للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


زكاة الفطر وقت وجوبها وحكم تعجيلها

(س١٦و١٧) من فكلغان جاوه.
إلى جناب السيد الأفخم محمد رشيد رضا أدام الله عزه , وجعله ذخرًا للإسلام
والمسلمين , السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعد السلام التام وأفضل التحية والإكرام , بما أنكم منار الإسلام وقبلته الذي
يرجع إليه المسلمون في جميع المشكلات العويصة؛ نتقدم إلى أيديكم البيضاء بهذه
المسألة , ونرجوكم إفادتنا بالأدلة الواضحة؛ لأن هذه المسألة صارت موضع اختلاف
الناس في هذه الديار ولكم منا مزيد الشكر وعاطر التحية والثناء وهي:
(١) متى يجب إخراج زكاة الفطر؟
(٢) وهل يجوز تعجيلها قبل العيد بيوم أو يومين أم لا؟ وإذا قلتم: إنه لا
يجوز؛ فلماذا أجاز الباجري في شرحه ص (٣٠٣) , وهل هو معتمد على حديث
قوي أم لا؟ وإذا قلتم: إنه يجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين؛ فهل تسمى
صدقة أو زكاة؟ والسلام.
... ... ... ... ... ... ... عبد الله بن أحمد باشراحيل
... ... ... ... ... ... ... ... دفكلنغان جاوه
(المنار)
أما الجواب عن السؤال الأول , فجمهور الفقهاء المجتهدين وأتباعهم على أن
زكاة الفطر تجب بوقت الفطر من آخر يوم من رمضان , ووقته غروب الشمس ,
واستدلوا على ذلك بتسميتها بزكاة الفطر في الأحاديث الصحيحة , ونازع بعضهم في
هذا الاستدلال، وزعم بعضهم أن المراد بالفطر الفطرة أي الخلقة ويرده رواية (زكاة
الفطر في رمضان) .
وأما الجواب عن الثاني , فهو أنه يجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين عند
جمهور الأئمة المجتهدين , وادعى بعضهم الإجماع عليه لضعف الشذوذ فيه،
والأصل فيه ما رواه البخاري في صحيحه من أنهم كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو
يومين.
وسبب ذلك أن الغرض من زكاة الفطرة إغناء الفقراء في يوم العيد عن
السؤال , وهو يوم ضيافة الله لعباده المؤمنين.
وكانوا يعطون الفقراء الحَبَّ في الغالب كالبر والشعير , فإذا أعطوه يوم العيد
ولو وقت الفضيلة عند الجمهور , وهو ما بين صلاة الفجر وصلاة العيد , فربما لا
يتيسر لبعض الفقراء طحنه وخبزه والفطر منه.
وفي هذه الحالة تسمى زكاة كما تسمى صدقة , باعتبار أن لفظ الصدقة يشمل
المفروض والمندوب , وإنما ورد اختلاف التسمية في حال أدائها بعد صلاة العيد ,
ففي حديث ابن عباس قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر
للصائم طهرة من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة؛ فهي زكاة
مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة؛ فهي صدقة من الصدقات) . ورواه أبو داود وابن
ماجه والدارقطني والحاكم وصححه ووافقه الحافظ الذهبي بأنه على شرط
الصحيحين.
والجمهور على أن الأداء جائز في نهار العيد كله وهو خلاف هذا الحديث.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بزكاة الفطر قبل صلاة العيد ويقسمها
بعدها على المستحقين , والاحتياط أن يؤديها الإنسان قبل العيد بيوم أو يومين , كما
كان يفعل ابن عمر رضي الله عنه الشهير بالحرص على اتباع السنة.
والخلاف في صحة هذا التعجيل لها أضعف من الخلاف في صحة أدائها بعد
صلاة العيد من حيث الدليل , وجوز بعض الأئمة أداءها من أول رمضان وهو
ينافي حكمة فرضيتها.