للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الأخبار والآراء

وقائل كيف تفارقتما ... فقلت قولاً فيه إنصاف
لم يك من شكلي ففارقته ... والناس أشكال وآلاف
حملني حسن الظن الذي يغلب علي في عامة الشئون على أن أجعل عبد الحليم
أفندي حلمي مراد مديرًا لأشغال المنار من أول إنشائه , ثم لما بلوته ندمت على ما
فعلت , ولكنني أشفقت عليه , وصعب علي أن أخرجه من العمل , وهو لا يحسن
عملاً يعيش به هو وعياله , فأطمَعتْه الشفقة واللين في المعاملة في أن يقرن اسمه
باسمي في المنار نفسه (لا تطعم العبد الكراع فيطمع بالذراع) فلما عيل الصبر
أخرجته من إدارة المجلة , ولكنه رغب إلي أن أتلطف في الإعلام بذلك في المنار
بحيث لا يُشعِر الكلام بانتقاصه فكتبت (الإعلان) بذلك في العدد التاسع برضاه ,
وطبع بمعرفته مبينًا أنه ليس له علاقة ما ولا شأن في المنار , وأخذ النسخ ليضعها
في البوسطة حسب العادة فوضعها في بيته لأمر ما , وانتهز فرصة غيابي في طنطا
واختلس ما في الإدارة من نسخ المنار التي تفضل عن المشتركين , وعلم أن القضاء
سيقضي عليه فتوارى عن وجهي وجهه فلا أدري أين هو. وسيعلم عن قريب أينما
كان تأويل ما كنت أذكره به عند كثير من حوادثه معي , وهو أن العاقبة للمتقين،
ولا عدوان إلا على الظالمين.
وأرجو من الذين دفعوا إليه الاشتراك عن هذه السنة من المشتركين الكرام أن
يعرفوني بذلك مبينين تاريخ الايصال لأنني علمت أنه كان يختلف إلى بعضهم ,
ويأخذ منهم من غير أن يعلمني بذلك , وأما المنار فسيصل إلى قرائه بعد الآن في
مواعيده بغاية الدقة والانتظام , وسنرسل الجزء التاسع الماضي مع الحادي عشر إن
شاء الله تعالى.
***
(سكة حديد الحجاز)
تبين أن مولانا الخليفة والسلطان الأعظم مهتم جدًّا بإنجاز هذا المشروع
العظيم , وهو الذي إذا قال فعل , وإذا فعل أحسن وأتقن , ومن محاسن هذه السكة
أنها أول سكة إسلامية محضة فهي لأجل إقامة ركن عظيم من أركان الإسلام , وفي
بلاد كلها للإسلام , وعمالها كلهم من أبناء الإسلام , وحديدها كله مصنوع في
عاصمة الإسلام (الأستانة العلية أعزها الله تعالى) وخشبها من الغابات الأميرية ,
ولا يركبها إلا المسلمون , فنسأل الله تعالى أن يتمم هذا العمل الشريف بالخير عن
قريب , ويجزي مولانا أمير المؤمنين عن هذه المأثرة خير الجزاء بمنه وكرمه.
***
(انتصار الإنكليز على البوير)
دخل الجيش الانكليزي بريتوريا عاصمة الترنسفال , وكان الرئيس كروجر قد
خرج منها , وقد جرت العادة بأن دخول العاصمة هو منتهى الانتصار , ولكن
البوير لما يزالوا مقاتلين ببسالة غريبة , حتى قالوا: إن الجهاد الحقيقي قد ابتدأ منذ
الآن.
***
(جمعية شمس الإسلام)
تأسس فرع للجمعية في مدينة طنطا العظيمة , وقد ذهب كاتب هذه السطور
بدعوة من المجتهدين في التأسيس , فخطبت في الناس مبينًا لهم حقيقة الجمعية ,
وهي الدعوة للتهذيب والتعاون على عمل البر , وجعلت قسمًا من الكلام في
وجوب مجاملة أعضاء الجمعية لمجاوريهم من المخالفين لهم في الدين , واحترامهم
كما هو الواجب في الإسلام , وهذا هو شأن هذا الفقير في كل خطبة يخطبها في
الفروع عند ابتداء تأسيسها.
وقد أشاعت إحدى الجرائد الأجنبية عن الجمعية بأنها سرية , ولها أغراض
سياسية , فقد جاءت تلك الجريدة إثمًا وزورًا. ولو كانت الجمعية سرية لما طبع
قانونها , ولما ذكر اسمها في الجرائد من قبل أهلها. ومن توهم من سائر الناس أن
لكلام تلك الجريدة أصلاً فليطلب من رؤساء الجمعيات الحضور في اجتماعها؛
يتبين لهم الخطأ من الصواب , والحق من الباطل.