للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: عبد الظاهر أبو السمح


مدرسة دار الحديث بمكة المكرمة

أسست في مكة المكرمة مدرسة لإحياء علم الحديث بهذا الاسم، وقد جاءنا من
مديرها بيان لذلك قال فيه بعد مقدمة وجيزة ما نصه:
ولما كان المسلمون في أشد الحاجة إلى إحياء سنة رسول الله صلى الله عليه
وسلم؛ لأن حياتهم متوقفة على ذلك، وكانت مكة المكرمة مهبط الوحي، ومشرق
نور الرسالة، وفيها قبلة المسلمين، فكَّر جماعة من أهل الغيرة في إنشاء مدرسة
بها لهذا الغرض، وقد وفقنا الله تعالى -وله الحمد والمنة- لافتتاحها في ١٢ ربيع
الأول سنة ١٣٥٢ بعد الاستئذان من أولي الأمر، ولم يبق إلا مساعدة المسلمين لها
بآرائهم السديدة، وبما تجود به نفوسهم الكريمة من مبرات وخيرات، وبكل ما
استطاعوا من معونة عملاً بقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى} (المائدة
: ٢) ? {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (وَالعصر: ٣) .
ولا ريب أن هذا العمل من خير الأعمال وأفضلها، ومن الجهاد في سبيل الله
فقد قال الله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} (آل عمران: ١٠٤) وقال صلى الله
عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق،
ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها) رواه البخاري وغير خَافٍ أن مكة
المكرمة هي أم القرى وموضع احترام المسلمين جميعًا، ويسرهم أن تكون كما كانت
من قبل مورد العلماء، وملتقى الفضلاء.
فهذا أوان العمل، ومن وثق بما عند الله ووعده أنفق في سبيله قال تعالى:
{مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} (الحديد:١١)
وقال تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (سبأ: ٣٩)
وقال سبحانه: {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ} (النحل: ٩٦) .

علوم المدرسة:
أما علوم المدرسة فهي الحديث دراية ورواية، والتفسير وكيفية التفقه فيهما
اقتداء بأئمة الهدى، ولا بد من قراءة الكتب الستة التي هي دواوين السنة والتفقه في
أسانيدها ومتونها وحفظ جملة صالحة منها مع حسن استحضار كثير من مظان
الحديث واللغة العربية ألفاظًا وأسلوبًا وقواعد وآدابًا.
التعليم فيها: أما التعليم فيها فمقرر مجانًا وتصرف الكتب والأدوات للطلبة بلا
مقابل، وبعض الطلبة تعطى لهم إعانات مالية أيضًا. ومدة الدراسة ثلاث سنين
مؤقتًا، وقد تُزَاد إذا دعت المصلحة.
طريقة التعليم:
أما طريقة التعليم فهي كما يأتي: -
(الأول) إلقاء الدروس باللغة العربية الفصحى وتعويد الطلبة الكلام الفصيح.
(الثاني) تعليم القواعد بطريقة الاستقراء والاستنتاج والإكثار من التمرينات.
(الثالث) إشراك الطلبة في الدرس حتى لا يكون كالخطابة والمحاضرة تلقى
عليهم وهم سكوت، ثم ينصرفون.
(الرابع) تعويد الطلبة التفكير الصحيح وحرية الرأي وتثقيف عقولهم.
وللمدرسة هيئة إدارية متشكلة من أعيان الحجاز وعلمائه الموقعين على هذه
النشرة.
الأعضاء المستشارون: وكذلك لها أعضاء مستشارون في سائر الممالك
الإسلامية من العلماء والأعيان، فالمدرسة ترحب بكل غيور على السنة وتدعوه إلى
معاونتها بكل ما أمكن من جاه ومال ورأي وعلم، والله لا يضيع أجر من أحسن
عملاً.
طريقة الإعانة المالية:
(١) إذا كان المتبرع بمكة المكرمة فنرجوه أن يسلم الإعانة لمدير المدرسة
أو لأمين صندوقها ويأخذ سند الاستلام.
(٢) وأما من كان في الخارج فعليه أن يرسل الأوراق المالية ضمن
ظروف مسجلة باسم المدير أو يرسل حوالة على البريد أو أحد البنوك أو أحد التجار
المعتبرين باسم المدير، ويوضح اسمه وعنوانه حتى نرسل إليه الوصولات، وكل
من لم يصله الوصل في ظرف شهرين، فله أن يراجع المدير بشأن إعانته وليس
لدار الحديث وكيل طواف متنقل في البلاد يجمع باسمها الإعانات فنحذر الناس من
المحتالين وننصحهم ألا يعطوا أحدًا شيئًا باسم دار الحديث، وليعلموا أن ليس في
الحجاز كله دار حديث مصرَّح لها رسميًّا غير التي بمكة. وفي الختام نسأل الله
تعالى أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه وينجحنا في مقصدنا، وهو تخريج طائفة من
العلماء المحققين المستقلين في الفكر، والمتبعين للسلف الصالح في فهمهم للدين
والعمل به والدعوة إليه، وما ذلك على الله بعزيز (وقد ضافت الصفحة عن ذكر
أسماء سائر المؤسسين) .
... ... ... ... ... ... ... ... مدير المدرسة
... ... ... ... ... ... ... عبد الظاهر محمد أبو السمح