للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


مسيح الهند القادياني الدجال
(٣)
(٢) نسخه للجهاد خدمة للإنكليز:
لقد كان رد المنار على هذيان القادياني الدجال كشهاب ثاقب أتبعه، فخلب عقله
وخبله، وأبكاه وململه، وكان نورًا مضيئًا لعلماء الهند وأصحاب الصحف المنشرة،
فبادروا إلى نشره بالنص وبالترجمة، فبعثه ذلك على الرد عليه بكتابه الذي سماه
(الهدى والتبصر لمن يرى) فتخبط فيه تخبط المصروع، وتململ تململ الملسوع،
وجاء بما لا يسمن ولا يغني من جوع، بل يظل المتغذي به في جوع ويقوع وهقوع،
تارة يمدح وأخرى يذم، وطورًا يفترض ويظن وآنًا يجزم، وإن من المرعى ما
يقتل حبطًا أو يلم، فلفق وحيه الشيطاني في الرد عليَّ، وأمواج الشكوك تتقاذفه في
سبب ردي عليه، وإني أبدأ الكلام في مسألة الجهاد، بعبارته في سياق هذا التردد
والترداد، وهذا نصه:
(ثم مع ذلك تناجيني نفسي في بعض الأوقات أن من الممكن أن يكون مدير
المنار بريئًا من هذه الإلزامات، ويمكن أنه ما عمد إلى الاحتقار والنطح كالعجماوات،
بل أراد أن يعصم كلام الله من صغار المضاهات [*] وإنما الأعمال بالنيات. فإن
كان هذا هو الحق فلا شك أنه ادَّخر لنفسه بهذه المقالات كثيرًا من الدرجات؛ فإن
حب كلام الله يُدخل في الجنة ويكون عاصمًا كالجنة، وأي ذنب على الذي سبني
لحماية الفرقان، لا للاحتقار وكسر الشبان، ونحا به منحى نصرة الدين، لا لظى
التحقير والتوهين. وهل هو في ذلك إلا بمنزلة حماة الإسلام، والداعين إلى عزة
كلام الله العلام، الذي هو ملك الكلام، والله يعلم السر وما أخفى، ولكل امرئ ما
نوى) . اهـ.
ثم عقد في الكتاب فصلاً في ذم علماء زمانه؛ لأنهم لم يؤمنوا بأنه المهدي
والمسيح المنتظر قال فيه ما نصه:
(وقد أمروا أن يتبعوا الحكم الذي هو نازل من السماء، ولا يتصدوا له
بالمراء، فما أطاعوا أمر الله الودود، بل إذا ظهر فيهم المسيح الموعود، فكفروا به
كأنهم اليهود. وقد نزل ذلك الموعود عند طوفان الصليب، وعند تقليب الإسلام كل
التقليب، فهل اتبع العلماء هذا المسيح؟ كلا، بل أكفروه وأظهروا الكفر القبيح،
وأصروا على الأباطيل وخدموا القسوس، فأخذهم القسوس وشجوا الرؤوس
وأذاقوهم ما يذيقون المحبوس، فرأوا اليوم المنحوس.
سيقول السفهاء: إن الدولة البريطانية أعانت القسيسين ونصرتهم بحيل تشابه
الجبل الركين، لينصروا المسلمين، فما جريمة العالمين؟ والأمر ليس كذلك،
والعلماء ليسوا بمعذورين، فإن الدولة ما نصر القسوس بأموالها، ولا بجنود مقاتلين
وما أعطتهم حرية أزيد منكم ليرتاب من كان من المرتابين، بل أشاعت قانونًا
سواء بيننا وبينهم، ولها حق عليكم لو كنتم شاكرين.
أتريدون أن تسيئوا إلى قوم هم أحسنوا إليكم، والله لا يحب الكافرين الغامطين،
ومن إحسانهم أنكم تعيشون بالأمن والأمان، وقد كنتم تخطفون من قبل هذه الدولة
في هذه البلدان.
وأما اليوم فلا يؤذيكم ذباب ولا بقة ولا أحد من الجيران، وإن ليلكم أقرب
إلى الأمن من نهار قوم خلت قبل هذا الزمان، ومن الدولة حفظة عليكم لتعصموا من
اللصوص وأهل العدوان، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان. إنا رأينا من قبلها
زمانًا موجعًا من دونه الحطمة، واليوم بجنتها عرضت علينا الجنة نقطف من
ثمارها، ونأوي إلى أشجارها، ولذلك قلت غير مرة: إن الجهاد ورفع السيف عليهم
ذنب عظيم، وكيف يؤذي المحسن مَن هو كريم، ومَن آذى محسنه فهو لئيم) .
((يتبع بمقال تالٍ))