للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


فتاوى المنار
أسئلة من بيروت
(أسئلة من بيروت وردت في كتابين منذ سنة ونصف
فجمعناهما وتركنا مقدمة الخطاب)
(س٤٣-٥٣) من صاحب الإمضاء في بيروت
(١) ما قول السادة العلماء الأعلام في رجل معلم بإحدى المدارس الإسلامية
أفتى التلاميذ بطهارة الإسبرتو وبجواز المسح على الجورب ولو كان رقيقًا والصلاة
بالنعلين (الحذاء) وحسْر الرأس (كشفه) معتمدًا على ما أفتى به بعض العلماء
بجواز ذلك، فما كان من رئيس المدارس إلا أنه عاقبه بالعزل من وظيفته مدعيًا
بأن المعلم المذكور خالف علماء المسلمين في هذه الفتوى، فهل هذا المعلم أخطأ
ويستحق هذا العقاب أم لا؟
(٢) هل يجوز للمعلمين والمتعلمين وغيرهم من الرجال والنساء قراءة
القرآن الكريم ومس المصحف وكتب الأحاديث وقراءتها وكتب التوحيد والفقه
وقراءتها على غير طهر أي بلا وضوء وغسل من الجنابة والحيض وغيره أم لا؟
تفضلوا بالجواب ولكم الأجر والثواب.
(٣) ما قولكم دام فضلكم فيمن يقول إن قراءة القرآن الكريم والأحاديث
النبوية الشريفة للتبرك وللثواب فقط وأما العمل فيجب أن يكون حسب أقوال
مذاهب الأئمة الأربعة لا غيرها؛ لأنه لا يوجد أحد مطلقًا في هذا الزمان يقدر على
استنباط حكم من الأحكام الشرعية كالعبادات والمعاملات وغيرها من القرآن الكريم
والأحاديث النبوية الشريفة لعدم توفر شروط الاجتهاد فيه، فهل هذا القول صحيح
معتمد عليه ومَن الذي قال به من العلماء الذين يُعتَدّ بقولهم؟
(٤) هل رفع الصوت بالاستغفار عقب صلاة الفرض خلف الإمام الراتب
وغيره في المسجد سنة أم بدعة، وما حكم الكلام الدنيوي وغيره في المسجد؟
(٥) ما قول فضيلتكم في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ببيتين من الشعر
قُبيل صعود الخطيب المِنبر أو عند صعوده؟
(٦) هل يجوز قراءة مولد النبي صلى الله عليه وسلم على المآذن أم لا؟
(٧) هل وضع العمامة أثناء الصلاة يثاب عليها المصلي أكثر مما لو صلى
بدون عمامة وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء بهذا الشأن أم لا؟
(٨) هل يجوز للرجل أن يحلق شاربيه ولحيته، وهل يعد ذلك فسوقًا
وضلالاً ولا تُقبل شهادته ولا إمامته في الصلاة وغيرها أم لا؟
تفضلوا بالجواب ولكم الأجر والثواب.
... ... ... ... ... ... ... ... ... السائل
... ... ... ... ... ... ... عبد الحفيظ إبراهيم اللاذقي
... ... ... ... ... ... ... ... ... بيروت
أجوبة المنار على ترتيب
عدد الفتاوى السابقة
المعلم المذكور في السؤال الأول أصاب فيما قاله للتلاميذ، وأخطأ مَن عزله
بزعمه أنه خالف العلماء؛ فإنه إن خالف بعضهم فقد وافق آخرين لقوة دليلهم وإنما
يؤاخَذ مَن خالف الإجماع الصحيح ولا إجماع فيما ذُكر، ونختصر في بيان ذلك؛
لأنه تكرر في المنار فنقول:
(٤٣) طهارة الإسبرتو أو الكحول
الإسبرتو طاهر بل مطهِّر يزيل النجاسات والأقذار التي لا يزيلها الماء وحده
إلا بمشقة كما هو ثابت بالتجرِبة، ولا يُتوضَّأ به؛ لأن الوضوء قد شُرع بالماء
وهو عبادة، وعلى من يدعي نجاسته أن يأتي بالدليل لا على من ينكرها لأنها
خلاف الاصل؛ فإن الأصل في الأشياء الطهارة، وقد كنت أفتيت بطهارته في
جواب سؤال عن الأعطار الإفرنجية، وبأن الخمر التي يعلل بعضهم نجاسته -
بأخذه منها أو بِعَدّه منها - لا يقوم دليل على نجاستها الحسية التي تُزال بالماء،
وإنما هي رجس معنوي شرعي كالميسر والأنصاب والأزلام التي قُرنت بها في
الحكم، ونشر ذلك في (ص٥٠٠-٥٠٣) من مجلد المنار الرابع. وقد رد علينا
رجل من وجهاء الشام ففندنا رأيه في مقالة عنوانها (طهارة الكحول، والرد على
ذي فضول) نُشرت في (ص٨٢١ و٨٦٦) من المجلد الرابع أيضًا.
ثم أراد بعض علماء الأزهر أن يرد على هذه المقالة وكاشفَنا برأيه في مجلس
فيه جماعة من كبراء علماء الأزهر منهم مفتي الديار المصرية المرحوم الشيخ أبو
بكر الصدفي، فناظرناه في ذلك مناظرة صرفتْه عن الرد الذي كان ينوي كتابته
ونشره، وذكرنا خبر هذه المناظرة في المنار.
ثم إن بعض علماء الهند من الحنفية أفتى بتحريم استعمال الكحول (إسبيرتو)
في الأصباغ والأدهان والعطور معللاً ذلك بكونه خمرًا نجسة، وعرض فتواه
على العلماء فقرظها له بعضهم وأرسلها إلينا فنشرناها بنصها ونصوص مَن وافقوه
عليها، ورددنا عليها ردًّا طويلاً نشرناه في المنار (راجع ٦٥٧-٦٧٩ من المجلد
٢٣) ونشرنا لها ملحقًا طبيًّا صيدليًّا في الجزء الأول من المجلد ٢٤.
(٤٤) المسح على الجورب
المسح على الجورب جائز، وقد بينا دليله في مواضع من المنار، ولعالم
الشام الشيخ جمال الدين القاسمي رحمه الله تعالى رسالة في ذلك، فيحسن أن
تراجعوها.
وقد اشترط بعض الشافعية في جواز المسح على الجورب أن يكون صفيقًا لا
يشفّ وأن يكون منعلاً كما ذكره الشيخ أبو اسحاق في المهذَّب. ولكن قال النووي
في شرحه ما نصه: والصحيح - بل الصواب - ما ذكره القاضي أبو الطيب والقَفَّال
وجماعات من المحققين أنه إن أمكن متابعة المشي عليه جاز كيف كان وإلا فلا،
وهكذا نقله الفوراني في الإبانة عن الأصحاب أجمعين.
ثم قال - في بيان مذاهب العلماء في المسألة -: وحكى أصحابنا عن عمر
وعلي (رضي الله عنهما) جواز المسح على الجورب وإن كان رقيقًا، وحكوه عن
أبي يوسف ومحمد وإسحاق وداود. وعن أبي حنيفة المنع مطلقًا. وعنه أنه رجع
إلى الإباحة. اهـ. المراد منه.
فهذا كلام المحققين. فلماذا لا يأخذ ناظر تلك المدرسة إلا بقول المضيقين
على الأمة بغير دليل، في هذا العصر الذي نحن أحوج فيه إلى اليُسر ورفع الحرج
من الدين كما رفعه الله عنا؟ !
إن كثيرًا من المسلمين لا يجدون شيئًا من الضيق في الصلاة إلا غسل
الرجلين في الوضوء وإنني عندما أفتيت أول مرة في المنار بجواز مسح الجورب
كالخف أخبرني كثير من الوجهاء المترفين أنهم صاروا يواظبون على الصلاة!
(٤٥) الصلاة بالنعلين وحسر الرأس
الصلاة بالنعلين جائزة بل كانت هي الأصل الذي عليه العمل الغالب في عهد
النبي صلى الله عليه وسلم ولعل خلع النعلين لأجل الصلاة لم يصر عادة غالبة ثم
عامة إلا بعد أن صاروا يفرشون المساجد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي
بأصحابه على التراب وقد يقع المطر في المسجد ويسجد في الماء والطين كما ترى
في حديث ليلة القدر في البخاري وغيره والأحاديث في الصلاة بالنعلين معروفة
كحديث أنس في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي في نعليه
ويذكر بعضها في التفسيرالمأثور لآية (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) (الأعراف:
٣١) فراجع الدر المنثور للسيوطي، وفي كتب الفقه أيضًا.
وأما حسر الرأس في الصلاة فهو خلاف الأصل ولكنه جائز؛ إذ لا يُشترط
في صحة الصلاة من اللباس إلا ما يستر العورة، ويُجتنب الإكثار منه ويحظر إذا
كان فيه تشبُّه بغير المسلمين في صلاتهم، كما أنه يجب في حال الإحرام بالحج أو
العمرة.
(٤٦) قراءة القرآن ومسّ المصحف وكتب الدين للمحدِث والحائض
قراءة القرآن لغير المتوضئ جائزة لا خلاف فيها، ومس المصحف له في
خلاف؛ فقد منعه الجمهور، والجُنُب أولى بالمنع، وذكر النووي في المجموع أن
الحكم بن عتبة وحمادًا - يعني ابن أبي سليمان شيخ الإمام أبي حنيفة - وداود
جوّزوا مسه وحمله، وفي رواية عن الأولين جواز مسه بظهر الكف لا بباطنه.
وأما قراءة الجنب والحائض للقرآن فجمهور الفقهاء ومنهم الأربعة على
تحريمه على تفصيل لبعضهم في القليل منه كبعض آية وفيما لا يقصد منه التلاوة
قال النووي في المجموع: وقال داود: يجوز للجنب والحائض قراءة كل القرآن
ويُروى هذا عن ابن عباس وابن المسيب، قال القاضي وابن الصباغ وغيرهما
واختاره ابن المنذر. وقال مالك: يقرأ الجنب الآيات اليسيرة للتعوذ، وفي الحائض
روايتان عنه (إحداهما) تقرأ (والثانية) لا تقرأ. وقال أبو حنيفة: يقرأ الجنب
بعض آية ولا يقرأ آية وله رواية كمذهبنا. اهـ.
ثم ذكر أدلة المانعين والمجوّزين بالتفصيل ومنه يعلم أنه ليس للمحرمين دليل
قوي وقد قال الأذرعي - كما في حاشية المجموع المطبوع (ص١٥٩، ج٢) - ما
نصه: مذهب داود قوي؛ فإنه لم يثبت في المسألة شيء يحتج به لنا كما أوضحه،
وقد نقل البيهقي في معرفة السنن والآثار عن الشافعي أنه قال: لا أحب للجنب أن
يقرأ القرآن لحديث لا يثبته أهل الحديث. وهذا المذهب هو اختيار ابن المنذر
والأصل عدم التحريم. اهـ.
وأقول: هذا الذي أعتقده ولكني أعمل بقول الجمهور احتياطًا وأدبًا مع القرآن
لا تحرُّجًا وتأثُّمًا، على أنني لا أحمل (الجناية) زمنًا طويلاً لا أستغني فيه عن
التلاوة. والتحقيق أن التحريم لا يثبت الا بدليل قطعي، وهذه المسألة لم يثبت فيها
(إلا) دليل ظني كما قال الأذرعي وهو من كبار فقهاء الشافعية المشددين في
المسألة. ومن أدلة المجوزين الآيات القرآنية في ذكر الله على كل حال، والقرآن
كله ذكر الله، وأفضل ما فيه توحيد الله وتسبيحه وتكبيره وحمده، وكل هذه الأذكار
جائزة للجنب والحائض بالإجماع، كما أن صلاة الجنب جائزة لفاقد الطهورين.
ومن هذا يُعلم أن كون تلاوة الجنب للقرآن ينافي تعظيمه - وهم من الأوهام؛
لأنه لو صح لكان كل ذكر لله من الجنب والحائض منافيًا لتعظيمه.
(٤٧) جعل الكتاب والسنة للتبرك دون الهداية
مَن يقول إنه لم تبقَ للكتاب والسنة فائدة ولا حاجة للمسلمين إلا التبرك بهما،
وإن العمل يجب أن يكون بأقوال علماء مذاهب الأربعة دونهما - فهو من أكبر
المجرمين المحادّين لله ولرسوله والصادين عن الإسلام، وما ضاعت هداية الإسلام
وتبعها ضياع مُلك المسلمين وعزهم إلا بهذه الضلالة التي ابتدعها بعض المقلدين
الجاهلين لدين الله تعالى، والأدلة على هذا كثيرة، بسطناها في مواضع كثيرة من
المنار ولا سيما التفسير.
فعلماء المذاهب الأربعة المجتهدون وأمثالهم أدلاء للمسلمين على معاني الكتاب
والسنة ومعلمون لهما، لا حائلون دونهما، ولا صادّون عن دوام الاهتداء بهما،
ولم يقل أحد منهم للأمة إنني بينت لكم كل ما جاءكم به رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن الله تعالى بما يغنيكم عن كتابه وسنة رسوله في بيانه، بل كانوا يقولون
لها: هذا ما ظهر لنا فإن رأيتم في الكتاب أو السنة ما يخالفه فخذوا به واضربوا
بكلامنا عرض الحائط.
وأما ما اشترطه الأصوليون والفقهاء في الاجتهاد فليس مما يتعذّر على مَن
يريده من الناس، وهم يشترطونه في المجتهد المطلق المستعد لاستنباط الأحكام في
جميع المسائل غير المنصوصة في الشريعة، لا في كل مَن يهتدي بالكتاب والسنة
ويعمل بنصوصهما في عقيدته وعبادته وآدابه وأخلاقه مستعينًا على ذلك بأقوال
المفسرين وحُفاظ السنة ولم يقل أحد منهم: (إنه لا يوجد أحد مطلقًا في هذا الزمان
يقدر على استنباط حكم من الأحكام) إلى آخر ما ذكر في السؤال، بل قالوا إن
الاجتهاد يتجزأ، وإننا نرى جميع المتفقِّهة - بكتب هذه المذاهب - يفتون الناس في
المسائل الحادثة بعد أزمنة أئمتهم ويسمون فتاويهم شرعية، وترى مثل الإمام
الغزالي يصرح في إحياء العلوم بأن أهم أمور الدين لا توجد في كتب الفقهاء وانظر
ما كتبناه في تفسير هذا الجزء من المقابلة بين المؤمنين والمنافقين وقد فصلنا هذه
المسألة مرارًا وحسبكم منها ما جمعناه في كتاب يسر الإسلام وكتاب الوحدة الإسلامية
ومحاورات المصلح والمقلد.
(٤٨) الاستغفار عقب الصلاة ورفع الصوت
الاستغفار عقب الصلاة مشروع ومأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن
رفع الصوت به بدعة ولا سيما التزامه من جماعة المصلين؛ لأن مثل هذا من قبيل
الشعائر، لا يثبت إلا بنص من الشارع أو عمل الجماعة في العصر الأول؛ لأنهم
لا يلتزمون مثله إلا بتوقيف.
(٤٩) الكلام الدنيوي في المسجد
الكلام المباح في غير المسجد يباح في المسجد إذا لم يكن فيه ما يشغل
المصلين عن صلاتهم أو يخل بحرمته كاللغط ورفع الأصوات والخصام ونشد
الضالة، وتجدون في الجزء الثالث من كتاب الآداب الشرعية والمنح المرعية
فصولاً في أحكام المساجد وآدابها وما تصان منه يحسن أن تطالعوها ومنها ما يُنكر
فيها من ليالي المواسم والموالد وهي من صفحة ٣٩٣-٤٢٩.
(٥٠) مدح النبي صلى الله عليه وسلم بالشعر عند صعود الخطيب المنبر
إنشاد الشعر في مدح النبي صلى الله عليه وسلم عند صعود الخطيب المنبر أو
قبيله بدعة ليس لها أصل في الكتاب ولا في السنة ولا في عمل السلف الصالح،
وصلاة الجمعة من شعائر الإسلام التي يجب فيها الاتباع بغير زيادة ولا نقصان.
وأما مدح النبي صلى الله عليه وسلم بالشعر الذي لا غلو فيه في المسجد فهو حسن
كإنشاده في غير المسجد، ما لم يكن بهيئة مخصوصة دائمة تشبه المشروع، بحيث
يظن غير العالِم بالسنة أنه مشروع.
(٥١) قراءة المولد في المنارة
قراءة هذه القصص التي أُلفت في المولد النبوي بدعة في المنارة وغير المنارة
ولكن قراءتها في المنارة المبنية لأجل الأذان الشرعي توهم العوام أنها مشروعة دينًا،
فبهذا تكون بدعة دينية محضة، وأما قراءة قصة المولد - بحد ذاتها - كما تُقرأ
كتب العلم والحديث من غير أن تشتمل على منكر في موضوعها ولا في الاجتماع
لها فهي مستحبة، وقد بينا أقوال العلماء في احتفال المولد النبوي وتحقيق الحق فيها
في مقدمة كتابنا (ذكرى المولد النبوي) ، فراجعوه إن شئتم.
(٥٢) الصلاة بالعمامة
كان النبى صلى الله عليه وسلم يعتمّ ويصلي بالعمامة وكذلك أصحابه؛
فالصلاة في العمامة أفضل للاتّباع، ولأنه في عرف المسلمين أكمل الأحوال في
زينة المؤمن للمسجد التي أُمرنا بها في قوله تعالى: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)
(الأعراف: ٣١) .
(٥٣) حلق اللحية والشارب
حلق اللحية مكروه للأمر بإعفائها في الحديث الصحيح وأما حلق الشاربين
فكرهه بعض العلماء والأفضل قصّهما. والأصل في ذلك حديث: (أحفوا الشارب
وأعفوا اللحى) رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر مرفوعًا وهذان من
خصال الفطرة المتعلقة بالزينة وحسن الهيئة لا التعبد، والإعفاء الترك، والإحفاء
المبالغة في القص، وأوسطه أن يقص منهما ما يغطي الشفتين وهو المشهور عن
السلف، ومنهم مَن بالغ في ذلك ومَن حلقه ولكن قال الإمام مالك: حلق الشارب
بدعة ظهرت في الناس. والظاهر من إعفاء اللحية تركها على حالها، وقال بعضهم:
بل يُستحب قص ما زاد منها على قبضة اليد، ونقلوه عن بعض السلف، وصرحوا
بأن حلقها مكروه، وقال الإمام أحمد: لا بأس بحلق ما تحت حلقه من لحيته.
فترى كثيرًا من الحنابلة في هذا العصر يحلقون أسفل الذقن كله عملاً بهذه
الرواية، ولكن الحلق من الخارج محل الذبح ومن الداخل مساغ الطعام ومخرج
النفس. فحلق ما فوق الحلق وهو أسفل الذقن كله لا يدخل في معنى هذه الرواية،
وهو ينقص من جمال اللحية.