للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


أُفْكُوهَة

كان بعض الأفاضل من أساتذة المدارس الأميرية يسعى لحضور درس أحد
العلماء الأعلام في مصر لأنه لم يرَ في الأزهر مجلس علم يستفيد منه ما يستفيد من
مجلس هذا العالم , وكان له صاحب يعذله في ذلك وينهاه عن حضور هذا الدرس
لأنه يسيء الظن بالعالم الذي يلقيه عن غير اختبار ولا بصيرة فلما ظهر الرد على
هانوتو أعجب به هذا الرجل أشد الإعجاب وصار يقرؤه في كل يوم مرات فرآه
ذلك الفاضل عاكفًا على دراسة المقالات فكلمه في ذلك فأطنب بالثناء على كاتبها
وذكر من غيرته ومعارفه ما ذكر وقال للفاضل: لو كنت تقصد درس عالم مثل هذا
لما عذلك أحد لأن مثل هذا العالم تشد إليه الرحال فقال له الفاضل: إنه هو الأستاذ
الذي تعذلني على حضور درسه فتعجب الرجل وسكت.
ما أجدر ذلك الفاضل بالتمثل بقول ذلك العاشق الذي رأى عذولُهُ
معشوقَه يومًا فقال له: لو عشقتَ هذا لما عذلتك ولا عذلك أحد فأنشد العاشق.
أبصره عاذلي عليه ... ولم يكن قبلها رآه
فقال لي لو عشقت هذا ... ما لامك الناس في هواه
فظل من حيث ليس يدري ... يأمر بالعشق من نهاه