للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الاحتفال بذكرى جلوس جلالة الملك محمد نادر خان
على عرش الأفغان

قد تم حولٌ كامل لاستواء محمد نادر خان على عرش الأفغان فاحتفل في تلك
البلاد وفي الوكالات السياسية التابعة لها بذكرى جلوسه الميمون الذي قضى على
سياسة الإلحاد والفساد التي جرى عليها سلفه الطالح أمان الله خان.
وقد شهدنا حفلة المفوضية الأفغانية في دار السفارة في هذه العاصمة، في ٢٤
من هذا الشهر (١٦ أكتوبر) وقد أجاب دعوة وزيرها العالم المرشد الشهير
(جلالة مآب السيد محمد صادق المجددي) جمهور من العلماء والكبراء الرسميين
وغير الرسميين من الوطنيين والأجانب، وبعد أن شربوا الشاي وتناولوا معه أنواع
الحلوى نهض صاحب السعادة الوزير الجليل فارتقى سُلَّم الدار ووقف بأعلى السقيفة
التي أمامه فاستقبل الجمهور الجالسين في الحديقة وألقى خطابه مفتتحًا إياه بتلاوة
آيات من خواتيم سورة آل عمران في مناجاة الله عز وجل {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً
يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا} (آل عمران: ١٩٣) الآيات وكان الخطاب
بعدها بالفارسية لغة الأفغان الرسمية ولكنه قفَّى عليه بآخر في معناه باللغة العربية
التي يجيدها علماء الدين في بلاده وهو من كبارهم، فنوه بمآثر جلالة الملك المعظم
والاغتباط بالموالاة الودية بين حكومته وحكومة جلالة الملك المعظم، فصفق له
الحاضرون مرارًا. وختم خطابه بتكبير العيد.
وبعد انتهاء الحفلة أذَّن المؤذن لصلاة المغرب وفُرشت الطنافس الشيرازية في
خص (كشك) خشبي في جهة القبلة وفي جوانبه فنهض المصلون واصطفّوا
مؤتمّين بالوزير. وبعد الفراغ من الصلاة ودع الجمهور سعادة الوزير مهنئين له
بهذا العيد السياسي السعيد، وقد سر مَن حضر من علماء المسلمين وسائر طبقاتهم
وانشرحت صدورهم بهذا الاحتفال؛ لأنه لم يسبق له نظير في بلادهم، فهذه أول
مرة شاهدوا فيها وزيرًا معمَّمًا يفتتح خطابًا رسميًّا بكتاب الله ويختمه بذكر الله
وتكبيره. فنهنئ سعادته ودولة جلالة ملكهم المسلم المصلح بهذه الذكرى الحميدة.
ونسأله تعالى أن يوفقه للمضي في الصراط السوي من إصلاح بلاده وأمته في
أمور دينهم ودنياهم بما تقتضيه هداية الإسلام ومصالح المسلمين في هذا العصر.