للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


المساواة في الاشتراك بالمنار وإرجاء الجزء الآتي

جرت العادة بأن أصحاب الجرائد يزيدون في تحسينها كلما تسنى لهم سبب
من أسباب الترقي، ويزيدون مع ذلك قيمة الاشتراك فيها، ومنهم من يزيد في قيمة
الاشتراك من غير أن يزيد في التحسين، إذا علم بالاختبار بأن كسبه لا يفي بتعبه
وقد خالفنا نحن سنة القوم فزدنا في السنة الثالثة المنار تحسينًا في الورق والطبع
والتجليد، كما زدنا في مادته ولم نزد مع ذلك شيئًا في قيمة الاشتراك، وقد زدنا
مادته في هذه السنة الرابعة أيضًا، وأبقينا قيمة الاشتراك على حالها، على أن
بعض أنصار العلم رَغَّبوا إلينا أن نزيد فيها، وفي مقدمة هؤلاء الخطيب المحامي
الشهير عزتلو إسماعيل بك عاصم؛ ولكن من الناس من يصعب عليه أن يدفع قيمة
الاشتراك الأصلية وإن تحسنت المجلة وزادت نفقاتها، فيطلب الموظف والتاجر
والأستاذ وناظر المدرسة أن يعاملوا معاملة طلاب العلم الفقراء الذين لا كسب لهم،
فيدفعوا أربعين قرشًا، وقد علم بهذا بعض فضلاء أساتذة المدارس، فأشاروا علينا
بأن نساوي بين الناس كلهم في الاشتراك، إلا من نعلم فقره من طلاب العلم
بالاختبار؛ فإننا ننقص له من القيمة ما تسمح به النفس، فرأينا هذا من الصواب،
وأبطلنا امتياز التلامذة والطلاب، فمن شاء فليقبل ومن شاء فليرفض، وللمشتركين
القدماء من هؤلاء أن يدفعوا اشتراك السنة الحاضرة ٤٠ غرشًا.
ثم إننا كنا أعلننا أننا نوزع مئات من الأعداد على الفقراء من طلاب العلم
الذين يروجون المنار، بعضها مجانًا وبعضها بنصف القيمة، وأن ذلك بمساعدة
أحد الفضلاء؛ ولكن هذه المساعدة قد بطلت من أول هذه السنة للمنار لعذر اقتضى
ذلك، ولم نر أحدًا ممن أُعطي المنار مجانًا سعى بترويجه، فاضطررنا لمنعه عنهم
إلا نفرًا من الفقراء الأذكياء الذين ينشرون مسائله، ويدعون إلى ما يدعو إليه.
ثم نُعْلِم القراء الكرام أن الجزء الحادي عشر سيصدر - إن شاء الله تعالى -
في غرة جمادى الأولى، والغرض الأول من هذا الإرجاء أننا نقصد أن يكون أول
سنة المنار شهر محرم الحرام، وهذا لا يكون إلا بتأخير عددين آخرين عن
موعدهما أيضًا، وسيكون ذلك بالتدريج لئلا يغيب المنار عن القراء زمنًا طويلاً.
ونرجو من غيرة المشتركين الكرام، لا سيما الذين عليهم بقايا من السنة
الثالثة، أو ما قبلها أن يتكرموا بإرسال القيمة حوالة على إدارة البريد، ونخص
بالذكر أهل الأرياف، وأهل تونس والجزائر ومراكش، ونحمد الله أن أكثر
المشتركين من كرام الناس وفضلائهم، وما كان يخطر بالبال أن بعضًا من الناس
الذين لا ذمة لهم ولا أمانة يشتركون بمجلة المنار، ثم يأكلون حقها؛ ولكن ذلك قد
كان وربما تضطرنا إلى ذكر بعضهم حوادث الزمان.