للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الوفد الإسلامي إلى الصين

قال صديقنا الفاضل الكامل محمود بك سالم عندما حدثت فتنة أوربا مع الصين:
إن هذه الفتنة وتحرّش أوربا بالصين مما يظهر مكانة مسلمي الصين العالية،
ورفعة شأنهم وقوتهم المادية والأدبية. أو ما هذا معناه. وما زالت الأيام تُظهر
صدق قوله؛ حتى رأينا مُسَعِّر نار هذه الفتنة عاهل الألمان، وداهية أوربا في هذا
الزمان، قد قدّر هذه القوة قدرها، وأراد الاستفادة منها بصديقه السلطان الأعظم
للمسلمين الذي يعترف له مسلمو الصين بالخلافة الدينية، ويخطبون باسمه على
منابرهم، فطلب منه أن يرسل وفدًا إسلاميًّا تكون وظيفته الظاهرة العمومية نهي
مسلمي الصين الأشداء الأغنياء أن يساعدوا الثوار الصينيين على المسيحيين،
وفائدته الخصوصية الخفية إعلام أولئك المسلمين بأن عاهل الألمان صديق خليفتهم
وحليفه؛ لتستفيد ألمانيا بذلك مثلما كانت تستفيد إنكلترا في الهند من قبل؛ فإنها ما
رسخت قدمها في تلك الممالك إلا بنفوذ الدولة العلية الديني، حيث كانت تقنع
مسلمي الهند بأنها حليفة الدولة العلية.
أجاب مولانا السلطان أيده الله تعالى دعوة العاهل غليوم، وأرسل وفدًا مؤلفًا
من ستة نفر، منهم عالمان من علماء الآستانة، ورئيسه من قواد الجيش العثماني،
وسيكون هذا الوفد آلة بيد الألمان الذاهبين؛ لأنه لا يعرف اللغة الصينية، فالألمان
هم الذين يبلغونه ويبلغون عنه، ولهذا نُقل إلينا أن الروسية كان مستاءة معارضة
في إرسال هذا الوفد، وقد مر منذ أيام من السويس بلَّغه الله السلامة، وجعل رحلته
مفيدة نافعة في تخفيف الشر واستبدال الخير به.