للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكاتب: محمد رشيد رضا


الأخبار

(تداركها يا أمير المؤمنين!)
جاءتنا رسالة مطبوعة عنوانها (ضجيج الكون من فظائع عون) ، يُنسب فيها
للشريف أمير مكة لهذا العهد من الظلم والإلحاد في الحرم العجب العُجاب. ولم نلقِ
لها بالاً لأول وهلة، ولكننا أخذنا صباح أمس بريد الهند وجاوه فإذا فيه كتاب لنا
من مُكاتِبِنا في سنغافور يَذْكُر فيه الرسالة، ويعظم من أمرها، ومما قاله:
(الرسالة المذكورة تُرجمت، ووزعت في أقطار جمة، وهي حَرية بإمعان النظر؛ إذ
الاختلال الجاري بالحجاز أشهر من أن يُذكر، وقد صار لهذه الرسالة تأثير عظيم،
حتى إن بعض المساجد قطع الخطبة لمولانا الخليفة - أيده الله - تحاشيًا من الكذب
بأنه خادم الحرمين، وقد اغتنم بعض أعداء الدولة هذه الفرصة، وابتدأوا يجوسون
ويؤملون أن تجد الدول الأورباوية سبيلاً للتداخل في الحرمين (لا قدر الله ذلك) ،
فكان من الواجب التحذير والتنبيه لسد الذريعة، وحسم الداء؛ لعلنا نصل إلى
الاتحاد المرغوب، والعاقل حَذور.
ولو أَلْفُ بَانٍ خَلْفَهُم هادِمٌ كَفَى ... فكيفَ بِبَانٍ خَلْفَه ألْفُ هَادِم
وقد يسوءني - ككل مخلص للدولة - سعي كثير من الجرائد في سبيل
التمويه والمواربة، بل غش الدولة وتغريرها، والله المستعان) . اهـ المراد منه.

(المنار)
إن الذين يكتبون في تنبيه الدولة العلية، وانتقادها ثلاثة أقسام:
١- المخلص الذي يلتهب غَيْرَة عليها وقليلٌ ما هم. ... ... ... ... ... ... ...
٢- والشامِتُ المتشفِّي.
٣- والطامع بالرفد والنوال.
ولمّا ظهر لمُحبي الدولة أنه لم توجد جريدة منتقدة إلا وظهر أنها منبعثة بأحد
الغرضين المذكورين آنفًا، مقتوا كل منتقد، فصار النَّاصِحُ في حَيْرَة لا تسمح له
ذمته بمجاراة المنافقين الذين يغشون الدولة بتقديس جميع أعمالها، ولا تتسنَّى له
النصيحة؛ لأنها تُقابَل بالمقت والظنة، ويرمى صاحبها بالعداوة لدولته وأمته، لا
سيما والأكثرون لا يكادون يفقهون حديثًا، والحق أن الذي يبحث عن الخلل - وإن
كان متشفِّيًا - أنفع ممن يجعل السيئات حسنات؛ لأن هذا غاشّ خادع، وفي الحديث
الشريف: (مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا) .
عِدَاتي لهم فضل عليَّ ومِنَّة ... فلا أَذَْهَبَ الرحمن ُعَنِّي الأعاديا
هم بحثوا عن زَلتي فاجتنبتها ... وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا
وكأني بهؤلاء المنافقين، وقد استهانوا بمسألة الشريف، فمنهم مَن كتمها،
ومنهم يموه تمويهًا، ولكننا نحن نستلفت أنظار مولانا أمير المؤمنين إليها، ونسأله
أن يغضي عن سياسة استدراج الشرفاء، وملاينتهم الآن، ويتدارك هذا الأمر الجَلَل
ولو بما يقنع المسلمين في أقطار الأرض باهتمامه في شؤون الحرمين الشريفين
(والله له خير ناصر ومعين!) .
***
أنبأنا بريد سوريا بأن جماعة سماحتلو الشيخ أبي الهدى أفندي في طرابلس
الشام فأنشأوا يضطهدون أهلينا؛ لأن جريدتنا (المنار) غير مرضية عند سماحته،
وبلغنا أنهم سيخلقون تهمًا يلصقونها بإخوة هذا الفقير منشئ (المنار) إذا لم يبادر
بإرضاء صاحب السماحة، ويشهد له بالإمامة، والقطبية الكبرى، كما شهدت
له بعض الجرائد المنافقة.
وكيف يسمح لنا ديننا وضميرنا بهذه الشهادة لمن يسعى بعقاب طائفة شريفة
نزيهة إذا هو غضب على واحد منهم، وهم لا يعلمون بذنبه، بل كيف يمكننا أن
نصف مَن يعمل مثل هذا العمل بالإسلام، ونبي الإسلام، يقول: (الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ
الْمُسْلِمُونَ مِنْ شَرِّ يَدِهِ وَلِسَانِهِ) فإذا كان حاكم طرابلس ومتصرفها، صنيعة الشيخ
أبي الهدى وابن عمه بالمصاهرة، فلِمَن يشكو أهلونا، وحاكمهم هو خصمهم،
وبينهم وبين السلطان الأعظم حُجُب، أكثفها أبو الهدى نفسه؟ !
نقول: ليشكوا أمرهم إلى الملك العدل، وهو الله العلي الكبير.
***
(إعطاء القوس باريها)
لا خلاف في أن المحاكم الشرعية في القطر المصري كله في اختلال عظيم
تحتاج بسببه إلى إصلاح عظيم، ولكن إصلاحها أعيا أطباء النظام، والجالسين
على أرائك الأحكام، فسماحة قاضي القضاة، على فضله ونُبْله - لم يُداوِ لها عِلَلاً،
ولم يُصلح خللاً، ولقد مكث في منصبه هذا بضع سنين، بحيث يصح أن يقال له:
{أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} (فاطر: ٣٧) وحَوَّمَتِ
الحكومةُ حول الإصلاح غير مرة، ولكن لم تقع عليه، ورمت إليه عدة سهام،
فأخطأت كلها الغرض، فأجمعت آراء أُولي الأمر. عقيب ذلك الأمر الأمَرّ، وبعد
إجالة قداح الفكرعلى إعطاء القوس باريها، علمًا بأن صاحب الدار أدرى بما فيها.
اتفق الجميع على تفويض العمل إلى علاَّمةِ الشرع والأحكام، وحكيم الإدارة والنظام.
الذي لم يُعرف له ثانٍ، متبحر على علم الدنيا والدين، جامع بين الإرادة الفعالة،
والغَيْرَة على مصلحة المسلمين. ألا وهو أستاذنا الأكبر الشيخ محمد عبده مفتي
الديار المصرية.
أناطت الحكومة بفضيلته تفتيش المحاكم الشرعية، ووضع الأصول التي
يراها كافية لإصلاحها، فتلقت جميع الجرائد هذه البُشرى بالبِشر والارتياح.
واتفقت على اختلاف منازعها ومشاربها، على أن هذا هو طريق النجاح. وأعربت
عن الأمل بإصلاح الخلل، وإزالة العلل. فدل هذا على أن الأستاذ هو الرجل الفرد
الذي نال الثقة الكاملة من مجموع الأمة، حاكمها ومحكومها، فليتأمل هذا بعض
المخدوعين. الذين يأخذون ترجمته من أفواه الحاسدين، وخرص المذاعين.
***
(الحياة)
مجلة علمية إسلامية شهرية، لصاحبها الكاتب الفاضل محمد فريد أفندي
وجدي وقد صدر العدد الأول منها طافحًا بالمقالات المفيدة، منها مقالة في التمدن
والتديُّن، وأخرى في (تغذية الجَنان ببدائع الأكوان) ، ومقالة في إثبات وجود
الله تعالى، ومقالة في ما وراء المادة، وشذرات علمية مفيدة على فكاهة فيها. وقد
سلك في مباحثها مسلك كتابه تطبيق الديانة الإسلامية.. إلخ.
والجريدة في حجم المنار (ملزمتين) ، وقد طُبعت في مطبعته بحروفه
الصغيرة، وقيمتها ١٥ غرشًا في القطر المصري، و٢٠ في غيره، ولطلاب العلم
١٠، فنحث القُرَّاء على الإقبال عليها.
تصحيح غلط
وقع غلطٌ في بعض الآيات في الملزمة الأولى؛ ففي السطر الذي قبل الأخير
من صفحة ٣ (ألا لله الخالص) ، والصواب: {الدِّينُ الخَالِص} (الزمر: ٣) ،
وفي السطر ٣ من صفحة ٢١٤: (ما في السموات وما في الأرض) ، والصواب
{فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْض} (يونس: ١٨) وفي السطر ١٥ منها (إن عليك
البلاغ) ، والصواب: {إِلاَّ البَلاغُ} (المائدة: ٩٩) ، وفي السطر الذي بعده
(وما أنت عليهم بمسيطر) ، والصواب:] لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ [ (الغاشية:٢٢) .