للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


أسئلة من بيروت

(س١١ - ٢٥) من صاحب الإمضاء في بيروت وكنت كتبت أجوبتها في
العام الماضي ولم تنشر.
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة صاحب الفضل والفضيلة سيدنا ومولانا العالم العلامة الأستاذ الجليل
السيد محمد رشيد أفندي رضا صاحب مجلة المنار الغراء، حفظه الله تعالى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد فإني أرفع لفضيلتكم ما يأتي راجيًا
التكرم بالإجابة عليه:
١- هل إذا مات رجل وترك زوجة في الحياة الدنيا وتزوجت هذه الزوجة
برجل آخر، فلأي رجل تكون في الآخرة، وهل تكون مخيرة بينهما أم لا؟ وهل
ورد في ذلك شيء صحيح معتمد أم لا؟
٢- هل إذا مات رجل أو امرأة ولم يتزوجا في الحياة الدنيا فلهما أن يتزوجا
في الآخرة أم لا؟ وبأي ناس يتزوجان؟
٣- هل يجوز أن يجمع الزوج بين الأخت وأختها أو عمتها أو خالتها
وغيرهن في الآخرة أم لا؟
٤- هل يجوز للرجال والنساء أن يتزوجوا في الآخرة من محارمهم كالإخوان
وأولادهن وغيرهن أم لا؟
٥- هل في الآخرة نسل أم لا؟
٦- هل في الآخرة بلدان كالدنيا أم لا؟
٧- هل في الآخرة طرقات وأسواق وبيع وشراء أم لا؟
٨- هل يجوز للرجال والنساء أن يأكلوا ويشربوا ويلبسوا ما شاءوا من
الألوان والأزياء والحرير والحلي والساعات والسلاسل والخواتم أم لا؟
٩- هل ما يقال من أن أقوال وأعمال الأحياء في الحياة الدنيا سواء أكانت
خيرًا أم شرًّا تُعرض على الأموات كالأقارب وغيرهم صحيح معتمد أم لا؟
١٠- هل الأموات يتزاورون ويتكلمون ويأتنسون بعضهم مع بعض ويعرفون
من يزورهم من الأحياء أم لا؟
١١- هل يجب على النساء الحجاب عن الرجال الأجانب في الآخرة أم لا؟
١٢- هل يجوز للمرأة إذا دخلت في عدة الطلاق أو الوفاة أن تُظهر صوتها
ووجهها ويديها إلى الكوعين (الرسغين) أمام الرجال الأجانب كأولاد عمها وأولاد
خالها وأقارب زوجها وغيرهم أم لا؟
١٣- هل يجوز لها الخروج من بيتها للاصطياف في الجبل وغيره هربًا من
حر الصيف أم لا؟
١٤- هل يجوز لها الخروج من بيتها بقصد الفسحة والنزهة وترويح النفس
من عناء طول المكث في البيت مقدار بضع ساعات ثم الرجوع إليه أم لا؟
١٥- هل يجوز للمرأة المسلمة السنية أن تتزوج برجل شيعي يعتقد اعتقاد
الشيعة أم لا؟ تفضلوا بالجواب ولكم الأجر والثواب.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... السائل
... ... ... ... ... ... ... ... عبد الحفيظ إبراهيم اللاذقي
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ببيروت

(المنار)
أكثر هذه الأسئلة فضول وشهوات خواطر علمية لا يتعلق بها عمل، فلا
ينبغي لنا أن نطيل القول فيما لنا به علم منها؛ لأن إضاعة الوقت فيه لا توازي
صرفه في أكثر أعمالنا؛ فإنها ولله الحمد خير منها، فكيف بما ليس لنا به علم من
أمور الآخرة والبرزخ؟ ومع هذا أجيب عنها إكرامًا للسائل - لأنه من المشتركين
الأوفياء - بالإجمال:
(ج ١١) المرأة ذات الزوجين لمن تكون في الآخرة:
إن السؤال الأول لم يرد فيه شيء في صحاح السنة؛ ولكن فيه حديث لأم
سلمة عند الطبراني، وحديث لأم حبيبة عند الخرائطي في مكارم الأخلاق أن المرأة
ذات الزوجين أو الأزواج تكون في الجنة لأحسنهما خلقًا في الدنيا، وفي الأول أنها
تُخَيَّر فتختار أحسنهما خلقًا، وفي حديث أبي الدرداء في طبقات ابن سعد مرفوعًا:
(المرأة لآخر أزواجها في الدنيا) وحملوا هذا على من مات عنها وهي في عصمته
ولم تتزوج بعده، ويؤيده أثر في معناه لأبي بكر رضي الله عنه في هذه الطبقات
أيضًا، وحملوا حديث التخيير على من لم تمُتْ على عصمة أحد كالمطلقة.
* * *
(ج ١٢ - ١٤) الزواج والأزواج في الآخرة:
وأما الجواب عن الأسئلة الثلاثة التي بعد الأول فيعلم جوابها الإجمالي من أن
المفهوم من مجموع النصوص أن نساء الجنة تقسم على الرجال من أول العهد
بدخولها كما يشاء الله تعالى، ولم يرد أن هنالك عقود زواج تتجدد، قال تعالى:
{وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ} (البقرة: ٢٥) وهذا يعم من كان متزوجًا في الدنيا ومن
لم يتزوج، فما من رجل إلا وهو زوج في الآخرة، ولا امرأة إلا وهي زوج أيضًا.
* * *
(ج ١٥) هل في الجنة ولادة ونسل:
وأما الخامس فهو أنه لم يثبت أن في الجنة حَبَلاً ولا ولادة ولا نسلاً، وفي
حديث عند الترمذي (إن المؤمن إذا اشتهى الولد في الآخرة كان له في ساعة كما
يشتهي ولكنه لا يشتهي) .
* * *
(ج ١٦) الجنة طبقات ودرجات لا بلاد:
وأما عن السادس فهو أن المعروف أن الجنة طبقات بعضها أعلى من بعض؛
لأن أهلها درجات كذلك، وأما انقسامها إلى بلاد فلا أدري ولم أر في ذلك نصًّا.
* * *
(ج ١٧) أسواق الجنة:
وأما السابع فهو أنه ورد في حديث أنس في صحيح مسلم أن في الجنة سوقًا
يأتونها كل يوم جمعة فيزدادون حُسنًا وجمالاً، وليس فيه أن هنالك بيعًا وشراء،
فالظاهر أنها مجامع للتلاقي كأسواق العرب الأدبية في عكاظ ومجنة وذي المجاز،
على أن هذه كان يكون فيها تجارة ولا حاجة في الجنة إلى التجارة فيما نعلم،
والله أعلم.
* * *
(ج ١٨) محرمات الطعام والشراب واللباس:
وأما الثامن ففيه تفصيل منه ما هو معلوم من الدين بالضرورة كتحريم أكل
الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير وما أُهل لغير الله به وصيد البر للمُحْرِم وشرب
الخمر، ومنه ما هو مختلف فيه كأكل الخيل والحمر الأهلية وسباع الوحش والطير
... إلخ، وقد فصَّلنا في المجلد الماضي مسائل اللباس من الحرير والذهب والفضة.
* * *
(ج ١٩) عرض أعمال الأحياء على الأموات:
وأما التاسع فجوابه أن ما ذكر فيه غير صحيح ولا معتمد.
* * *
(ج ٢٠) تلاقي الأرواح في البرزخ:
وأما العاشر فليس فيه أدلة صحيحة صريحة يُحتج بها على تفصيل قطعي في
ذلك؛ ولكن فيه أخبارًا وآثارًا عن السلف في تلاقي أرواح الصالحين بعد الموت،
واستدل بعضهم عليه بقوله تعالى في الشهداء: {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم
مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (آل عمران: ١٧٠) وتراجع
المسألة في ص٢٤ من كتاب الروح للعلامة ابن القيم.
* * *
(ج ٢١) لا حجاب في الجنة بين النساء والرجال:
وأما الحادي عشر فجوابه أن الجنة ليس فيها تكليف بوجوب ولا تحريم إذ لا
معاصي فيها ولا فساد، ولا فتنة يجب سد ذرائعها ومنع أسبابها بالفصل بين النساء
والرجال الأجانب.
* * *
(ج ٢٢) ما يَحْرُم على المرأة في العدة وما لا يَحْرُم:
وأما الثاني عشر فجوابه أن المرأة المعتدة يحرم عليها ما يحرم على غيرها
مع الرجال الأجانب، وتزيد عليهن الحداد على الزوج بترك الزينة والتطيب
والتعرض للخاطبين بما يباح للخَليّة غير المعتدة، وإظهار صوتها بالكلام المعتاد
ووجهها وكفيها لا ينافي الحداد فهو غير مُحَرَّم لذاته عليها ولا على غيرها، إلا إذا
كان مثارًا للفتنة أو وسيلة لمعصية.
* * *
(ج ٢٣ و ٢٤) خروج المرأة للتنزه أو الاصطياف:
وأما ١٣ و١٤ فهو أن ما ذكر فيهما يجوز لها كما يجوز لغيرها من النساء
بشرط الأمن على نفسها ومالها.
* * *
(ج ٢٥) تزوج المرأة السنية بالشيعي:
وأما الخامس عشر فجوابه الجواز لذاته، وقد بيَّنا ذلك في المجلد الماضي.