للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


تقريظ المطبوعات

(نقض مطاعن في القرآن الكريم)
كتاب جديد صنَّفه الأستاذ الشيخ محمد عرفة من علماء الأزهر المدرسين
ووكيل كلية الشريعة فيه، وكان القصد من تصنيفه الرد على مطاعن في القرآن
العظيم عُزِيَ إلى الدكتور طه حسين الكاتب الشهير أنه ألقاها على طلبة كلية الآداب
أيام كان مدرسًا فيها، شرع الأستاذ المؤلف في هذا الرد، وجاءني بالقسم الأول منه،
ورغب إليَّ أن أطبعه له في مطبعة المنار وأتولى تصحيحه وأعلق عليه من
الحواشي ما أراه عند التصحيح، وأن أضع له مقدمة تؤيد موضوعه، فأجبته إلى
ذلك.
شرعت في الطبع وكتبت المقدمة التي رآها قراء المنار في الجزء الماضي
منه وأطلعته عليها فسُرَّ بها، ولما تم طبع النقض ملتزمًا فيه ما ذكره في أوله من
الشرط، عَنَّ له الزيادة عليه، ثم استحسن أن يضم إليه ما كان كتبه في الرد على
كتاب الدكتور طه (في الأدب الجاهلي) ونشره في الصحف ليحفظ ذلك في كتاب
واحد، فكان كتابًا جامعًا في بابه، فصيحًا في عبارته، قويًّا في حجته، حسن
الوقع عند قرائه، أحسنت الصحف تقريظه، وأثنى كثير من كبار الكتاب على
مؤلفه، وأطنب أمير البيان الأمير شكيب أرسلان في تقريظه في كتاب خاص
أرسله إليَّ.
وكان من تأثير وقعه أن أنكر الدكتور طه حسين في جريدة كوكب الشرق التي
يتولى تحريرها ما عُزِيَ إليه من تلك المطاعن أنه ألقاه في كلية الآداب، فسررنا
بهذا الإنكار، وتمنينا لو كان قبل ذلك، ونتمنى بعده لو يكتب مقالا آخر حافلاً في
دلالة إعجاز القرآن على أنه وحي من الله عز وجل أنزله على محمد رسوله الله
وخاتم النبيين، وأن كل انتقاد وجه إلى سماء عصمته فهو من أباطيل أعدائه من
دعاة النصرانية أو الملحدين، ليهدم بذلك ما اشتهر به من الطعن في الدين وغيره
وصنفت فيه كتب أخرى، فقد ظهر مما بثه بعض الكُتَّاب في هذه الأمة من فساد
العقائد، وإباحة الفواحش والرذائل، وانفصام عُرَى الآداب والفضائل، ما ينذرها
بالانقراض والزوال، بما هو مشاهد من إباحة الأعراض المخربة للبيوت المفنية
للأموال، وإن الدكتور لأقدر من علماء الأزهر على مقاومة هذا التيار بقلمه السيال،
إذا حوله من السحر الحرام إلى السحر الحلال.
ومن سخافة مجلة نور الإسلام أن عداوتها العلمية الدينية للمنار لإظهار جهلها
والرد على بدعها قد ظهر أثرها في الأمور الإدارية والأخبار التاريخية،
والمجاملات الصحفية، فإنها قرظت هذا الكتاب فلم تذكر أنه طبع في مطبعة المنار،
وأن صاحب المنار صحَّحه وعلق حواشيه، وكتب له مقدمة نفيسة زادت رده قوة
على قوة، بل نقلت منه عبارة من عباراته في الرد قصر فيها المؤلف فوضع لها
المصحح حاشية طويلة نفيسة نقلتها نور الإسلام مع أصلها، فدل ذلك على أنها من
قلم المؤلف وهو كذب وزور، وكان يجب أن تتنزه عنه مجلة دينية هي لسان
مشيخة الأزهر، فإن كانت فعلت ذلك عن غفلة لا عن عمد فالواجب عليها وقد
علمت الحق أن تبينه في جزء آخر، فهل هي فاعلة؟
المُطَالب بهذا الواجب مديرها عبد العزيز بك محمد الذي كان صديقنا ومن
مشتركي المنار من أول العهد بظهوره، ومن أكثر الناس زيارة لنا. فاستفاد منا ثم
جفانا بدون سبب، وذلك أن الأستاذ الإمام كان أمره بترجمة كتاب (إميل القرن
التاسع عشر) للمنار خاصة فكان يترجمه ترجمة كثيرة الأغلاط العربية فنصححها
بما تعلم به الكتابة وتنقيح الإنشاء في الجملة، ولولا تصحيحنا لما كانت الترجمة
تفهم [١] وبعد إتمام نشرنا إياه في المنار طبعناه مرتين بنفقتنا ونفقته وجعلنا حق
الطبع محفوظا لنا كلينا، وحقه أن يكون لنا وحدنا. فلما راج الكتاب طلب مني أن
أكتب له أنني جعلت له حق إعادة الطبع فامتنعت؛ لأنه باطل لا موجب له، وما
زال يلح حتى قلت: أتخاف إن طبعته أن أرفع عليك قضية؟ إنك إن طبعت تفسير
المنار لا أقاضيك. فما كان منه إلا أن طبع الكتاب وحده وادعى أن حق الطبع له
وحده وحذف من مقدمته ما كان اعترف به من الفضل لي بتصحيحه، وكان حسن
ظني في دينه ومودته ألا يفعل، ولكنه فعله مرة بعد مرة، ولم أرفع عليه قضية
بهذا الاعتداء فكان جزائي منه الهجر والعداء بعد طول الود والولاء.
بلغت صفحات هذا الكتاب ١٦٨ صفحة من قطع رسالة التوحيد، وثمن
النسخة منه خمسة قروش يضاف إليها أجرة البريد (للخارج ٣ قروش) ويطلب
من مكتبة المنار بمصر.
***
(الوحي المحمدي)
(ثبوت النبوة بالقرآن ودعوة شعوب المدنية إلى الإسلام)
(دين الأخوة الإنسانية والسلام)
جمعنا ما كتبناه في التفسير من مباحث إثبات الوحي المحمدي وإعجاز القرآن
وحاجة جميع البشر إلى هدايته في كل زمان ومكان، وكونها هي العلاج الوحيد
لمفاسد الإلحاد والإباحة وتعادي الشعوب والدول واستعدادها للحرب العامة المدمرة
للعمران، وزدنا عليها، وتحدينا علماء الإفرنج وغيرهم بها، ودعوناهم بما أقمنا
على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من البراهين العلمية والفلسفية والاجتماعية إلى
الاهتداء بالإسلام؛ لإنقاذ حضارة العصر وأهلها به من الخطر المنتظر.
جمعنا ذلك في كتاب واحد ووضعنا له مقدمة بَيَّنا فيها شعور علماء الإفرنج
إلى هداية الدين والحُجُب الثلاثة التي حالت بينهم وبين فهم القرآن، وكونه كلام الله
الذي لا يحتاج البشر معه إلى هداية أخرى، ويراها القراء في هذا الجزء بلغت
صفحاته زهاء مائتي صفحة وزعنا منه نسخًا كثيرة على الجمعيات الإسلامية
والصحف الشرقية والغربية وعلماء الإفرنج المستشرقين، وقد شهد من اطلع عليه
من علماء الدين وعلماء الدنيا بأنه لم يُؤَلف مثله في الإسلام، وأنه يغني عن جميع
ما كتب العلماء في عقائد الإسلام في إثبات النبوة وإعجاز القرآن، وأنها كلها لا
تغني عنه، فهو الجدير بتدريسه لطلبة المدارس الثانوية والعالية، وأن يعتمد عليه
في دعوة أمم المدنية إلى الإسلام وفي صد هجمات الملاحدة والماديين على الدين،
وفي إلقاء شبهات دعاة التنصير في أسفل سافلين، وسيترجم ببعض اللغات الشرقية
والغربية، ويظهر إن شاء الله تعالى أنه خير مفسر للمثل العظيم في نور الله الذي
يوقد من شجرة مباركة، زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم
تمسسه نار.
وقد جعلنا ثمنه رخيصًا جدًّا لا يكفي ما يباع منه نفقة ما يوزع منه مجانًا،
فالنسخة من الورق الصقيل الجيد ثمانية قروش مصرية، ومن الورق المتوسط
خمسة قروش فقط. وأجرة البريد قرشان.
***
(صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان)
من المشهور أنه لما ظهر الإصلاح والتجديد الإسلامي في جزيرة العرب
بدعوة الشيخ محمد عبد الوهاب الشهير خافت منه الدولة التركية أن يوقظ الأمة
العربية من رقادها، ويُخْرجها من ظلمات جهلها وتفرقها الذي عادت به إلى
جزيرتها جاهليتها، فتُجدِّد ملكها، وتُحيي الخلافة الإسلامية الميتة، فيتقلص ظل
الحكم التركي عن البلاد العربية كلها، فاتفقت مع أشراف الحجاز وحكومة مصر
على مقاومة هذه الدعوة بنشر دعاية في جميع البلاد الإسلامية من عربية وغير
عربية، تصف به دعوة تجديد الإسلام بأنها ابتداع مذهب جديد مخالف للمذاهب
الإسلامية المتبعة عند أهل السنة ولمذاهب الشيعة بالأولى، ولم تكتف بذلك بل
حاربت العرب طلاب التجديد ونبزتهم بلقب الوهابيين. وهذا أمر معلوم وقد بيناه
مرارًا بمناسبات مختلفة. وبيَّنا أيضًا أن كثيرًا من العلماء المنافقين قد تقربوا إلى
حكامهم بتأليف كتب في الرد على هؤلاء المجددين، الذين عرف علماء الإفرنج
ومؤرخوهم من حقيقة أمرهم ما لم يعلمه أكثر علماء المسلمين.
وأقول الآن: إن الشيخ أحمد زيني دحلان الذي كان مفتي مكة المكرمة وكبير
علمائها قد ألف في أواخر القرن الثالث عشر كتابًا أو رسالة في الطعن على هؤلاء
الوهابية رآه الحُكَّام أجمعَ ما كُتِبَ في الافتراء عليهم وعلى شيخهم، وفي الاحتجاج
على بدع القبوريين المنكرين عليهم فنشروه في الأقطار، ووافق أهواء مبتدعة
الزمان، فأخذوا أقواله ونُقُوله بالقبول والتسليم حتى الآن، فكل ما رآه المطلعون
على مجلة مشيخة الأزهر (نور الإسلام) من الطعن فيها على الوهابية وانتزاع
الشبهات لعابدي القبور على شرعية عبادتها هو بعض من كتاب دحلان هذا.
وقد كتب في الرد على دحلان غير واحد من العلماء فكان أقواهم حجة،
وأتمهم استقصاء، عالم من أعظم علماء الهند أدرك الشيخ دحلان ولقيه وناظره في
مكة المكرمة في فجر هذا القرن (وقد توفي الشيخ دحلان سنة ١٣٠٤منه) ولما
عاد إلى الهند رد على كتابه في سفر كبير سماه (صيانة الإنسان، عن وسوسة
الشيخ دحلان) لم يدع له صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وحكم الدلائل الصحيحة
فيها.
هذا العالم الكبير هو الشيخ محمد بشير السهسواني المفسر المحدث الأصولي
الفقيه النظار الذي اعترف له منصفو علماء عصره بأنه بلغ رتبة الاجتهاد، ومن
مناقبه أنه ناظر مسيح الهند القادياني الدجال فألقمه الحجر، حتى فر من إتمام
المناظرة واعتذر، وقد طبع هذا الكتاب بالهند في عصر مؤلفه وعزي إلى أحد
تلاميذه كما يفعل بعض العلماء مثل هذا لحكمةٍ تقتضيه، وقد توفي الشيخ بشير في
سنة ١٣٢٦ فرثاه بعض العلماء بمرثية جاء فيها أن تاريخه عدد كلمة (مغفور)
بالجمل.
ثم أعيد طبع هذا الكتاب في هذه الأيام على نفقة جماعة من الحجازيين
والنجديين في مطبعة المنار طبعًا جميلاً متقنًا وصدر بترجمة للمؤلف منقولة من
كتاب (الياقوت والمرجان، في ذكر علماء سهسوان) مترجمة بالعربية عن اللغة
الأوردية بقلم أحد علماء الهند، يليها مقال طويل لنا في التعريف بالكتاب وبيان
مزاياه، وقد بلغت صفحات الأصل وحده ٥٧٦ صفحة.
ومن أهم مباحثه الحافلة الوافية التي زدناها بيانًا في المقدمة، تحقيق المراد
من كلمتي (السنة والجماعة) ومعناهما في الأحاديث النبوية وآثار السلف الواردة
في الحث على اتباعهما والترهيب من مفارقتهما، وكذا كلمة (السواد الأعظم) ،
والفرق بين المراد من هذه الكلمات في عصر السلف وفي هذا العصر، وتضليل
أدعياء العلم المعاصرين ومن على مقربة منهم بإيهامهم الناس في كل قطر أن أكثر
الذين يسمون المسلمين في كل عصر يصح فيه أن يطلق عليهم اسم جماعة
المسلمين، وأن حكمهم حكم الذين كان يطلق عليهم ذلك في عصر الصحابة
والتابعين، الذين كان إجماعهم حجة في الدين حتى عند من ينكر حجية الإجماع
الأصولي أو وجوده من غير الصحابة كالإمام أحمد، ويجزم بأن أكثرهم كانوا على
الحق والهدى، وأن رأي مخالف الأكثر من أفراد علمائهم محل اجتهاد ونظر، وهذا
الإضلال الذي ينشره بعض محرري مجلة مشيخة الأزهر كالشيخ يوسف الدجوي لا
يصح إلا قاعدة للذين يقولون: إن دين كل قوم ما هم عليه، أو ما عليه الأكثرون
منهم، وإن كان مخالفًا لنصوص كتابهم، وما كان عليه نبيهم وأصحابه، فهذا
الكتاب يقيم لك الحُجَج على أن مخالفي الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح إلى
اتباع البدع أو المعاصي لا يصح أن يسموا جماعة المسلمين الذين وردت الأحاديث
والآثار باتباعهم، خلافًا لمجلة مشيخة الأزهر فإنها تدعي أنهم هم الجماعة في
عصرنا، وأن المنكر عليهم وهابي منكر على المسلمين خارج على جماعتهم، وأن
احتجاجه على ذلك بآيات القرآن في أصول التوحيد، وبالأحاديث الصحيحة المتفق
عليها في لعن الذين يتخذون قبور أنبيائهم وصلحائهم مساجد، والذين يضعون عليها
السرج والمصابيح، وقوله صلى الله عليه وسلم فيهم: (أولئك شرار الخلق عند الله)
احتجاج باطل - ولم يبق عليهم إلا أن يعدوا منع السواد الأعظم من مسلمي مصر
للزكاة، وترك الجماهير الكثيرة منهم للصلاة، وسباحة الألوف من نسائهم مع
رجالهم في شواطئ البحار والأنهار، ومجاهرتهم بشرب الخمور والمخدرات - كلها
من أفعال المسلمين التي يُعَدُّ المُنْكِرُ عليهم فيها بترك دينهم وهابيًّا ضالاًّ أو مجتهدًا
مضلاًّ.
فهذا الكتاب يبين لك ما ورد في الأخبار والآثار في جماعة المسلمين مع
تخريجها وما قاله أئمة العلماء فيها، وما ورد في هدي سلف هذه الأمة الصالح،
ولا سيما أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وما يقابله مما ورد في خلفهم الطالح
كأهل هذه القرون الأخيرة من اتباع سنن من قبلهم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع، حتى
صح فيهم ما صار يتمثل به خطباؤهم من فوق منابرهم بهذه الجملة المأثورة (لم
يبق من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه) .
فينبغي لكل مسلم أن يطالع هذا الكتاب في هذا العصر ولا سيما أهل مصر،
وهو رخيص الثمن تُبَاع النسخة من ورقه النباتي بخمسة عشر قرشًا، ومن الورق
الأبيض الأجود بثمانية عشر قرشًا، وأجرة البريد في مصر قرشان، وفي الخارج
خمسة قروش.
***
(التوحيد)
جريدة دينية أدبية يصدرها في سنغافورة الأستاذ الفاضل الشهير الشيخ عبد
العزيز الرشيد صاحب مجلة الكويت التي كان يصدرها في الكويت من قبل، والأستاذ
كاتب عالم معتدل فنتمنى لصحيفته الرواج.