للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


المطبوعات الحديثة

(مائة حديث وحديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم)
(تأليف محمود بك خاطر، طبع في مطبعة مصر بغاية الإتقان سنة
١٣٥٢) .
محمود بك خاطر من خيار أدباء مصر نفسًا ولغةً وتصنيفًا له كتاب (مهذب
مختار الصحاح) مطبوع، وكتاب (مختار القاموس) تحت الطبع.
وقد عُني أخيرًا بجمع مائة حديث وحديث من دواوين السنة، وعزا كل واحد
منها إلى أحد مخرِّجيه من أصحابها، وشرحها شرحًا لطيفًا وجيزًا، وطبعها في
مطبعة مصر - وهو مديرها - طبعًا جميلاً، ونشرها بين الناس، فكان وقعها حسنًا
نافعًا؛ لأنها من الحكمة المحمدية التي تكثر الحاجة إليها في هذا العصر كما قال في
بيان غرضه منها: (راعيت في اختيارها تعرضها للمسائل الحيوية، والشؤون
الاجتماعية، مما يهذب الناشئين، ويثقف النابهين، وينبه الغافلين) ولا غرو
فمحمود حسن الاختيار حسن الذوق، محسن متقن لكل ما يعمل بقدر طاقته، وقد
تجلى في هذا الكتاب جمال دينه مع جمال عقله وأدبه وذوقه وإتقان فن الطباعة الذي
تولى فيه إدارة مطبعة من أغنى مطابع مصر أو الشرق، وهي مطبعة بنك مصر.
تفضل صديقي محمود بك خاطر بإهداء الكتاب إليّ في أول عهده بإخراجه من
المطبعة، وقد سرني أن أبطأت في تقريظه حتى أخذ حظه الكبير من تقريظ
الجرائد بأقلام محرريها وغيرهم من الأدباء، ولم أر في أسماء مقرظيه أحدًا من
المشتغلين بعلم الحديث يكفيني الإشارة إلى بعض ما ينتقد على الكتاب مما لا يعلمه
إلا أهل الحديث.
أهم ذلك أن المؤلف صرف وقتًا طويلاً في جمع هذه الأحاديث من دواوين
السنة التي ذكرها، وفي مراجعة شروح بعضها، وكان يغنيه عن ذلك كله أو جله
وعما كتبه في أول الكتاب (ص٨) وفي آخره (ص ٧١-٧٤) من ذكر أسماء
هذه الكتب، وأرقام الصحائف التي نقل الأحاديث منها - كان يغنيه عن ذلك كله أو
جله شرح الجامع الصغير، بما يكون تخريجه للأحاديث أتم، والثقة بها أكمل، مع
موافقتها لاصطلاح أهل الحديث.
أكثر هذه الأحاديث مدونة في الجامع الصغير، وربما توجد كلها في النسخة
التي أضيف إليها ذيله [*] ومؤلفه الجلال السيوطي يعزو كل حديث إلى مخرِّجيه من
أصحاب الكتب الستة وغيرهم، ووضع علامات للصحاح والحسان والضعاف منها
في الغالب، وما فاته من هذا لا يفوت شراحه، فما فائدة تعب المؤلف في قراءة
جامع الترمذي كله، واختيار بضعة عشر حديثًا منه يعزوها إليه وحده، وأهل
الحديث يعلمون أن فيه بعض الأحاديث الضعيفة والمنكرة والشاذة، فعزو الحديث
إليه وحده لا يفيد أنه صحيح ولا حسن، وكذلك سائر الكتب التي نقل عنها ما عدا
الصحيحين، وبعض ما عزاه إلى واحد من هؤلاء قد يكون مرويًّا في أحد
الصحيحين أو كليهما، وقد يكون متفقًا عليه أو مما رواه الجماعة كلهم، ومن المنتقَد
عند أهل الحديث أن ينقل أحد حديثًا ويعزوه إلى أحد مخرِّجيه إلا أن يكون أصحهم
رواية كالشيخين في صحيحيهما، فإن كان فيهما، فيعزى إليهما معًا إن كان لفظها
واحدًا، وإلا اقتصر على البخاري؛ لأنه أصحهما، أو على صاحب اللفظ الذي
يختاره مصرحًا به.
والأستاذ محمود بك يعزو الحديث المتفق عليه إلى واحد ممن لا يتحرون
الصحاح وحدها كالأحاديث الثالث والرابع والسادس والسابع والثامن والتاسع، بل
الحديث السادس رواه الجماعة كلهم، وقد عزاه إلى البخاري وحده، وعزا الرابع
إلى أحمد وحده، وقد رواه معه البخاري ومسلم كلاهما متفق عليه، وعزا التاسع
إلى أبي داود وحده، وهو متفق عليه رواه أحمد والبخاري ومسلم أيضًا، ومثل
هذا كثير في الكتاب.
ومما ينتقَد عليه أنه قال في فاتحة (ص٩) : وقد أوردت كل حديث منها
بإسناده إلى من حدَّث به، وهو لم يذكر إسناد شيء منها بالمعنى المعروف عند
المحدِّثين، وهو السند أي: طريق الحديث من رواية الأول كالبخاري مثلاً إلى
الصحابي الذي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولكنه يعني بالإسناد معناه
اللغوي وهو العزو إلى أصحاب الكتب، فيحسن أن يتذكر هذا وذاك إذا وفقه الله
تعالى لخدمة الأمة بكتاب آخر من مختاراته النافعة، وأن يذكر الكتب الستة
ومؤلفيها بترتيب تواريخهم، لا بترتيب حروف المعجم، وأن لا يذكر مسند أحمد
في الكتب الستة، والأشهر أن السادس منها سنن ابن ماجه، ومنهم من يعد منها
الموطَّأ أو سنن الدارمي دون ابن ماجه.
ومن الغريب أن يخطئ المؤلف في تعريفه وبيانه لكتب الحديث التي نقل عنها
ومؤلفيها (ص١٠) في اسم صاحب الصحيح الثاني، فيقول: (صحيح أبي الحسن
مسلم بن مسلم والصواب أنه أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم، وقل من يذكر
اسم جده) ، ومثله خطؤه في ضبط الترمذي، فقد ضبطه في هذا البيان، وفي عزو
الحديث الأول إليه مشكولاً بضم التاء، وهي مسكورة بالاتفاق.
وافتتح المؤلف الكتاب بمقدمة وجيزة في نسب النبي صلى الله عليه وسلم
وصورته وسيرته جمعت في ورقتين صغيرتين ما لا يستغني مسلم عن معرفته،
والظاهر أنه اعتمد فيها على ما كان علق بحفظه، فلم تأت بما يعهد في لغته من
الدقة، مثال ذلك أنه قال بعد بضعة أسطر من الصفحة الأولى: وعندما بلغ أشده
تولى رعي الغنم بالبادية مع إخوته في الرضاع، وهو صلى الله عليه وسلم قد
رعاها قبل ذلك، ولم يمكث في البادية إلى أن بلغ أشده. وفي الصفحة التي تليها
(وجمع رسول الله عشيرته وهم بنو هاشم وبنو عبد المطلب) ... إلخ، والصواب
وبنو المطلب كما هو ظاهر، ولعل الأستاذ ينقح هذه السيرة الشريفة اللطيفة،
ويراعي ما قلنا في الطبعة الثانية لهذا الكتاب، إذ يرجى أن يطبع مرارًا.
صفحات الكتاب من مقدمته إلى نهاية فهرسه ٧٨ صفحة، وثمنه خمسة
قروش صحيحة، ويطلب من مكتبة مصر، فنحث جميع القراء على مطالعته.
***
(كتاب الإسلام كتاب ديني، أخلاقي، أدبي، اجتماعي)
مؤلفه الأستاذ أسعد لطفي أفندي حسن طبع طبعًا جيدًا متقنًا في مطبعة فاروق
بمصر سنة ١٣٥٠، صفحاته ٣٦٨ من قطع المنار، ثمن النسخة منه عشرون
قرشًا.
رفعه المؤلف (إلى الله جل وعلا) بمناجاة ودعاء، ثم افتتحه بمقدمة في
الشكوى من فشو الفواحش والمنكرات، والإعراض عن هداية الدين وعلمه لعدم
دراسته في المدارس، ووجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر الذي أقدم
عليه بهذا الكتاب، وإن لم يكن من علماء الدين كما قال، وتلا هذا تمهيد وجيز في
مولد النبي الأعظم وبعثته ورسالته، فدخول على الموضوع بالتعريف بالإسلام
والإيمان بالإجمال، فتفصيل لما يجب الإيمان من صفات الله، والإيمان بملائكته،
وكتبه ورسله بإيراد طوائف من آيات القرآن المجيد مشكولة غير مفسرة في كل
موضوع منها، وفي قصص الرسل عليهم السلام من غير تفسير حتى إنه ذكر في
رسالة يوسف عليه السلام السورة المسماة باسمه كلها؛ ولكنه تكلم فيما يجب لخاتمهم
محمد صلى الله عليه وسلم على إعجاز القرآن وأخلاقه وحكمه النبوية، ثم تكلم في
الزواج والميراث وحقوق النساء، وموضوع الحجاب والسفور الذي عظمت فتنته
في هذه السنين بمصر وغيرها.
ثم انتقل إلى العبادات فبدأ بالصلاة والطهارة، فذكر الضروري من أحكامهما
موافقًا مذهب الشافعي رحمه الله تعالى في المسائل الخلافية، ثم تكلم على الزكاة
والصيام والحج، فذكر الضروري من أحكامها مع الإلمام بحكمها، ولكن عبارته في
بعض هذه الأحكام لم تكن دقيقة كعبارات الفقهاء، فهي لا تخلو من أغلاط معنوية،
ثم ختم الكتاب في النهي عن البدع الفاشية في هذا الزمان، فرسالة أبي الربيع محمد
بن الليث التي كتبها من قِبَل هارون الرشيد إلى قسطنطين ملك الروم يدعوه بها إلى
الإسلام.
وجملة القول: إن الكتاب مفيد، وهو خير من جميع الكتب الكلامية التي
تقرأ في المعاهد الدينية، وعسى أن يُعْنَى بتصحيحه بالدقة التامة في الطبعة
الثانية، ويعلق على آيات القرآن التي فيه تفسيرًا مختصرًا يُفْهَم به معناها في
الجملة.
***
(كتاب الآيات المحمدية)
(تأليف محمد عبد الوهاب عضو جماعة الوعظ والدعوة الإسلامية،
وجمعيات مكارم الأخلاق والهداية الإسلامية والمحافظة على القرآن الحكيم، الطبعة
الأولى، بالمطبعة المتوسطة بمصر سنة ١٣٥٣)
صنف المصنفون كتبًا كثيرة في موضوع هذا الكتاب من الآيات الشاملة
للمعجزات والإرهاصات وغيرها، منها ما جمعه المحدثون من الروايات في ذلك
من صحيح وضعيف ومنكر وموضوع اعتمادًا على تمييز العلماء بينها من أسانيدها،
ومن أشهرها دلائل النبوة للحافظ أبي نعيم وللحافظ البيهقي، ومن أجمعها كتاب
الخصائص الكبرى للسيوطي، ومنها كتب لمن بعدهم من الذين يجمعون كل ما
يرونه في الكتب من مختصر ومطول.
وقد اختار الأستاذ الفاضل محمد أفندي عبد الوهاب من موظفي وزارة الحربية
طائفة من هذه الآيات نقلها كما قال من الصحيحين، وتيسير الوصول، والسيرة
الحلبية، وسيرة ابن هشام، وزاد المعاد، والجواب الصحيح ونور اليقين؛ ولكنه
ينقل عن غيرها بتعيين لما ينقل عنه كدلائل النبوة، وبدون تعيين، ويذكر بعض
الآيات بدون عزو إلى كتاب.
وكان قد اقتصر في المقدمة على ذكر النقل من الصحيحين والسيرتين، ثم
زاد عليهما في خاتمته ما ذكرنا من الكتب، وقد علمت أنه زاد على كل ما ذكره
فيها.
واعتذر في كلمته الختامية عن نقل ما لم يصح عن المحدثين من تلك
المعجزات بأن في الصحاح ما يزيل استبعاد وقوعها؛ ولكن ينبغي أن يكون المانع
من نقل ما لا يصح أنه لا يصح، لا أنه مستبعد، فإذا نقل وجب أن يبين درجته
عند إيراده، واستغنى المؤلف عن هذا باعتذاره عنه، وهو أقل ما يجب.
وقد جعل المؤلف ربح هذا الكتاب، وهو ما يزيد من ثمنه على نفقة طبعته
إعانة لفقراء الحجاز فكل من يشتري منه شيئًا يكون شريكًا له في هذه الصدقة،
فنحث قراء المنار على ذلك، وصفحات الكتاب ١٥٨، وهو يُطلب من مؤلفه في
منزله عدد ١٣ حارة عنبر شارع حيصان الموصلي بالدرب الأحمر بمصر.