للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


تقاريظ

(الدروس الحكمية للناشئة الإسلامية)
ذكرنا هذا الكتاب في فاتحة العدد الخامس عشر من منارهذه السنة، ونشرنا
الدرس السابع منه ليكون نموذجًا للقرَّاء، ولم يكن قد تم تأليفه يومئذ، وقد تم الآن
وطبع في جزء صغير الحجم كبير الفائدة ولم ينسَ قرّاء (المنار) أن مصنفه هو
صديقنا الكاتب الفاضل والسري الكامل رفيق بك العظم الشهير، والذي بعث
همته لوضعه هو الغيرة علي الناشئة الإسلامية المنكبة علي تحصيل العلوم
والفنون في المدارس النظامية حيث ألفاها محرومة من تعليم آداب الدين ومبادئ
علم الاجتماع، وقد كان يكتب هذه الدروس ويلقيها على الفرقتين الثالثة والرابعة من
تلاميذ المدرسة العثمانية الأهلية أيام كان ناظرها، وقد جعلها ثلاثة أقسام: مبادئ
وروابط ومقومات، فالقسم الأول أربعة دروس: (١) في ضعف الإنسان و (٢)
عقله و (٣) مدنيته و (٤) كماله، وتكلم في القسم الثاني عن حاجة البشر إلي
الدين ووجوب معرفته وضرورة الحكومة للاجتماع و (الحكومات والإسلام) والعدل
في الإسلام، والمرتبة الأولي من مراتب العدل وهي العدالة في الأحكام، وقد جعل
العدل ثلاث مراتب بتقسيم انفرد به غير التقسيم المعروف، وذكر في القسم الثالث
المرتبة الثانية منها وهي عبارة عن المساواة بين الناس في أنفسهم مهما اختلفت
أنسابهم، وذكر الحرية والمقابلة بين الحرية الغربية والحرية الإسلامية، ثم
المرتبة الثالثة من مراتب العدل وهي ما يكون في المعاملة بين الناس، ثم المداهنة،
فالخيانة والتغرير، فالثبات والصبر، فالاعتماد بعد الله على النفس، فالعلم والتعليم،
فالعلم بالعمل، فالتربية والأخلاق، فبيان مخصوص في الأخلاق، فحب الوطن،
فحب الناس، وجعل آخر الدروس (خاتمة فيها تذكير) وقد سردنا جميع عناوينها
فهي ٢٧ درسًا، وكل درس مفتتح بآية قرآنية، وهذه العناوين تدلك على أن هذا
الكتاب يفتح لعقول التلامذة أبوابًا من الفكر النافع، ويحلي نفوسهم بالأدب الصحيح،
ومن ثم قررت الجمعية الخيرية الإسلامية في مصر تدريس هذا الكتاب في
مدارسها، فحبذا لو اقتدت بها سائر المدارس الأهلية، ولا يصدنهم عن هذا ما
يتراءى من أن بعض مواضيعها تعلو على أذهان التلامذة، فإن المؤلف لم يذهب فيها
مذاهب بعيدة عن أفهامهم، كيف وقد وضعها لهم، وتحرى فيها غاية الاختصار مع
السهولة في البيان لكي تحيط بها تلك الأذهان؟ ! وقد قرأت عدة دروس منها، فلم
أجد فيها شيئًا من التعاليم الفاسدة الضارة التي قلما يخلو منها كتاب من كتبنا في
الأخلاق والآداب، فالكتاب سالم من الانتقاد من حيث كونه كتابًا مدرسيًّا، ولكنه لا
يخلو من النظر في بعض الألفاظ أو المعاني كالتقسيم والتعريف، فقد عرَّف العلم
بأنه العقل الغريزي إذا ترقى إلى متناول المعرفة بحقائق المحسوسات، وعرَّف
الفضائل بقوله: (هي الأعمال النفسية والبدنية التي روعي فيها جانب العدل)
والخطب في هذا سهل.
(المبادئ الأولية في الدروس الجغرافية)
كتاب يحتوي على ما هو مقرر من هذا الفن لتلامذة السنة الثانية والثالثة من
مدارس الابتدائية بحسب ترتيب نظارة المعارف، ألَّفه أخونا في الله سيد أفندي
محمد مدرس الجغرافية والتاريخ واللغة الفرنساوية في المدارسة التحضيرية، وقد
أهداه إلينا من نحو ثلاثة أشهر، وأخرْنا تقريظه رجاء أن تسمح لنا الفرص بقراءته
لانتقاده حيث عهد إلينا من حضرة المؤلف بهذا، ولما لم تسمح لنا إلى الآن كتبنا
هذه الكلمات مكتفين من الدلالة على فائدة الكتاب بما هو معروف من فضل مؤلفه
وبراعته في التعليم. وعسى أن يُقبل التلامذة من سائر المدارس على اقتناء هذا
الكتاب ومطالعته؛ فيحملوا بذلك حضرة مؤلفه على تأليف كتاب آخر يستوفي فيه
مهمات هذا العلم.
(رسالة في صداق سيدتنا فاطمة الزهراء صلى الله على أبيها وعليها وسلم) ... ...
وَرَدَت لنا هذه الرسالة من الهند وهي من تأليف جامع المعقول والمنقول،
حاوي الفروع والأصول، إمام العلماء مولانا مولوي محمد صبغة الله قاضي الإسلام
قاضي بن مولوي محمد غوث - غفر الله لهما - ذكر مؤلفها الخلاف في المسألة
والراويات المختلفة فيها ووزنها بميزان النقد الصحيح، فجاء بعضها في كفة الترجيح
وبعضها في كفة التجريح، وجمع بين الأقوال على أحسن منوال، وحاصل ما حققه
أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج السيدة فاطمة من عليّ - رضي الله عنهما - على
درعه الحطمية، وكانت تساوي أربعمائة درهم، لكنها بيعت بأربعمائة وثمانين
درهمًا، وروي أن الذي اشتراها عثمان ولعله زاد في الثمن عمدًا، وقيل ضم
عليها عليّ شيئًا آخر، وبهذا جمع بين قول من قال: إن الصداق كان درعًا،
ومن قال: أربعمائة درهم، ومن قال: أربعمائة وثمانين، وبين أن لفظ المثاقيل
الذي جاء في بعض الراويات مراد بالمثقال فيه مطلق المقدار؛ لأنه يرد في اللغة
كذلك. فحيّا الله تعالى علماء الهند جزاء اشتغالهم بالحديث رواية ودراية، وقد أهمله
العلماء في هذه البلاد حتى لا يكادون يقرءونه إلا لأجل التبرك، ولذلك لا يشتغلون
بالرواية والبحث في الأسانيد زاعمين أن المتقدمين قد كفوهم ذلك على أن المتقدمين
يختلفون، فلا بد من معرفة وجه الترجيح إلا عند من لا يهمهم الجزم بالمسائل؛ لأن
العلم عندهم هو الاطلاع على أن فلانًا قال كذا، وفلانًا قال كذا، فلا حول ولا قوة إلا
بالله العظيم.
(تغافل الرجال عن تهتك ربات الحجال)
قصيدة همزية من نظم الشاعرالأديب الشيخ محمد الجمل المجاور في
الأزهر الشريف، وهي إحدى قصائده التي تلاها في جمعية (مكارم الأخلاق)
فنالت استحسانًا عامًّا، وقد طبعها في مطبعة حجرية، وأهدانا نسخة منها، فأجلنا
فيها الطرف، فرأينا فيها نصائح وآدابًا جمة، وبيانًا لحكمة الحجاب، وإسهابًا في
مضار اختلاط النساء بالرجال، وقد انتقدنا على حضرة الشاعر وصف محاسن
النساء في خروجهن مسفرات متهتكات فوصف النهود والقدود، والحواجب الزج،
والعيون الدعج، والرقص والتثني، والتصبّي والتجني، وانتقل إلى أطوار العشق
ومراتبه، وفنونه وغرائبه، وصفًا يهيج بقلب المتنسك، فكيف فعله بنفس المتهتك؟
فكانت القصيدة بهذا نفثة من نفثات حضرة رئيس الجمعية وخطيبها الفاضل،
فإنه ينحو بخطبه العذبة هذا المنحى، ويسلك هذه المسالك، بل يبالغ في القول
إلى الكناية عما هنالك ... وطالما تمنيت أن أجتمع بحضرته على انفراد لأسرّ إليه
هذا الانتقاد، وأبين له أن هذه الأقوال تحرك سواكن الانفعال، وتشوق النساء إلى
الرجال، على ما وصفن به من الأحوال، ولذلك انتقد العلماء على العلامة ابن
الوردي حيث وصف محاسن الأمرد عند نهيه عن عشق المردي، وانتقد عليّ بعض
فضلاء مصر عندما أوردت في (المنار) بيتين فيهما ذكر العناق، وقال: إن
(المنار) إنما أنشئ لتغذية العقل والروح لا لتغذية النفس والشهوة، تمنيت هذا
الاجتماع فما أصبت منه الغرض؛ لأنني ما تحريته ولا هو حصل بالمصادفة
والعَرَض، وكنت حسنت الظن بأن ما سمعته لا يعاد، ولا ينشأ عن شيء من
الفساد، فلما رأيته قد أثر في أمثل من يحضر ذلك الاجتماع (كصاحب القصيدة)
علمت أن أثره أكبر في الجهلة والرعاع، ولذلك نبهت عليه في الجريدة راجيًا أن
تكون ذكرى عامة مفيدة، وعسى أن لا يثقل على الخطيب والشاعر كلامي كما أنه لم
يثقل عليّ كلام مَن انتقد عليّ بمثل ما انتقدت به عليهما، بل قد انتقد بمثله على من
هو خير مني ومنهما {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ المُؤْمِنِينَ} (الذاريات:٥٥) .

(جريدة الأهرام)
هي أقدم الجرائد العربية (غير الرسمية) في مصر، وهي من الشهرة
والانتشار بحيث تستغني عن تقريظ جريدة هي أقل منها انتشارًا، وإنما نقصد بهذه
الكلمات أن نثبت في تاريخيات مجلتنا ما وفق له سعادة صاحب هذه الجريدة الهمام من
إنشاء (أهرام) أخرى في القاهرة مع بقاء (أهرام) الإسكندرية، وقد جعل نسخة
العاصمة بحجمها الكبير المعتاد، وقيمة الاشتراك فيها ١٥٠ غرشًا، ونسخة
الإسكندرية بحجم سائر الجرائد المعتاد، وثمنها ١٠٠ غرش، وقيمة الاشتراك
في الأهرامين معًا ٢٠٠ غرش، فنهنئ سعادته بهذا النجاح الباهر، بل بهذه الكرامة
وهي أن جريدته قد جاءت بالذرية الطيبة بعد ما بلغت سن الشيخوخة، وقد صدر
العدد الأول من نسخة القاهرة في يوم الأربعاء الماضي أول نوفمبر مملوءًا بالأخبار
المفيدة والآراء السياسية، فعسى أن يصادف الأهرامان من الإقبال أكثر مما يبذل لهما
من زيادة المال.