للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: عن جريدة أم القرى الغراء


الشيخ سليمان بن سحمان
وفاته وترجمته
من جريدة أم القرى الغراء

نَعَتْ إلينا أنباءُ نجد وفاة العالم العلامة المِفضال الشيخ سليمان بن سحمان، وهو
من أكابر علماء نجد الأعلام، توفاه الله في هذا الشهر عن عمر ناهز الثمانين عامًا
قضاها في الدرس والتأليف. وقد كان لنعيه رنة أسى وحزن في نجد جميعًا ولدى
كل مَن عرف فضل الأستاذ وما آتاه الله من علم وفصل في الخطاب.
وُلد المرحوم في قرية (السقا) من أعمال أبها في عسير في الثلث الأخير من
القرن الثالث عشر الهجري، وإلى ذلك يشير في إحدى قصائده:
وأرض بها علي نيطت تمائمي ... تسمى (السقا) دار الهداة أولي الأمر
بلاد بني تمام حيث توطنوا ... وآل يزيد من صميم ذوي الفخر
وقد نشأ في قريته حتى راهق البلوغ ثم انتقل مع والده إلى بلد الرياض أيام
الإمام فيصل بن تركي رحمه الله، وقد كانت حينذاك آهلة بالعلماء الأكابر فأخذ
العلم عنهم لا سيما عن الإمامين الجليلين: الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن
ابن حسن، والشيخ حمد بن عتيق. فبرع في كثير من العلوم وعلى الخصوص في
علم التوحيد والفقه واللغة.
ثم تولى الكتابة للإمام عبد الله بن فيصل برهة من الزمن، ثم استقال وتفرغ
للعلم فدرس على علماء وقته أمثال الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف وأخيه الشيخ
إبراهيم، وعمهما الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن.
وكان جميل الخط فاشتغل في نسخ كثير من الكتب الجليلة، وقد كان هذا
وابتعاده عن الناس أكبر مساعد له على الدرس والمطالعة.
وكانت عنده كناشة كبيرة يجمع فيها ما يجده أثناء النسخ والمطالعة من
المسائل الدقيقة والقضايا العويصة وكان يرجع إليها عند الحاجة. وكان ضليعًا في
اللغة العربية، واقفًا على أسرارها.
وقد كان رحمه الله يميل إلى السكون والابتعاد عن الشهرة، فكان زاهدًا تقيًّا
صادعًا بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم. وقد صنف المصنفات العديدة من نثر
ونظم، أكثرها في الرد على أهل الزيغ والإلحاد، منها:
(١) الأسنة الحداد في الرد على الحدّاد.
(٢) الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق. ويريد به داعية
التعطيل في هذا العصر: جميل صدقي الزهاوي.
(٣) تنبيه ذوي الألباب السليمة.
(٤) الهدية السنية.
(٥) إقامة الحجة والدليل.
(٦) تبرئة الشيخين.
(٧) الصواعق المرسلة.
(٨) إرشاد الطالب.
(٩) رسالة في الرد على أناس من الإحساء.
(١٠) رسالة في الرد على العلجي.
(١١) كشف غياهب الظلام.
(١٢) فتاوى.
وغيرها من الكتب والردود.
وقد جمع ورتب رسائل أستاذه الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن
آل الشيخ فبلغت نحو عشرين كراسة سماها (عيون الرسائل والأجوبة على المسائل)
وكان المرحوم شاعرًا بليغًا جمع قسمًا من قصائده وأشعاره في ديوانه المسمى
(بعقود الجواهر المنضدة الحسان) وقد طبعت جميع كتبه على نفقة حضرة صاحب
الجلالة الملك عبد العزيز آل سعود المعظم ووزعت على طلاب العلم مجانًا.
هذا ما اتصل بنا من ترجمة المرحوم الأستاذ رحمه الله تعالى.
وفي الجملة فقد كان رحمه الله من سيوف الله المسلولة على أهل الزندقة
والإلحاد، وصاحب الحجة الدامغة في دفع الشبه والريب التي يذيعها أهل المروق من
الدين، والذين كان يغريهم شياطين السياسة من المرتزقة المرذولين. وكان
شديد الصراحة فيما يعتقد من الرأي، لم يعرف المحاباة في رأيه مدة حياته وهو في
كل مجالسه حفيًّا بالسؤال عن كل ما يطبع من الكتب النافعة كما يحرص
على اقتنائها. وقد كفّ بصره في آخر حياته ولكن ذلك لم يمنعه عن المطالعة
والتأليف وتفقد الذين يطعنون في الإسلام وفي دين التوحيد الخالص لرد كيدهم إلى
نحورهم.
وبهذا كان رحمه الله ركنًا من أركان الدعوة إلى الله، والسيف القاطع لمن
يريد أن يصد الناس عن سبيل الله.
فنسأل الله أن يُنزل عليه غيث رحمته، وأن يوفق للعمل كي ينشأ كثيرون من
طلبة العلم على منوال الشيخ المرحوم؛ فلا تفقد نجد بهجة علمها وعلمائها.