للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


التبرع الملكي في مصر لترميم المسجد الأقصى

زار مصر في هذا الشهر صاحب السماحة الأستاذ المصلح السيد محمد أمين
الحسيني مفتي القدس الشريف ورئيس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى لفلسطين
وتشرَّفَ بمقابلة صاحب الجلالة الملك المعظم بقصر عابدين فنال من عطفه الملكي
ما ملأ قلبه غبطة وأنطق لسانه بالشكر، وقد عرض على مسمعه ترميم المسجد
الأقصى وإصلاحه ورفع إلى جلالته رسوم المسجد وقبة الصخرة وفيها ما تم ترميمه،
وما بقي وغير ذلك من الرسوم فتفضل جلالته بخمسة آلاف جنيه مصري
للمساعدة على الإكمال، فكان لهذا التبرع الملكي أحسن تأثير في قلوب المسلمين
عامة ومسلمي فلسطين خاصة، ونوَّهَت بذلك جميع صحف القطرين ناشرة
للبرقيات والرسائل الكثيرة في الثناء على مكارم جلالته والدعاء بطول بقائه مؤيدًا
للإسلام عامرًا لمساجده ومعاهده الدينية والخيرية والعلمية.
وقد زاد في قيمة هذا النَّوَال من ملك مصر في هذا العصر ما يراه المسلمون
من بعض ملوك أعاجم المسلمين ورؤساء حكوماتهم من نبذ هداية الإسلام وشريعته
وراء ظهورهم وإباحة الارتداد عنه لشعوبهم، بل إكراههم على ترك مقوماته
ومشخصاته بالتدريج حتى لغة القرآن والسنة وحروفها العربية المُذَكِّرَة بها.
وقد توجهت همة السيد الحسيني إلى استنداء أكُف أمراء البيت العلوي المالك
ونبلائهم وغيرهم من أغنياء هذا القطر الإسلامي الذي هو أرقى الأقطار الإسلامية
ثروة وحضارة وكرمًا بالتبرع لإحياء هذا المعهد الإسلامي العربي الذي هو أعظم
آثار الحضارة العربية وأفخم المعاهد الإسلامية، والمرجو أن يجودوا بما قدر لإتمام
العمارة وهو ثلاثون ألف جنيه، وما ذلك على ثروتهم وكرمهم بكثير، وحينئذ نقول:
إنهم ما قصروا في التبرع له أولاً، إلا ليكون لهم فضل الإتمام والإكمال آخرًا.