للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: مصطفى صادق الرافعي


آثار علمية أدبية

(استنهاض همم)
قصيدة أنشدت في الاحتفال الثامن لجمعية ندوة العلماء الهندية المخصوصة
بعلماء الدين من نظم صديقنا الأستاذ الفاضل الأديب أحمد الجيتكير، قال بعد أبيات
في حمد الله والصلاة والسلام على نبيه:
وبعد يا معشر الإسلام مالكمو ... لا تشعرون وإن الخطب قد عظما
عفَّى ديارَ علوم الدين قاطبة ... نسج الدبور وأرياح جرت نقما [١]
يا للمدارس أضحت وهي دارسة ... يا للمكاتب تبكي العلم والعلما
أما سمعتم بكاها وهي صارخة ... صراخ ثكلى على مولودها اخْتُرِما
هذي المشاعر ضيم الدهر عطَّلها ... ورُدَّ واردها غيظًا فما كظما
هذي الشعائر لم تبقِ الصروف لها ... مقدار عشر العشير الوزن والقيما
وارحمتاه لأرض الدين ينقصها ... ريب المنون ممدًا سيلها العرما
وارحمتاه لدين فلَّ عصبته ... من كل حام حماه راسخ قدما
وارحمتاه لدين لات عدته ... فمد بالنهب أيدي غصبها الخُصما [٢]
وارحمتاه لدين قال نادبه ... واللرجال وواسيفاه واقَلَما
يا للبقية صونوا الدين تنتصروا ... يصونكم ويرد المجد والحشما
إني محذركم من وقع واقعة ... يُمسي الوليد لديها هيبة هرما
ألا خذوا حذركم في كل آونة ... فما اتقى النار إلا كيِّسٌ حزما
ووثقوا عروة الإسلام أوهنها ... تفرق فيكم قد حل مخترما
هذي اختلافاتكم كم سخَّفت بكمو ... وسفَّهت عرب الإسلام والعجما
أليس أكمل هذا الدين ربكمو ... أما أتم عليكم فضله النعما
ياليت شعري ففيما ذا اختصامكو ... وما الذي بعده ترضونه حكما
كم ذا التنازع ريح العز أذهبها ... كم ذا التشاجر ويحًا أثمر الندما
كم ذي الفتاوى وكم تكفير إخوتكم ... كم ذا التشاتم واذُلاه واندما
هذا الذي فتَّر الإسلام نهضته ... هذا الذي قصَّر الإعزام والهمما
هذا الذي حيَّر الأحرار ترقية ... هذا الذي غيَّر الأخلاق والشيما
الله الله كونوا أصدقاء كما ... كانت معاشرة أسلافنا القدما
الله الله إن كنتم لهم خلفًا ... فتابعوهم مع الإحسان لا جرما
وثقفوا أود الأحداث تربية ... حتى تقوم بهم سوق الكمال نُما
ضيعتموهم إذ الأقوام غيركمو ... حازوا الفنون وفاقوا في النهى حكما
إلام هيهات عنهم تغفلون وكم ... لا ترقبون لهم إلا ولا ذمما
غدًا سيسأل كل عن رعيته ... فما جوابكم يا معشر العلما
هذا بلاغ فيا قوم اسمعوه وعوا ... ويرحم الله من أوعاه معتزما
ثم السلام على من لاذ متبعًا ... هدي النبي بحبل الله معتصما
***
(القمر)
زهته الملاحة حتى سفر ... وخلَّى الدلال لذات الخفر
وبات يسامر أهل الهوى ... وقد طاب للعاشقين السمر
يحدثنا عن بني (عذرة) ... ويروي لنا عن (جميل) خبر
و (ليلى) وعن حب مجنونها ... وعمن وفى للهوى أو غدر
ويذكرنا فعلات الردى ... بأهل البوادي وأهل الحضر
كحظ السعيد إذا ما ارتقى ... وحط الشقي إذا ما انحدر
أرى كل شيء له آية ... وآية هذي الليالي العبر
فياقمر الأفق ماذا الزما ... ن جيل تجلى وجيل غبر
ويوم يمر ويوم يكر ... فإنا نُساء وإنا نُسر
بربك هل هذه الباقيات ... تقص من الغانيات الأثر
وهل في فؤاد الدجى لوعة ... فإن غاب عنه سناك اعتكر
كغانية فارقت صبها ... فأرخت عليها حداد الشعر
إذا ما سهرنا لما نابنا ... فما للنجوم وما للسهر
أترثي لمن بات تحت الدجى ... يقلب جنبيه حرُّ الضجر
على لوعة يصطلي نارها ... وجمر الهوى في حشاه استعر
وقد بسط البدر فوق الربى ... بساطًا فقام عليه الزهر
إلى أن طوته يمين الصبا ... وقد بللته عيون السحر
وباح الصباح بأسراره ... فحجبت الشمس وجه القمر
... ... ... ... ... ... ... (مصطفى صادق الرافعي)