للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يغتروا بطول الأمل ونصبوا لأعينهم تقريب الْأَجَل وسمت هممهم إِلَى الرفيع من الْمحل واشتاقت نُفُوسهم إِلَى الْملك الْأَعْلَى الْأَجَل فَلَو رَأَيْتهمْ لرأيت قوما يَتلون كتاب الله بشفاه ذابلة ودموع وابلة وزفرات قاتلة وأجسام ناحلة وعقول زائلة وخواطر فِي عَظمته جلّ جَلَاله جائلة

وأنشدوا

(لله قوم شروا لله أنفسهم ... فأتعبوها بزجر الله أزمانا)

(أما النَّهَار فقد وافوا صِيَامهمْ ... وَفِي الظلام تراهم فِيهِ رهبانا)

(أبدانهم أَتعبت فِي الله أنفسهم ... وأنفس أَتعبت فِي الله أبدانا)

(ذَابَتْ لحومهم خوف الْعَذَاب غَدا ... وَقَطعُوا اللَّيْل تسبيحا وقرآنا)

رجال إِذا نظرُوا اعتبروا وَإِذا سكتوا تَفَكَّرُوا وَإِذا ابتلوا استرجعوا وَإِذا جهل عَلَيْهِم حلموا وَإِذا علمُوا تواضعوا وَإِذا عمِلُوا رفقوا وَإِذا سئلوا بذلوا عونا للوارد وتفضيلا للقاصد حلفاء صدق وكهوف ودق قد عمِلُوا بِالسنةِ وَالْكتاب ونطقوا بالحكمة وَالصَّوَاب وحاسبوا أنفسهم قبل يَوْم الْحساب وخافوا من عُقُوبَة رب الأرباب

رجال لزموا الْبكاء والعويل وَرَضوا من الدُّنْيَا بِالْقَلِيلِ فأزمعوا إِلَى الْآخِرَة التَّحْوِيل وَرَغبُوا فِي ثَوَاب الْملك الْجَلِيل وحنوا إِلَى النَّعيم الدَّائِم الجزيل وتمسكوا بِالسنةِ والتنزيل وَمنعُوا أنفسهم التسويف وَالتَّعْلِيل وَأَشْفَقُوا من هول الْيَوْم العبوس الثقيل الهائل المنظر الطَّوِيل

وأنشدوا

(لله قوم لدار الْخلد أخلصهم ... وخصهم بجزيل الْملك مَوْلَانَا)

(فَلَو تراهم غَدا فِي دَار ملكهم ... قد توجوا من حلي الْكَوْن تيجانا)

(وَقد دعاهم إِلَى الفردوس سيدهم ... إِلَى الزِّيَارَة وَالتَّسْلِيم ركبانا)

(على نَجَائِب دركى تطير بهم ... وَالْخَيْل من جَوْهَر والسرج مرجانا)

(حَتَّى إِذا جاوزوا دَار السَّلَام وَقد ... أبدى لَهُم وَجهه الرَّحْمَن سبحانا)

(خروا سجودا فناداهم بعزته ... إِنِّي رضيت بكم قربا وجيرانا)

(إِنِّي خلقت لكم دَار النَّعيم فَلَا ... ترَوْنَ بؤسا وَلَا تخشون أحزانا)

(هَذَا النَّعيم الَّذِي لَا يَنْقَضِي أبدا ... وَلَا تغيره الْأَزْمَان ألوانا)

(وَهُوَ الْجَزَاء لكم مني على عمل ... أخلصتموه وكنتم فِي إخْوَانًا)

رجال ركبُوا فلك السَّلامَة وجروا برِيح الاسْتقَامَة فَقطعُوا بحار العطب

<<  <   >  >>