للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والحيد وَالرَّغْبَة) يَا أخي لَو كَانَ عندنَا علم أَنه لَا يَمُوت منا إِلَّا رجل وَاحِد لَا يعلم من هُوَ فِينَا لَكَانَ الْوَاجِب علينا أَن لَا ترقأ لنا دمعة خوفًا من الْمَوْت فَكيف وَنحن على يَقِين أَنه لَا يبْقى منا أحد

وانشدوا

(يلقى الْفَتى حذر الْمنية كَارِهًا ... مِنْهَا وَقد حدقت بِهِ لَو يشْعر)

(نصبت حبائلها لَهُ من حوله ... فَإِذا أَتَاهُ يَوْمه لَا ينذر)

(إِن امْرأ أَمْسَى أَبوهُ وَأمه ... تَحت التُّرَاب لواجب يتفكر)

(تُعْطِي صحيفتك الَّتِي أمليتها ... فترى الَّذِي فِيهَا إِذا مَا تنشر)

(حسناتها محشوة قد أحصيت ... والسيئات فَأَي ذَلِك أَكثر)

فابكوا معاشر المذنبين على سَاعَة لَا بُد مِنْهَا أما ترَوْنَ الْمَوْت قد أفنى الْأُمَم الْمَاضِيَة وَقتل الْقُرُون الخالية وَهدم الْقُصُور الْعَالِيَة عطل عشارهم وَخرب دِيَارهمْ وَهدم مَنَازِلهمْ وَقطع آثَارهم وقطف أعمارهم وَلم يَنْفَعهُمْ مَا جمعُوا وَلم يحصنهم مَا بنوا وصنعوا قد صَارُوا فِي الْقُبُور رميما ولقوا من الْمَوْت والأهوال أمرا عَظِيما فَهَذَا دَلِيل على أَن الْمَوْت لَا يتْرك أحدا من المخلوقين حَتَّى يتوفاهم وينقلهم إِلَى التُّرَاب أَجْمَعِينَ

٢٧١ - حِكَايَة فِي الزّهْد

رُوِيَ عَن عَمْرو بن مرّة أَنه قَالَ ذكر عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل فَأَثْنوا عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ زهده فِي الدُّنْيَا وَتَركه لما يَشْتَهِي مِنْهَا قَالُوا إِنَّه ليصيب مِنْهَا

قَالَ فَكيف ذكره للْمَوْت قَالُوا مَا سمعناه يكثر ذكره

قَالَ لَيْسَ صَاحبكُم هُنَاكَ فَمن لم يكثر ذكر الْمَوْت وَلَا يتْرك الرَّغْبَة فِي حطام الدُّنْيَا فَلَا خير فِيهِ وَالله أعلم

وأنشدوا

(إِنَّمَا الدُّنْيَا بَلَاغ ... لَيْسَ فِي الدُّنْيَا ثُبُوت)

(إِنَّمَا الدُّنْيَا كبيت ... نسجته العنكبوت)

(لَيْسَ للطَّالِب فِيهَا ... كل يَوْم غير قوت)

(كل من كَانَ عَلَيْهَا ... عَن قَلِيل سيموت)

فَالله الله بَادرُوا الْعُمر الْيَسِير وَالْأَجَل الْقصير قبل نزُول ملك الْمَوْت بالهول الْعَظِيم الْكَبِير فالموت يقصم الأصلاب ويذب الرّقاب وَيرد كل مَخْلُوق إِلَى

<<  <   >  >>