للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


قليل من الحقائق عن تركيا
في عهد جلالة السلطان عبد الحميد الثاني

(تابع الجيش العثماني)
يتألف معسكر الطوبجية من ٢٥٢ بطارية، لكل بطارية ستة مدافع، وجميع
عدد الطوبجية المعسكرة والقلاعية ومنها المدافع وملحقاتها يستحضر من معامل
كروب في آسين ولكن بعض المدافع أيضا يصنع على شاكلة مدافع كروب في
المعامل الكبيرة للطوبجية بالقسطنطينية، أعني في الطوبخانة.
والبطاريات الجبلية جديرة حقًّا بتنويه خصوصي من حيث الحذق البديع الذي
يُرى في تحريكها، فالمدفع وذخيرته تحمله أربعة بغال ترفع أحمالها، ويعد المدفع
للعمل في أقل من دقيقتين، وكسوة الطوبجية عبارة عن دولمان أزرق قاتم وقرج
أسود، وسراويل سنجابي، ونعلين، وعوضًا عن الطربوش الذي تلبسه المشاة
تلبس الفرسان والطوبجية قبعة من شعر أسود شبه بالذي كان يلبسه قبل سنة ١٨٧٠م
الصيادون الفرسان، وفرقة الفرسان الفرنساوية المسماة بالهوسار، تؤخذ فرقة
الضباط من (الصف ضباط) وتلامذة المدارس الحربيين في قومبر خانة وبنغالدي
والأولى للعلوبجية، والثانية للمشاة والفرسان وأركان حرب، لم تكن فرقة أركان
حرب أنشئت في تركيا حتى الحرب الأخيرة (حرب الروسيا) ويمكن أن ينسب بلا
شك لعدم وجودها تأثير عظيم في نتيجة الوقائع الحربية، فشكرًا لجلالة السلطان عبد
الحميد إذ قد سد هذا الخلل، فإنه قد أنشأ من سنة ١٨٨٤م في مدرسة بنغالدي قسمًا
لأركان حرب يقابل للمجمع الحربي في ألمانيا والمدرسة العالية الحربية في فرنسا،
تدخل التلامذة مدرسة الطوبجية والمهندسين في الخامسة عشرة من عمرهم،
ويمكثون أربع سنين في القسم التجهيزي، وسنتين في القسم التالي، ثم يرقون إلى
وظيفة ملازم ثانٍ، وبعد أن يقضوا سنة في إتمام دروسهم يخرجون من المدرسة
برتبة ملازم أول.
أما في مدرسة بنقالدي فيمكث التلامذة ثلاث سنين، ثم يخرجون برتبة ملازم
ثانٍ، والفائقون منهم لإخوانهم المعدون للدخول في فرقة أركان حرب يقضون في
المدرسة ثلاث سنين أخرى، ثم يخرجون بوظيفة يوزباشي.
نظام هاتين المدرستين العظيمتين لا يعوزه من الكمال شيء من حيث التربية
والتعليم النظري والعملي، وتعليم اللغات الأجنبية فيهما أكثر تقدمًا منه في المدارس
الحربية للبلاد الأخرى، ويوجد تحت مدرستي قمبرخانة وبنقالدي مدارس تجهيزية
تسمى بالمكاتب الإعدادية الحربية بكل من أدرنه ومناستير وبروسه وأرضروم
ودمشق وبغداد وقبيلي وفي ضواحي القسطنطينية على الجنب الأسيوي للبوسفور
ويدير هذه المدرسة الأخيرة أميرلواء، أما المدارس الأخرى فيديرها قائمو مقام، أو
رؤساء طوابير ويدخل التلامذة هذه المدارس في سن الثانية عشرة ويقضون فيها
ثلاث سنين.
(لها بقية)
((يتبع بمقال تالٍ))