للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


تقريظ المطبوعات الحديثة

(مجمع البيان. في تفسير القرآن)
لمؤلفه العلامة الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي من أكابر علماء
(الشيعة) الإمامية في القرن السادس. وهو مطبوع طبعًا حجريًّا في طهران ونسخه
نادرة الوجود وغالية الثمن، ولهذا انتدب لإعادة طبعه بالحروف الجميلة زميلنا
الأستاذ الفاضل الشيخ عارف الزين، صاحب مجلة العرفان الغراء ومحيي آثار
علماء الشيعة في هذا العصر، وهذا التفسير أفضل ما نعرفه منها؛ لاعتداله وحسن
ترتيبه وفصاحة عبارته، فهو يتكلم أولا على القراءات حيث تتعدد، وثانيًا على
مفردات اللغة وشواهدها، وثالثًا على وجوه الإعراب إذا خفيت، ورابعًا على
أسباب النزول إذا رُوِيَتْ، وخامسًا على المعنى من مأثور ومعقول وما فيه من
المذاهب إذا اختلفت.
وقد تم في رمضان سنة ١٣٥٠ طبع المجلد الأول منه فكان طبعًا جيدًا لكن
على ورق غير جيد، وفيه تفسير جزء من تجزئة الأصل ويشتمل على تفسير سورة
الفاتحة والبقرة وآل عمران بعد مقدمات أحدها في ترجمة المؤلف للعلامة السيد
محسن الحسيني العاملي والثانية في مباحث التفسير من معناه وفائدته والحاجة إليه
وأقسامه وأذواق المفسرين وطبقاتهم للأستاذ العالم الأديب الشيخ أحمد رضا، وقد
أشار في آخرها إلى دروس الأستاذ الإمام في الأزهر واقتباسها في المنار، ولكنه لم
يذكر أن تفسير المنار مستقل، وأنه قد صدر منه إلى وقت كتابته لها تسعة أجزاء.
ويلي هاتين المقدمتين مقدمة المؤلف وهي جامعة لبضع مسائل في القرآن
سماها فنونًا.
بلغت صفحات هذا المجلد ٥٦٢ صفحة بدون الفهرس من القطع الكامل وقد
جعل الأستاذ القائم بطبعه قيمة الاشتراك في المجلد منه جنيهًا عثمانيًّا ونصف جنيه
بنقد الذهب واعدًا بأنه كلما اجتمع لديه منها ما يكفي نفقة جزء منه طبعه، وهو
معذور؛ لأنه إن قدر على طبع الجزء منه بماله في هذه العسرة فلا يثق بأن يجتمع
له ما أنفقه نقدًا إلا في عدة سنين نسيئة، لا لقلة المال عند المسلمين من شيعة
وسنيين، بل لقلة الدين، والانصراف عن فهم كتاب الله إلى الإسراف في الشهوات
المضيعة للدنيا، والعصبيات المضيعة للآخرة والدنيا معًا.
***
(حاضر العالم الإسلامي)
(لمستر لوثروب ستودار - والأمير شكيب أرسلان)
(الطبعة الثانية بمطبعة عيسى البابي الحلبي وشركائه بمصر في أربعة
أجزاء)
نشرت مكتبة البابي الحلبي الطبعة الثانية من هذا الكتاب في هذا العام
(١٣٥٢) في مجلدين كبيرين في كل منهما ٧٨٢ صفحة كصفحات المنار بحروف
جديدة على ورق جيد. فهو من أحسن الكتب طبعًا، وكانت الطبعة الأولى في
جُزْءَيْنِ فقط، فهذه الزيادة جاءت مما أضافه إليها أمير البيان الأمير شكيب أرسلان
من الحواشي والتعليقات الجديدة على الأصل، فصارت جديرة بأن تجعل هي
الأصل بطولها وتحقيقها وتعدد مباحثها، ويجعل كتاب لوثروب حاشية أو ذيلاً لها،
ولعله لا يزيد عن ربعها.
الكتاب قد اشتهر عند قراء العربية في المشرق والمغرب شهرة تغني عن
التعريف به، وقد قرَّظنا الطبعة الأولى منه عقب صدورها سنة ١٣٤٣ فهي قد
نفدت نسخها الكثيرة في بضع سنين فشرع الأمير بعد ذلك في كتابة الزيادات التي
أشعره بالحاجة إليها ما تجدد في العالم الإسلامي وشعوبه من الأحداث المهمة
بالحرب العالمية العظمى والمصائب والكوارث والنوازل التي ألمت بالمسلمين
وبأكثر البشر بربح إنكلترة وفرنسة وإيطالية للحرب، وتحكمهم الجائر في إرث
الأرض، وقد بيَّن أمير البيان الحاجة إلى هذه الزيادة بقلمه البليغ في مقدمة الطبعة
الثانية فقال:
(ولما كان قد مضى على الطبعة الأولى سبع سنوات تامات، جرى خلالها
حوادث ومهمات، ووقائع هامات، وحصل ما يسوء وما يسر، وطرأ ما هو حلو
وما هو مر، وبالإجمال تجددت قضايا تهم التاريخ العام، فضلاً عن تاريخ الإسلام،
وذلك لأن الحرب العامة كانت أشبه بزلزال جيولوجي عام، كاد أن يأتي الأرض
من قواعدها، فكثرت على أثرها الانقلابات والتحولات، وازدادت قابلية الأمم
للتأثرات، وتم في هذه السنين السبع بين طبعتي الكتاب الأولى والثانية ما لا
يحصل أكثر منه في الحِقَب الطوال، كان لا مندوحة لنا عن مراجعة النظر في
الحواشي التي علَّقناها على الكتاب أول مرة؛ لنضم إليها ما جدَّ من الوقائع التي
جرت خلال هذه الأعوام الأخيرة، ونردف الأول بالآخر، والأصل بالفرع،
وتكون الحواشي التي توخينا تعليقها على موضوع من مباحث العلامة ستودارد قد
جاءت بتمام البحث، ووفت بالغرض، ونقعت الغلة، ولم تبق في النفس حاجة،
وأتت بصورة الوقائع متسلسلة من الأول إلى هذه الساعة، ثم إنه لم ينحصر الأمر في
سرد الوقائع ولا في تقييد ما تجدد في هذه الأعوام الأخيرة من الحوادث، بل تعداه إلى
إكمال مباحث كان ضيق الوقت قد قضى باختصارها، ومطالب ألجأ تحرُّج المكان
دون استنزافها إلى أصبارها، فأطلقنا هذه المرة فيها للقلم عنانًا، وأرهفنا للتحقيق
سنانًا، وأكملنا ما كان قضى ضيق الوقت بإبقائه ناقصًا، أو برده عن محله ناكصًا.
(وأما كتابنا هذا في أجزائه الأربعة هذه المرة، فإنه إلى أن يُتَاح للإسلام
حظ هذا العمل الكبير، يكون من الكتب التي تفي بجانب من هذا العوز، ويجوز
أن يقال: إنه معلمة إسلامية صغيرة، بل هو في المباحث الجغرافية والتاريخية
والإحصائية عن أقطار الإسلام النائية وبقاعه المجهولة فَذٌّ في بابه، وكذلك يمتاز
هذا الكتاب بالمباحث السياسية التي قيض لمحررها أن يعلمها من عين صافية، وأن
يقف على الرواية الوثقى منها بطول خبرته، وقرب سنده، واستمرار مزاولته لهذه
الأمور من ٤٧ سنة. وفيه بعدُ تراجمٌ وأخبارٌ، لم يسجلها كتاب ولا جرى بها قلم،
فلا يجدها الناشد في غيره، إذ هي نتيجة مشاهدات الكاتب وما رآه بالعين وما
سمعه بالأذن وما كان له فيه أخذ ورد. وعلى كل حال ففي هذا الكتاب من الطريف
ما لا يسع إنكاره الجاحد، ولا يضيره مراء الحاسد. ولا شك في أن الأمة
الإسلامية الناهضة إلى تجديد تاريخها، النازعة إلى النماء بجميع فروعها
وشماريخها، ستتفطن إلى كل ما يعوزها من هذه المقاصد الجليلة، ومن جملتها
تأليف المعلمة الكبرى التي هي من ضرورات رقيها وأشراط نموها وبالله التوفيق،
ومنه نستمد الهداية إلى أقوم طريق، وصلى الله على النبي العربي العريق، وعلى
آله وصحبه وسلم.
هذا ما كتبه الأمير شكيب في التعريف بالحواشي التي علقها على كتاب
(حاضر العالم الإسلامي) وما زاده فيها، ومن أعلم منه بها وهو أبو عذرتها،
وغارس فسيلتها، وجاني ثمرتها، وقد يظن من يقرؤها وحدها أنه ربما كان مبالغًا
في وصفه لها، وما هو إلا مقصر كل التقصير، وما كان التقصير من شأن قلمه
في يوم من أيام عمره، وإنما كان الآن أمرًا لازمًا لتسمية مصنفه الكبير، حواشي
معلقة في أذيال كتاب ستودارد الصغير، وإنه لأَجَلّ من أن يكون أصلاً له أو مَتْنًا
ويقل ذلك الأصل أن يجعل ذيلاً له أو ذنبًا، ولكنه ظلم نفسه ظلمًا علميًّا أدبيًّا،
أعقبه ظلمًا ماليًّا ماديًّا، ومن شاء أن يعلم كُنْهَ هذا الظلم مجملاً، فلينظر في فهرس
الكتاب قبل أن يعلمه بقراءته كله مفصلاً.
على أن اسم (حاضر العالم الإسلامي) لو وضع لتعليق لمصنف الأمير
شكيب هذا وحده، لكان ظلمًا له وهضمًا لحقه، وتصغيرًا لقدره، وإنما الجدير به
أن يسمى (غابر العالم الإسلامي وحاضره) أو تالده وطارفه، فإن مقدمته في
نشوء الإسلام وارتقائه وانحطاطه، ويليها الكلام في الفتح العربي والبعثة المحمدية
وأقوال جمهرة من العلماء والفلاسفة والمؤرخين الأوربيين في النبي صلى الله عليه
وسلم ومنه خلاصة كتاب (حياة محمد) لإميل درمنغهم الكاتب الفرنسي الذي اشتهر
بهذا الكتاب، ويلي ذلك فصول ضافية في علو الإسلام وعظمته، وسبب هبوط
أهله في هذا الزمان، وفي مدنية الإسلام والرد على حسادها المكابرين، وارتقاء
اليونان والرومان العلمي المدني قبل النصرانية وانحطاطهم بعد انتحالها، والمدنية
العربية وخدمتها للطب ثم الكلام في الفرس والترك والتشيع والتعصب والتسامح
والخلافة والملك وهدي الخلفاء الراشدين وسيرة عمر وعدله خاصة، وكل ذلك في
لباب الإسلام وماضيه لا في حاضره.
أخذت هذه المباحث ٢٥٨ صفحة من الجزء الأول، ووضع بعدها الفصل
الأول من كتاب ستوارد وموضوعه اليقظة الإسلامية وهو في ١٦ صفحة، ويليه
ترجمة القس زويمر الأمريكاني أوقح أعداء الإسلام من دعاة النصرانية وأشدهم
إفسادًا، فترجمة الأستاذ الإمام وصاحب المنار من أشهر أنصار الإسلام ودعاته
وهي للأمير شكيب، ووضع بعدها الفصل الثاني من كتاب ستودارد وموضوعه
الجامعة الإسلامية وصفحاته ٤١ وسائر الجزء للأمير، وهو في بيان حال الدول
المستعمرة والإسلام - وأثر الدولة الروسية في الشرق- والفتوحات الإسلامية في
الهند وحال هذا القطر العظيم في هذا العصر- والإسلام في جاوى ومسلمي فيلبين
- الجزائر الشرقية الهندية الهولندية - وكلها للأمير، وقس الجزء الثاني على الأول
بل لم أر في فهرسه لستوارد شيئًا.
وجملة القول أن هذا الكتاب معلمة (دائرة معارف) للإسلام وشعوبه وخواص
رجاله لا يستغني مسلم قارئ عن الاطلاع عليه والاستفادة منه، وهو يغني عن
مئات من الكتب التي طرقت مباحثه، ولا يغني عنه غيره في أبوابه، إلا أن تُعْنَى
دولة أو جمعية إسلامية غنية بوضع دائرة معارف إسلامية يتولى تحرير كل
موضوع منها علماء أخصائيون في علومهم وفنونهم، كما تمنى الأمير شكيب ونوَّه
في مقدمته وكما يتمنى كل مسلم يعرف حاجة المسلمين إلى معرفة أنفسهم وتاريخ
دينهم وحضارتهم، وإن أهم ما فيه بيان الحرب الصليبية التي يجردها الإفرنج
لمحو الإسلام واستعباد المسلمين، بما يسمونه الاستعمار، ودعاية التنصير
ومطاعن المستشرقين، وسنقتبس بعض الأشعة من شمسه المشرقة، وبعض الجذى
من ناره المحرقة، لعل المسلمين يستفيدون منها ما يضيء لهم الطريق، ويحول
عنهم نار الحريق.
هذا وإن ثمن النسخة من مجلدي الكتاب معًا مائة قرش مصري وما هو بكثير.
***
(كتاب الوحي المحمدي)
لقد كان لهذا الكتاب من حسن الوقع والتأثير في العالم الإسلامي فوق ما كنا
نحسب ونقدر، فلم تمض على صدوره ثلاثة أشهر إلا وصار المطلوب من نسخه
أكثر من الموجود منها حتى امتنعنا من بيعه للمكتبات بالجملة فطلبت إحداها
خمسمائة نسخة فأعطيناها مائة لكيلا تنفد النسخ كلها قبل أن يتيسر لنا إعادة طبعه
وقد قررت وزارة معارف أفغانستان ترجمته بالفارسية ونشره في مدارسها وطلبت
عدة نسخ منه بالعربية؛ لتوزيعها على العلماء بالعربية. وقرَّظه صاحب الجلالة
المتوكلية الإمام يحيى حميد الدين وطلب نسخًا كثيرة منه لنشرها في اليمن وشرع
آخرون بترجمته باللغات التركية والأوردية والإنكليزية، وسننشر بعض ما قرَّظه
به كبار العلماء والكُتَّاب في مصر وغيرها.
***
(نداء الجنس اللطيف - في حقوق النساء في الإسلام)
(لصاحب الفضيلة مفتي طرابلس الشام)
لحضرة الأخ الفاضل السيد عاصم آل رضا حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد فقد تناولت بيد الشكر والاحترام
هديتكم السنية كتاب (حقوق النساء في الإسلام، وحظهن من الإصلاح المحمدي
العام) تأليف العلامة الشهير، الأستاذ الكبير، دائرة العلوم المعارف، من تالد
وطارف، مفخرة الأمة المحمدية، طراز العصابة الهاشمية، خادم دين الإسلام،
وسنة سيد الأنام، عليه وعلى آله وأصحابه أفضل الصلاة وأزكى السلام، أعنيه
ابن عمكم السيد الشيخ محمد رشيد فيا لله ما أعلا وأغلا هذا الكتاب المستطاب،
الذي تمثلت فيه روح حكم أحكام الدين بلا ارتياب، فكان بموضوعه فصل الخطاب
لما حوى من الاقتدار، في استخراج درر الحقائق من أصداف بحار الكتاب والسنة
وعلوم الأئمة الأخيار الخفية في هذا الزمان عن كثير من المسلمين والأغيار.
إن هذا العصر لمحتاج إلى عالم خبير، مثل ابن عمك النِّحْرِير، الذي دأبه
في الغابر والحاضر بيان حكم الدين الإسلامي المبين، ونشر ثقافته وحضارته بين
العالمين.
أسأل الله أن يكافئ هذا العالم العامل النافع الجليل بالخير والأجر الجزيل،
بمنه تعالى وكرمه مجردًا لشكري العظيم بادرت بتقديم هذا الرقيم راجيًا إبلاغ
حضرة المشار إليه فائق الاحترام، وأزكى التحية والسلام.
... ... ... ... ... ... ... ... ... مفتي طرابلس
... ... ... ... ... ... ... ... محمد رشيد ميقاتي