للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الاحتفال الثاني عشر
بمدرسة ديروط الخيرية

احتفل في ٢٧ ربيع الأول (٢٤ يوليه) بهذه المدرسة تحت رئاسة صاحب
العزة مصطفى بك ماهر وكيل مديرية أسيوط وكان الاحتفال حافلاً حضره حكام
المركز ووجهاؤه , وكان رئيس لجنة الامتحان حضرة الفاضل محمد بك أمين ناظر
مدرسة أسيوط الأميرية , وقد بدئ الاحتفال بتلاوة آي القرآن العزيز وتليت فيه
الخطب وأنشدت القصائد. ثم سئل التلامذة في علوم اللغتين العربية والإنكليزية
وسئلوا في التوحيد والتاريخ والحساب وتقويم البلدان والأشياء (المحسوسات من
العلوم الطبيعية) فسمع الحاضرون من حسن الجواب ما سر به أولو الألباب.
وقد استلفت الأنظار واسترعى الأسماع التلميذ النجيب عثمان أفندي فريد نجل
الفاضل أحمد أفندي فريد مهندس المركز حيث فاه بخطاب أحسن فيه الأداء ما شاء
الإحسان , حتى صفق له النادي، ولو أمسك أهله لصفقت الجدران , ثم تلاه تلميذ
آخر فألقى خطبة مفيدة تلقتها النفوس بالقبول- ذكر فيها أنه كان تلميذًا في مدرسة
الأميركان وكانوا يجبرونه على تعلم الديانة النصرانية لأن تعليمها إلزامي , وقال:
إن الذي اضطره وأمثاله للدخول في هذه المدرسة وغيرها من المدارس الأجنبية إنما
هو تضييق الحكومة على مريدي الوصول في مدارسها. قال: (يضيق صدري
ولا ينطلق لساني فإن التعليم في المدارس الأميركانية والقبطية والفرنساوية ظاهره
التهذيب لأبناء الوطن وباطنه صبغ أبناء المسلمين (وبناتهم أيضًا) بصفة دينهم ,
ولكن لاضطراري أنا وأمثالي ولتقاعس المسلمين والحكومة عن تعليمنا الواجب
ننتظم في سلكها. والحمد لله على نجاتي من ورطة الزيغ إلى عالم الإيمان والنور
على يد حضرة الفاضل سيدي محمد عارف أفندي مدير هذه المدرسة- فلحضرته
الفضل ولحضرة الفاضل محمود بك شاهين رئيس الجمعية , وليست هذه بأولى
فضائلهما بل أخرجا كثيرًا من أمثالي من عدة مدارس قبطية، وأميركانية - إلى أن
قال -: ولعدم تعصب هذه المدرسة قد أقبل عليها جميع الطوائف من كل مكان)
إلخ.
ثم مثل التلامذة رواية مبتكرة اسمها (نصر الوطن) ثم ختم الاحتفال بتلاوة
القرآن الكريم والدعاء لمولانا السلطان الأعظم وعزيز مصرنا الخديوي المعظم
فجزى الله مؤسسي هذه المدرسة ومديرها وأساتذتها أفضل الجزاء وكثر في الأمة
من أمثالهم. ولولا ضيق نطاق الصحيفة لنشرنا قصيدة الأستاذ الشيخ سيد فرج أحد
أساتذة المدرسة ومكاتبنا، أو ملخص خطبة حضرة الفاضل الشيخ محمد حافظ
عارف الارتجالية.