للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: موسى كاظم الحسيني


كتاب اللجنة العليا لصندوق الأمة بفلسطين

حضرة صاحب الفضيلة مولانا الأستاذ الشيخ رشيد أفندي رضا المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد، فبالنظر لما يعهده المسلمون فيكم من
الغيرة على تراثهم الديني، والذَّب عن مقدساتهم، والرغبة في المحافظة على
كيانهم، يرى فريق منهم كان له شرف الحظوة لسدانة أولى القبلتين وثالث الحرمين
الشريفين، وما يحيط بها من مقدسات إسلامية، وبقاع جبلت بدماء المجاهدين الذين
لاقوا ربهم فيها دفاعًا عن كيانها جيلاً بعد جيل، أن يرفعوا لجنابكم هذه الكلمة
الموجزة عما وصلت إليه حالتها من خطر الخروج - لا سمح الله - من أيدي
المسلمين إلى أيدي اليهود، إن لم يتداركها المسلمون وعلى الأخص ملوكهم
وأمراؤهم وزعماؤهم بعنايتهم ويعملوا متكاتفين لإنقاذها قبل أن يقع المصاب ويحل
الندم، ولات ساعة مندم.
إن السياسة الصهيونية التي ابتليت بها فلسطين وأهلها ترمي إلى (وضع
البلاد في حالات سياسية واقتصادية وإدارية تساعد على إنشاء وطن قومي فيها
لليهود) وكانت أهم مساعي اليهود في تنفيذ هذه الفكرة منذ البدء متجهة إلى
الاستيلاء على أراضي البلاد المقدسة بأي وسيلة كانت، وإغراقها بالمهاجرين من
شذاذ الآفاق من يهود العالم، وإن الاستيلاء على الأراضي هو الذي يخيف المسلمين
ويجعل مقامهم فيها بعد الحصول إليه لا سمح الله مستحيلاً؛ لأن من لا أرض له لا
وطن له، ولا يمكن لقوم أن يعيشوا في بلاد أراضيها ليست لهم مهما كثر عَدَدُهم
وعُدَدهم. ولما كان بيع الأراضي وشراؤها أمرًا اقتصاديًّا تابعًا للقوانين والنواميس
والأصول الاقتصادية فقد وجد المسلمون في فلسطين وغير فلسطين، بعد معالجتهم
لهذا الموضوع مدة عشر سنوات أن من العبث العمل لحل هذه المعضلة بغير النواميس
والأصول. فالمسلم ذو العائلة مضطر عند الحاجة لبيع أرضه لإعالة أطفاله، والمدين
منهم يُرْغَمُ على بيع أرضه بواسطة المحاكم، وليس في أسواق الأراضي من يشتري
غير اليهود بأسعار بخسة. ولذلك كان من الحكمة والمصلحة لحفظ كيان المسلمين أن
تؤلف شركة لإنقاذ أراضي فلسطين لشرائها ممن يضطر إلى بيعها ثم تقسيمها
وتأجيرها واستثمارها لمنفعة الشركة، وفي ذلك حفظها من الضياع وإصلاحها
واستبقاؤها في يد العرب.
هذا هو الحل الوحيد الذي اتفقت عليه الآراء، وهذا ما أقره ممثلو الأمة
الإسلامية في مؤتمرهم الإسلامي العام المنعقد في المسجد الأقصى ببيت المقدس في
٢٧ رجب ١٣٥٠ كانون الأول ١٩٣١، لذلك وجدت لجنة صندوق الأمة العليا
الممثلة للمؤتمر العربي الفلسطيني الذي يتكلم باسم عرب فلسطين أن تنفذ هذه الفكرة،
فشكلت شركة باسم (شركة إنقاذ الأراضي في فلسطين) وجعلتها شركة مساهمة،
وتجدون .... طيه نسخة من نظام هذه الشركة القانوني برأسمال قدره عشرة
آلاف جنيه تزداد باضطراد إلى أن تبلغ مئات الألوف.
واللجنة إنما قامت بعملها هذا، مستندة على ما سوف تلاقيه من ملوك
المسلمين وعظمائهم، من الإقبال على ابتياع أسهمها دفاعًا عن كيان هذه البلاد
الإسلامية المقدسة واستثمارًا لأموالهم فيكون في اشتراكهم فيها ربح من أموالهم
ودفاع مجيد عن ثالث الحرمين وأولى القبلتين.
إن أهل هذه البلاد الذين هم سدنة أماكنها المقدسة من عامة المسلمين يعملون
لإنقاذها مُضَحِّينَ بأموالهم وأنفسهم فمن العدل أن يقوم المسلمون البعيدون عنها وهم
أصحابها، وعليهم إثم التواني في الدفاع عن كيانها أن يمدوا يد المساعدة في مثل
هذا الأمر فيكونوا قد استثمروا أموالهم واشتركوا في الجهاد دفاعًا عنها، والله لا
يضيع أجر المحسنين.
بيت المقدس في ١٠ شوال سنة ١٣٥١ ... رئيس اللجنة العليا لصندوق الأمة ... ... ... ... ...
و٥ فبراير سنة ١٩٣٣ ... ... ... ... ... موسى كاظم الحسيني
ــ