد في مجمع الزوائد: رواه أحمد، ورجاله رجال
الصحيح غير عبد الواحد بن قيس وقد وثقه العجلي وأبو زرعة وضعفه غيرهما
وأقول: قال ابن حبان في عبد الواحد هذا: يتفرد بالمناكير عن المشاهير وقال في
كتاب الضعفاء لا يحتج به وقال في كتاب الثقات: لا يعتبر بمقاطيعه ولا بمراسيله
ولا برواية الضعفاء عنه وهو الذي يروي عن أبي هريرة ولم يره وقال أبو أحمد
الحاكم: منكر الحديث وزد على هذا أنه كان معلم بني يزيد بن عبد الملك وهذه شبهة
قوية في جرحه فإن أنصار كل دولة وصنائعها كانوا يروون لها ما يقوي ثقة الأمة بها
وهذا الحديث يرجع إلى مدح أهل الشام أنصار بني أمية وستعلم ما فيه وقال الحافظ
ابن عساكر: رواه عبد الله في زوائد مسنده وفيه الحسن ابن ذكوان وهو منكر الحديث
أقول وقال عبد الله ابن أحمد عن أبيه: أحاديثه أباطيل وقال الأثرم مثل ذلك عن
أحمد.
(الثاني) هو لفظ آخر من الحديث الأول.
(الثالث) حديث عوف وفي إسناده عمر بن واقد ضعفه جمهور رجال
الجرح والتعديل وفيه شهر بن حوشب التابعي الشامي وهو لا يحتج بحديثه كان
يروي المعضلات والمنكرات عن الثقات والمقلوبات عن الأثبات فالحديث ضعيف
على أقل تقدير وإنما حسنه السيوطي بتعدد طرقه وهو الذي يسمى حسنًا لغيره على
اصطلاحهم.
(الرابع) حديث علي - كرم الله وجهه - وإسناده منقطع كما قال ابن عساكر
وفيه شريح بن عبيد وثقه النسائي وابن حبان وغيرهما ولكن انتقد عليه أنه روى
عن بعض الصحابة والتابعين الذين لم يدركهم حتمًا ومنهم كعب الأحبار وإنما
أعجبهم منه في ذلك أنه لم يكن يصرح بأنه سمع منهم.
(الخامس) حديث أنس وقد أعترف السيوطي بضعفه على حرصه بتقوية
هذه الروايات وقال ابن الجوزي موضوع.
(السادس) مرسل عطاء بن أبي رباح وتمامه عند الحاكم: (ولا يبغض
الموالي إلا منافق وقد اعترف السيوطي بكونه منكرًا على كونه مرسلاً وزاد بعضهم
على ذلك أن فيه مجهولاً وهو الرجال بن سالم قال الحافظان صاحبا الميزان واللسان:
لا يدرى من هو والخبر منكر)
وذكر ملاَّ علي القارئ في الموضوعات عن ابن الصلاح أنه قال أقوى ما
روينا في الأبدال قول علي إنه بالشام يكون الأبدال.
هذا يوافق ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته في أهل الصفة والصوفية
من جهة الرواية وأما ما حققه شيخ الإسلام في المسألة من جهة الدراية فهو غاية
الغايات وقد نشر ذلك في المنار برمته فلا نعيده وإنما نذكر القراء ببعض الجمل منه
قال - رحمه الله تعالى -:
(فصل) وأما الأسماء الدائرة على ألسنة كثير من النساك والعامة مثل
الغوث الذي يكون بمكة والأوتاد الأربعة، والأقطاب السبعة والأبدال الأربعين،
والنجباء الثلاثمائة؛ فهذه الأسماء ليست موجودة في كتاب الله تعالى ولا هي مأثورة
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد صحيح، ولا ضعيف محتمل إلا لفظ
الأبدال فقد روي فيهم حديث شامي منقطع الإسناد عن علي بن أبي طالب مرفوعًا
إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إن فيهم - يعني أهل الشام - الأبدال
أربعين رجلاً كلما مات رجل أَبدل الله مكانه رجلاً) ولا توجد هذه الأسماء في
كلام السلف كما هي على هذا الترتيب ... إلخ. ثم ذكر أن لفظ الغوث والغياث لا
يستحقه إلا الله تعالى، وأن القول بالقطب من جنس دعوى الرافضة بالإمام
المعصوم، بل ذلك الترتيب لطبقات كبار الأولياء يشبه ترتيب الإسماعيلية
والنصيرية ونحوهم في السابق والتالي والناطق والأساس والجسد وغير ذلك من
الترتيب الذي ما أنزل الله به من سلطان.
ثم تكلم في مسألة الأوتاد والقطب بكلام معقول موافق للغة وعاد إلى الأبدال
فقال: ولذلك جاء لفظ البدل في كلام كثير منهم، فأما الحديث المرفوع
فالأشبه أنه ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن الإيمان كان
بالحجاز واليمن قبل فتوح الشام وكانت الشام والعراق دار كفر. ثم في خلافة
علي، قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال (تمرق مارقة على خير
فرقة من المسلمين يقتلهم أولى الطائفتين بالحق) فكان علي وأصحابه أولى بالحق
ممن قاتلهم من أهل الشام.
ثم تكلم في لفظ الأبدال وجميع ما قيل في معناه وما يصح منه وما لا يصح في
اللغة وفي الوجود وكلامه فيهم يؤيد كلام ابن خلدون. فمن أراد أن يعرف تحقيق
هذه المسائل وأمثالها فعليه بهذه الرسالة للشيخ في الجزء الأول من (مجموعة الرسائل
والمسائل) له وهي الرسالة الثالثة من المجموعة من صفحة ٢٥-٦٠ فإنه لا يحتاج
معها إلى مراجعة كتاب آخر.
ولكنني أزيد عليه أن سبب ما ورد من الأثر المروي عن علي - رضي الله
عنه - هي أن بعض جماعته كانوا يسبون أهل الشام فنهاهم عن ذلك الإطلاق وقال
إن فيهم الأبدال، أي إن الله تعالى يبدل من أنصار معاوية غيرهم أو ما هذا معناه -
فزاد فيه الرواة المنزلفون لبني أمية ثم الصوفية ما زادوا وجعلوه حديثًا مرفوعًا كما
وضعوا أحاديث أخرى للأمصار المشهورة من مدح وذم. روى ابن عساكر أن
كعب الأحبار قال الأبدال ثلاثون، وقال أيضًا الأبدال بالشام والنجباء بالكوفة، ثم
ذكر كثيرًا من هذه الأقوال عن أهل ذلك العصر في الأبدال والنجباء والنقباء
والأخيار، ولفظ الأبدال أشهر هذه الألفاظ ولم يكن الناس يفهمون في القرن الثاني
والثالث من هذا اللفظ ما ادعاه الصوفية بعد، بل قال الإمام أحمد: إن الأبدال هم أهل
الحديث.
وأما ما في هذه الروايات من أن الله تعالى ينصر أهل الشام ويرزقهم بالأبدال
فهو من علل متونها، ودلائل وضعها، فالله تعالى قد جعل للنصر أسبابًا تعرف من
كتابه ومن سننه في خلقه، وقد أخل أفضل الأمم بقيادة أفضل الرسل -عليهم السلام-
ببعض أسبابه في غزوة أحد فانكسروا بعد انتصار، وظهر المشركون عليهم،
ولما استعربوا ذلك أنزل استغربوا الله تعالى على رسوله - صلى الله عليه وسلم -
ما بين له ذلك فقال: {أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ
عِندِ أَنفُسِكُم} (آل عمران: ١٦٥) ، ومن هذه الأسباب الاجتماعية ما بينه
تعالى بقوله: {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} (محمد: ٧) وقوله: {وَلاَ تَنَازَعُوا
فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} (الأنفال: ٤٦) ومن أسبابه الحسية ما أمر به بقوله:
{وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} (الأنفال: ٦٠) ومن أسبابه الروحية
المعنوية قوله تعالى: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً} (الأنفال: ٤٥) الآية، وفي معناها حديث (يا سعد وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟) أي
بدعائهم وصلاتهم وإخلاصهم وذلك أنه يزيد ثقة القلوب بالله تعالى ويقوي تكافل
الأمة.
وإننا نرى أهل الشام الآن في غاية البؤس وضيق الرزق. والجيوش
الفرنسية تدمر بلادهم وكثيرون منهم يهلكون جوعًا وعريًا فأين الأبدال وأسرارهم؟
وهل يعد منهم سلطان باشا الأطرش ورجاله من أبطال الدروز وفوزي بك
القاوقجي ورجاله من أبطال الغوطة أم هم أهل الخرافات والثياب القذرة؟ إن هذه
الروايات قد أفسدت بأس الأمة الإسلامية وصار المتصوفة وأهل الطريق المتمسكون
بها فتنة لنابتة المسلمين ينفرون أولي الاستقلال العقلي والعلوم العصرية من الإسلام
فيعدونه كغيره دين خرافات وأوهام كما أنهم عار على المسلمين أمام شعوب البشر
الراقيين وقد بلغ من جهلهم وفساد دينهم وأخلاقهم أنهم صاروا أعوان فرنسة في
أفريقية من حدود تونس إلى ريف مراكش وقد آن لنا أن نعقل ونفهم ديننا من القرآن
لا من هذه الروايات المنكرة التي صرفتنا عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى
الله عليه وسلم - التي لا تحتمل التأويل ولا ينال منها التضليل، وآن لنا أن ندوس
هؤلاء المضلين وكل من ينصرهم ويتأول لهم من سدنة القبور المعبودة لاعتقاد
العامة أن الرزق وسعادة الدنيا تطلب من المدفونين فيها فقد صارت أمتنا بهذه
الخرافات تحت أرجل جميع الأمم ولا تزال عامتها تعتقد أن الميتين ورجال الغيب
هم سبب رزقها ودفع البلاء عنها؟