للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد مصطفى المراغي


تصدير
بقلم فضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي
شيخ الجامع الأزهر

كانت مجلة المنار مرجعًا من المراجع الإسلامية العالية، تُحل فيها مشاكل
العقائد، والفقه، وتحيط بالمسائل الاجتماعية الإسلامية، وأخبار العالم الإسلامي
وما فيه من أحداث، وأمراض، وعلل، وكان صاحبها السيد رشيد رضا - رحمه
الله - رجلاً عالمًا عاملاً غيورًا مخلصًا للإسلام، محبًّا لكتاب الله وسنة
رسوله وآثار السلف الصالح. وقف حياته لخدمة دينه والأمم الإسلامية، وكان
شجاعًا في الحق، لا يهاب أحدًا، ولا يجامل، ولا يحابي.
نشأ على هذا واستمر فيه إلى أن لقي ربه واحتجبت بعد ذلك مجلة المنار،
فأحس العالم الإسلامي بفداحة الخطب وشدة وقع المصاب؛ فإنه لا يوجد - فيما
أعلم الآن - ذلك الرجل الذي له من سعة الاطلاع، وحسن التدبير، وحكمة الرأي،
وقوة الإدراك في السياسة الشرعية الإسلامية ما يضارع به المرحوم السيد رشيد.
ذلك ماضٍ جليل نودعه من الفخر به والأسى عليه، والآن قد علمت أن الأستاذ
حسن البنا يريد أن يبعث المنار ويعيده سيرته الأولى، فسرني هذا؛ فإن الأستاذ
البنا رجل مسلم غيور على دينه، يفهم الوسط الذي يعيش فيه، ويعرف مواضع
الداء في جسم الأمة الإسلامية، ويفقه أسرار الإسلام، وقد اتصل بالناس اتصالاً
وثيقًا على اختلاف طبقاتهم، وشغل نفسه بالإصلاح الديني والاجتماعي على
الطريقة التي كان يرضاها سلف هذه الأمة.
(وبعد) فإني أرجو للأستاذ البنا أن يكون على سيرة السيد رشيد رضا،
وأن يلازمه التوفيق كما صاحب السيد رشيد رضا، والله هو المعين، عليه نتوكل،
وبه نستعين.
روائع
من قطعة للرافعي - رحمه الله - في وصف الصحابة يفتحون مصر:
إن هؤلاء المسلمين هم العقل الجديد الذي سيضع في العالم تمييزه بين الحق
والباطل، وإن نبيهم أطهر من السحابة في سمائها، وإنهم جميعًا ينبعثون من حدود
دينهم وفضائله، لا من حدود أنفسهم وشهواتها، وإذا سلوا السيف سلُّوه بقانون،
وإذا أغمدوه أغمدوه بقانون... ولأن تخاف المرأة على عفتها من أبيها أقرب من
أن تخاف عليها من أصحاب هذا النبي؛ فإنهم جميعًا في واجبات القلب، وواجبات
العقل، والضمير الإسلامي في الرجل منهم يكون حاملاً سلاحًا يضرب صاحبه إذا
همَّ بمخالفته.