للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الهدايا والتقاريظ

بين يدينا الآن ١٤ مصنفًا من المطبوعات الحديثة بعضها من المؤلفات القديمة
وبعضها من الحديثة، ولم نوفق لمطالعتها فننتقدها؛ ولكننا ننوه بها في الجملة
مكتفين بتصفح بعض صفحاتها.
(إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق)
كتاب جليل وسفر كبير ألفه السيد أبو عبد الله محمد بن المرتضى اليماني أحد
مجتهدي القرن الثامن الهجري، وقد طبعته شركة طبع الكتب العربية في مطبعة
الآداب والمؤيد بالإتقان والنظافة المعهودين في الكتب التي تطبعها، الكتاب في
أصول العقائد، وقد اقتصر فيه على ما نطق به الكتاب والسنة غالبًا، وترك الخوض
في النظريات الفلسفية التي زادوها في علم عقائد الدين؛ ولكنه توسع كغيره فيما
توسع فيه المتكلمون كمسألة خلق الأفعال، ومسألة الصفات، ونقل كثيرًا من كلام
النظار، والمزية الكبرى التي امتاز بها كتابه على كتب العقائد المتداولة أنه لم
يتعصب لمذهب مخصوص، ولم يخف اللائمة في تقرير ما يعتقده إن كان مخالفًا
لما عليه الناس؛ لأنه آثر الحق على الخلق، وهو أقرب إلى أهل الأثر منه إلى
أهل النظر، وعهدنا بأكثر المتكلمين التقصير في علم الرواية، ويمكننا أن نقول:
ينبغي لكل مشتغل بعلم الدين الاطلاع على هذا الكتاب.
***
(الطرق الحكمية في السياسة الشرعية)
يذكرنا التنويه بهذا الكتاب كل مصنف تطبعه هذه الشركة؛ فإنه كان نادر
الوجود، وهو من أجلّ الكتب الإسلامية ومؤلفه العلامة شمس الدين محمد بن قيم
الجوزية وهو يُطلب كسابقه من إدارة المؤيد، ومن جميع المكاتب بمصر.
***
(الحديقة الفكرية في إثبات الله بالبراهين الطبيعية)
كتاب ألفه ونشره بالطبع حديثًا صديقنا الكاتب الفاضل محمد أفندي فريد
وجدي واسمه يدل على موضوعه، بحث فيه مباحث دينية عصرية على طريقته
الجديدة في هذه المباحث، وتكلم فيه عن الإنسان والإيمان، وعن الإيمان في دور
الفطرة، ودور الفلسفة، ودور العلم، وانتقل من هذا إلى شُبه ملاحدة الماديين
وإبطالها، ثم عقد فصلاً آخر في المادة وما وراءها، وبيان انتهاء دور الإلحاد،
وأطال في هذا الفصل الكلام في مسألة استحضار الأرواح، ثم تكلم عن الإيمان في
الدور الرابع وهو رجوع الإنسان إلى دور الفطرة الأولى، وبيان أن الإسلام هو
دين الفطرة وهذا خاتمة الكتاب، أما طبعه فحسبنا أن نقول: إنه في مطبعة الترقي،
وعلى أحسن ورق فيها، وثمنه ثمانية قروش، فنحث القراء على الاطلاع عليه،
ولا سيما أبناء المدارس النظامية الذين يدرسون العلوم العصرية، ولعلنا نوفق للعود
إلى الكلام فيه بعد تمام مطالعته.
***
(تاريخ آداب اللغة العربية)
لما علم الكاتب الأديب محمد بك دياب المفتش الثاني للغة العربية في نظارة
المعارف أن بعض علماء ألمانيا عنوا بالتأليف في تاريخ آداب لغتنا الشريفة هزته
الأريحية العربية إلى إجابة اقتراح صديق له في تأليف هذا الكتاب تاريخ آداب اللغة
وقد أصدر منه بالطبع جزآن، طُبع أولهما في مطبعة جريدة الإسلام، والآخر في
مطبعة الترقي المتقنة، وفي كل جزء منهما ما لا يستغنى عن الوقوف عليه من
الفوائد، كالكلام في نشأة اللغة وترقيها، وتاريخ الكتابة العربية والخط وتاريخ
المصنفات، وتاريخ الفنون والإنشاء فهذه الموضوعات تفتح للمشتغلين بهذا الفن
أبوابًا واسعة في البحث والتحرير.
ولا يسلم الكتاب من نقد، لا سيما في المباحث المبتكرة فقد فتحته لهذا
الغرض، فجاء أمامي الكلام على كتاب (أساس البلاغة) للزمخشري فرأيت
المصنف ذهب في الكلام عليه مذهب من يرى أنه معجم من معاجم اللغة فإنه قال:
(والكتاب ليس قاصرًا على إفادة اللغة، بل يرشد أيضًا إلى مناهج الإنشاء لكثرة ما
فيه من السجع والشواهد والأمثال) ، فجعل إفادة معاني الكلم هو الغرض الأول،
والإرشاد إلى مناهج الإنشاء أمرًا عرضيًّا وثانويًّا، ثم قال: (ولحسن ترتيبه يسهل
على الطالب الكشف منه على معاني الكلم؛ لكن ربما أبطأ به عن نوال (كذا)
المطلوب اقتصار المؤلف في الغالب على وضع الكلمات في التراكيب دون ذكر
معانيها صراحًا اعتمادًا على فهم المطالع، واستنباطه معنى الكلمة من الجملة، فلهذا
ربما يصح أن يقال: إنه كتاب مطالعة لا مراجعة، وههنا قارب الصواب، وهو أن
الكتاب إنما وضع لبيان التراكيب المختارة، والأساليب البليغة في جميع ضروب
القول ومناحيه، فهو كتاب دراسة ومطالعة حتمًا، وتدل خطبته على ذلك، فليرجع
إليها من شاء، وسننشر شيئًا من مختارات الكتاب في جزء آخر.
***
(أنيس الجليس)
هي - ولا أزيد القراء معرفة بها - المجلة النسائية العربية الوحيدة المعروفة
بحسن الاختيار للمواضيع الأدبية والتهذيبية الجديرة باطلاع السيدات عليها، وقد
دخلت في سنتها الرابعة، فنهنئ منشئتها الفاضلة البارعة ألكسندرة أفرينوه بنجاحها
ونرجو لمجلتها الغراء زيادة الاشتهار ودوام الانتشار.