للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


جمال الإسلام المهجور أو المجهول
(مسامرة فيه)

(ذكرني اهتمام الصحف بعزم جلالة الملك المعظم على زيارة كليات الأزهر
في هذا الشهر، وانتقادها لإدارة المشيخة الحاضرة لهذه الجامعة، وسيرة رئيسها
فيها بمسامرة في هذا الموضوع قامت بها الحجة على هذا الرئيس بأن تعليم التوحيد
وغيره في الأزهر والمعاهد التابعة له غير مفيد للخواص ولا للعوام، فرأيت أن
أنشرها كما وقعت وها هي ذه) .
أدب الدكتور عبد الحميد سعيد رئيس جمعية الشبان المسلمين مأدبة نفيسة
لصاحبي السمو شقيق سلطان لحج ونجله؛ إذ كانا من ضيوف مصر في العام
الماضي، دعا إليها جماعة من كبار أهل العلم الديني والدنيوي والمكانة، في
مقدمتهم أصحاب الفضيلة والسعادة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر والشيخ محمد
صادق المجددي وزير دولة الأفغان المفوض بمصر والشيخ محمد الخضر وعثمان
مرتضى باشا وأحمد زكي باشا والدكتور عبد الرحمن شهبندر وكذا كاتب هذه
المسامرة صاحب المنار.
ولما كنا على المائدة اعتذر شيخ الأزهر بالحِمْيَة عن مشاركة الجماعة بالطعام
المغذي، ولكنه أحب أن يجمع لهم بينه وبين الغذاء العقلي، فطفق يشكو من
إعراض المسلمين عن هداية الإسلام افتتانًا بالدنيا وتقاليد الحضارة الإفرنجية، فقال
عثمان باشا: إن حب الجمال طبيعي في البشر، وإن الإسلام كله جمال، وإن
تهذيب الحضارة والعلوم الراقية تزيد العاقل حبًّا للجمال فهي تقوي الإسلام بما
تظهره من جمال المحبوب أو ما هذا خلاصته.
قال الشيخ: ولكننا نرى الجمال في عرف أكثر أهل عصرنا هو ما يسمونه
(الموضة) في الأزياء والعادات واللهو وسائر نواحي الحياة، أي وإن كان من
الفسق والفجور الذي لا يخفى قبحه على عاقل، وتساءل كيف السبيل إلى تلافيه؟
هذه صفوة عبارته.
ثم دار الكلام في جمال الإسلام وكماله وما امتاز به على سائر الأديان وما
اعترف له بعض حكماء الإفرنج ومؤرخيهم المنصفين، ولا سيما أساسه الأعظم
وهو توحيد الله تعالى وكون المرشد الأعظم للناس من لدنه عز وجل هو عبد الله
ورسوله لا مخلوق مشارك له (أو وكيل ينوب عنه) سبحانه في تدبير أمور الخلق
في الدنيا، وينجيهم في الآخرة بنفوذه وجاهه كديانة النصارى.
وذكر الدكتور شهبندر أن بعض علماء أوربة قد صرَّحوا بأن بساطة العقيدة
الإسلامية وموافقتها للعقل والفطرة وسهولة فهمها وتعقلها هو السبب في انتشار
الإسلام في جميع طبقات البشر بالسرعة المعروفة في التاريخ وانهزام النصرانية لما
رأى خذلان النصارى باتخاذ نبيهم إلهًا وربًّا لهم لم يكتفِ بتلقين أتباعه أنه نبي
ورسول، بل أمرهم بأن يقولوا: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله.
حتى إذا فرغ الجمع من الطعام، وأخذوا مقاعدهم من حجرة القهوة والكلام،
تصدى كاتب هذا المقال للموضوع فقال: إن ما قاله الأستاذ شيخ الأزهر من
إعراض المسلمين في هذه البلاد وأمثالها عن هداية الإسلام وعن تشريعه أيضًا ولا
سيما الذين يتلقون التعليم العصري حقٌّ مشاهَدٌ لا ريب فيه، وإن ما قاله الأستاذان
مرتضى باشا وشهبندر حق لا ريب فيه أيضًا، وما كان حديث المائدة ليتسع لبسط
القول الفصل الجامع بين القولين،
نعم إن كل ما قيل على المائدة صحيح، وإن كان فيه ما يوهم التعارض، ولا ينبغي
لنا أن نترك هذا الموضوع المهم بدون تمحيص وتحقيق، فأرجو السماح لي بذلك.
إن الإسلام ظهر على لسان نبي أمي بعث في قوم أميين حملوه إلى أمم كثيرة
من أهل الحضارات والعلوم والفنون السابقة فقبلوه كما قبلته قبائل البداوة، وآثروه
على أديانهم وشرائعهم ولغاتهم؛ لما تجلى لهم في كتابه وسنة نبيه وسيرة دعاته من
الجمال المعنوي في عقائده المعقولة، وشريعته العادلة، وآدابه العالية، الموافقات
للفطرة الإنسانية، والجمع بين مصالح الدين والدنيا.
فما السبب الذي صرف الكثيرين من المسلمين أنفسهم بعد ذلك عن هدايته
وعن تشريعه وعن آدابه وفضائله على جمالها وكمالها، وزين لبعضهم استبدال
غيرها بها، وكيف السبيل إلى عطفهم عليها؟ وجذب غيرهم إليها؟ هذا ما تساءل
عنه مولانا الأستاذ شيخ الأزهر، ويمكنني الجواب عنه على قاعدة الأستاذ عثمان
مرتضى باشا في جماله، وقاعدة الدكتور شهبندر في سهولته وموافقته للفطرة.
إن جمال الإسلام ظهر للعالم كله في القرون الأولى بعلم دعاته وناشريه
وبيانهم لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبحكم خلفائه وأمرائه بين
الناس بعدل شريعته ومساواتها بينهم بالحق، ثم صار هذا الجمال يخفى ويتوارى
رويدًا رويدًا بهجر العلماء لتعاليم القرآن وبيان السنة له، واعتمادهم على تقليد
العلماء المصنفين، ولا سيما المتكلمين، وبظلم الملوك والأمراء، وتعاون الفريقين
على ظلم الناس والاستبداد فيهم، وطغيان الرياسة عليهم، ونكتفي بضرب المثل
في العلماء.
ضرب الإمام الغزالي مثلاً لما وضعه علماء التقليد من الحجب بين الناس
وبين جمال الإسلام ونوره - وهي طبقات العلماء الخمس التي يذكرونها في رسم
المفتي - فشبه نور الشريعة من كلام الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالشمس أشرقت بها الآفاق، ودخل نورها من كوة في حجرة فوقعت على مرآة في
الجدار المقابل لها، فانعكس النور عنها إلى الجدار الذي تجاهها، وانعكس نور هذا
الجدار إلى جدار يقابله في حجرة أخرى مظلمة فكان أضعف مما قبله، وتكرر
الانعكاس حتى إذا كان الأخير على جدار الحجرة الخامسة كان أهلها في ظلمة لا
يدركون فيها إلا أشباحًا وشخوصًا لا يدركون صفاتها ولا معارفها التي تتميز بها.
فهذا مثل من يزعم أن نور الله المشرق من سماء كتابه وسنة رسوله لا يدركه
كما هو إلا المجتهد المطلق، وأن من دونه المجتهد المنتسب يدرك شيئًا كثيرًا من
مرآته لا يستقل باقتباسه من شمسه نفسها، ومن دونه مجتهد المذهب، وتحته المقلد
الذي يميز بين صحيح الروايات وسقيمها في المذهب، ووراءه الذي يقدر على
ترجيح بعض الروايات والأقوال على بعض. وأما سائر الناس فهم أسرى وعيال
على هذه الطبقة السفلى، فالواجب عليهم تقليدها في نقلها، لا في فهمها ورأيها،
ويقول بعض محققي المتأخرين من فقهاء الحنفية المؤلفين: وهذه طبقة أمثالنا.
فأنى لمن أقام من وراء هذه الحجب كلها أن يدرك نور الإسلام فيرى فيه
جماله وكماله وجمال كل شيء به؟ وإذا كان لفقهاء الفتوى في النوازل العلمية
وقضايا المحاكم عذر في مراعاة هذه الرسوم لعجزهم عن الدليل، فهل لأحد
عذر أن يضربها أمام عقائد الدين، وقد قال السنوسي وغيره: إن التقليد فيها غير
جائز، أو يضربها أمام فضائله وآدابه وأحكامه القطعية التي لا مجال للاجتهاد فيها؟
لقد كان علو الإسلام جميع الأديان قائمًا على قاعدة الاستقلال في فهم حقيقته
وإدراك جماله، وما ضعف إلا بترك هذه القاعدة. ولكن تعليم المدارس العصرية
قائم على هذه القاعدة، ولا يمكن تثبيت المسلمين على دينهم في هذا العصر إلا
بجعل تعليمه قائمًا عليها أيضًا؛ لأن من يتعلم كل علم مستقلا في فهمه يأبى أن يقلد
في دينه من يعترفون أن بينهم وبين كتاب الله وسنة رسوله أربعة حجب، وهم
الحجاب الخامس دونه.
ذكر لنا الدكتور شهبندر عن بعض حكماء الإفرنج اعترافهم بامتياز عقيدة
التوحيد الإسلامية على عقيدة التثليث النصرانية، وأن التوحيد يمكن أن يفهمه
ويقبله كل أحد من عوام الناس وخواصهم وبدوهم وحضرهم بخلاف التثليث، أليس
من البلاء أن يكون فساد التعليم الإسلامي قد أفضى بالمسلمين إلى خفاء عقيدة
التوحيد بالإعراض في بيانها عن آيات القرآن النيرة الواضحة إلى اصطلاحات
علماء الكلام المعقدة؟
مثال ذلك ما يلقنونه لطلبة العلوم الدينية في الأزهر وغيره من المدارس
الدينية المقلدة في أول كتاب يقرءونه لهم في العقائد وهو حواشي السنوسية الصغرى
(أم البراهين) وهو أن التوحيد الذي هو أُسُّ الإسلام عبارة عن نفي الكموم الخمسة:
الكم المتصل، والكم المنفصل في ذات واجب الوجود عز وجل، والكم المتصل،
والكم المنفصل في صفاته تعالى، والكم المنفصل في أفعاله؛ إذ ليس فيها كم
متصل كما قالوا.
إن هذه الكموم الخمسة فلسفة كلامية ما أنزل الله بها في كتابه من سلطان،
ولا وردت في شيء من بيان رسوله صلى الله عليه وسلم للكتاب، ولا في آثار
أصحابه نقلة سنته، ولا في كتب أئمة السلف الصالح ومنهم الفقهاء الأربعة وإنها
لتكاد تضاهي الأقانيم الثلاثة في الخفاء، وإن مَن يفهم معناها الذي فسروها به لا
يفهم منها حقيقة التوحيد الذي حكاه الله تعالى عن خاتم النبيين وعمن قبله من إخوانه
المرسلين، ولا ما فهمه مشركو العرب من كلمة (لا إله إلا الله) وإنني لما لقنتها
في المدرسة في طرابلس الشام حاولت أن أفهمها للعوام، فعجزت بل كدت أن أفسد
عليهم عقيدتهم، حتى قال لي بعضهم: إنه لم يستطع أن ينام الليل الذي سمع في
أوله الدرس، وخاف أن يموت وهو لا يفهم معنى التوحيد.
عندما قلت هذا وضع كفه الأستاذ الأكبر شيخ الأزهر على يدي وكان جالسًا
بجانبي وقال: إن هذه الاصطلاحات الكلامية وكتبها قد وضعت لأمثالكم من
الخواص لا للعوام.
فقلت: اسمعوا أيها السادة ما يقول مولانا الأستاذ، يقول: إن هذه الكتب
الكلامية وضعت للخواص لا للعوام، فأين الكتب التي وضعت للعوام وهم أكثر
الناس؟
إن علم الكلام علم مبتدع، أنكره عند ظهوره أئمة الإسلام حتى إن الإمام
الشافعي رحمه الله تعالى هجر حفصًا الفرد؛ لأنه ألف كتابًا فيه، وقد بيَّن الإمام أبو
حامد الغزالي ما استقر رأي العلماء فيه فقال ما خلاصتُهُ أنه ليس من علوم الدين
وإنما احتيج إليه لأجل حماية العقيدة من شبهات الفلاسفة والمبتدعة، فهو كالبذرقة
للحاج يعني الحرس، فاتخاذ البذرقة ليس من أركان الحج ولا واجباته ولا سننه،
ولا من شروط الإحرام، وإنما احتيج إليها لوجود اللصوص وقطاع الطريق الذين
يعتدون على أموال الحاج وأنفسهم.
فإذا كان الأمر كذلك، فعلم الكلام تختلف الحاجة إليه باختلاف شبهات
الخصوم، وقد تجدد في عصرنا هذا شبهات على الدين غير شبهات الفلسفة
اليونانية التي ألف علماء الكلام الأولون الكتب لدحضها، فيجب على خواص
العلماء الذين يتصدون لدفع شبهات هذا العصر أن يعرفوا العلوم التي نجمت منها،
ويردوها بالأدلة العلمية الرائجة عند أهلها، لا أن يتعبوا أنفسهم ويضيعوا أزمنتهم
في دراسة الفلسفة القديمة في كتب فنية دقيقة كشرح المواقف، وشرح العقائد
النفسية وحواشيهما، وقد كفتهم العلوم والفلسفة الجديدة مؤنة التعب فيها بما يشبه
التعبد بها، ثم إننا نرى مزاوليها لا يستفيدون منها العلم بحقيقة التوحيد ولا حقيقة
الشرك، ولا يعنون بالنهي عما ابتدع الجاهلون من الشرك، بل منهم من يتأول
لأهله خرافتهم الشركية.
إننا نرى هذه الخرافات الشركية الوثنية فاشية في الناس؛ لأن أكثرهم لا
يتلقون عقائد الدين إلا من أمهاتهم وآبائهم ومعاشريهم، حتى لا يكاد يوجد في
الألوف الكثيرة منهم أحد من ذكر أو أنثى تلقى عقيدته من كتاب الله وكتب السنة
الصحيحة، أو من تآليف العلماء على ما ذكرنا من تعقيدها، فتراهم رجالا ونساء
وأطفالا يشدون رحالهم إلى قبور اشتهرت بأسماء بعض الصالحين المعروفين أو
المجهولين يحملون إليها القرابين والنذور للتقرب إليها، ويتضرعون بالدعاء لمن
دفن فيها بطلب الشفاء لمرضاهم والانتقام من أعدائهم وغير ذلك من مآربهم. وكل
ذلك من العبادات، وهم في حِلِّهِم وتِرْحَالهم إليهم يتركون الصلوات، ويرتكبون
كثيرًا من المنكرات.
ونرى بعض المعلمين إذا حضروا دروس السنوسية والجوهرة يتأولون لهم
دعاءهم واستغاثتهم لغير الله وطوافهم بالقبور ونذروهم وقرابينهم لها، بأنهم يعتقدون
أنهم يقضون حوائجهم بما خصَّهم الله به من الكرامات، وأن قضاءها من أعمالهم
الكسبية فهم كاسبون لها لا خالقون، وأنهم هم مستشفعون بهم لا عبادون لهم،
فأقوالهم محمولة على المجاز العقلي بقرينة إسلامهم، وقصارى أعمالهم المخالفة
للشرع أن تكون من الشرك العملي لا الاعتقادي فهم بهذا التأويل الباطل للجاهلين
يصدون المتعلمين عن الإسلام، وهو ما يشكو منه الأستاذ، والقرآن يدحض هذه
التأويلات بآياته القطعية المعروفة، التي تثبت أنهم يعبدون غير الله بشرع لم يأذن
به الله.
وأنَّى لمن غاية علمه بالتوحيد فلسفة نفي الكموم الخمسة أن يعرف توحيد
القرآن وشرك العبادة الذي أنكره على المشركين من التقرب إليه بوسائل لم يشرعها
لهم بل أنكرها عليهم؟ إلخ.
إننا محتاجون في هذا العصر إلى نوعين من الكتب لطريقتين من طرائق
التعليم لإظهار حقيقة الإسلام، وما فيه من جمال وكمال، وإصلاح لحال من يهتدي
به من الناس.
النوع الأول كتب في عقائد الإسلام وآدابه وعباداته تكون في غاية السهولة
والبساطة لأجل تعليم التلاميذ والعوام من الرجال والنساء؛ ولأجل المطالعة أيضًا.
ويجب أن تكون هذه الكتب مقتبسة من نور القرآن ومستمدة من آياته البينات
التي تفيض النور على العقول، وتنفخ من روح الله في القلوب، ويجب أن يطبع
منها مئات الألوف وألوف الألوف من النسخ لأجل تعميم نشرها.
والنوع الثاني كتب في بيان أصول الإسلام في الاعتقاد والتهذيب والتشريع
مقرونة بأدلتها وحكمها ووجه حاجة جميع البشر إليها في إصلاح جميع شئونهم
الشخصية والاجتماعية، ورَدّ جميع ما يرد عليها من الشبهات في هذا العصر، إلخ.
ومن الضروري أن يكون التعليم في المعاهد الدينية مُوَجَّهًا إلى تخريج طائفة
من العلماء لبث الدين على الطريقة الأولى في المدارس والمساجد والبيوت لأجل
تعميمه في العالم كله، وتخريج طائفة أخرى لأجل الدعوة إليه والدفاع عنه، وأن
يربى كل منهما تربية روحية عقلية تكون بها الغاية التي تُنَاط بأفراده وجدانًا نفسيًّا
لهم لا هم لهم من حياتهم فيما دونها، لا وسيلة من وسائل الكسب والمعيشة.
ومن المعلوم عندنا بالاختبار أن هذا المَنْحَى من مناحي التربية الدينية والتعليم
الإسلامي مفقود لا وجود له في المعاهد الدينية، لا في الأزهر الذي هو أكبرها
وأغناها ولا في غيره، وإن هذه الكتب بنوعيها لا وجود لها فيه، اللهم إلا رسالة
التوحيد للأستاذ الإمام رحمه الله تعالى.
قررت ما ذكر كله في السامر بنحو مما بسطته هنا فأقرني عليه جميع
السامرين حتى إن شيخ الأزهر والشيخ الخضر من أكبر أعوانه ورئيس مجلة
المشيخة لم يعارضاني في كلمة منه غير ما تقدم عن الشيخ الأكبر، وقد علم منه
الجواب الصحيح عما أورده الشيخ على المائدة بما ظهر به أنه هو الملوم المسئول
فيما تساءل عنه، والمشكو منه فيما يشكو منه.
وإذا كان السكوت إقرارًا، وكان تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز،
فقد قامت به الحجة على الشيخ الظواهري بخلو الأزهر في عهده من التعليم الذي
يظهر نور الإسلام وجماله لعامة الناس وخاصتهم، وظهر به أن أكبر الإثم فيما شكا
منه من إعراض الناس عن الإسلام واقع عليه، ففي يده تلافيه، ولكنه هو الذي
يصد عنه، وقد أخرج من الأزهر أمثل المعلمين المشتغلين به، ومجلة المشيخة
الخرافية أظهر الحجج عليه، فيا ليت جلالة الملك يعلم هذا كله، كما علم من سوء
إدارة الأزهر ما دونه، وكتب هذا في غرة ذي الحجة سنة ١٣٥١.