للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرِّيف سالكا من الْأَدَب على سنَنه الظريف [ومنزعه الطريف] وَتُوفِّي على هَذَا الْعَهْد عَن سنّ عالية، وبرود من الْعُمر بالية، وَقد حلب أشطر الدَّهْر وأخلافه، وارتضع سلافه، حَتَّى أَمر عِنْده من الْعَيْش كل عذب الجنا، وبذل من الشطاط بالجنى، وَبلغ من الْمقَام بِهَذِهِ الدَّار جده. والبقاء لله وَحده.

وَمن ذَلِك فِي وصف الْكَاتِب أبي الْعَبَّاس بن شُعَيْب

مورد ترده الهيم فتروى، وتهوى إِلَيْهِ النُّفُوس فتجد عِنْده مَا تهوى، وَصدر لَا يخفى مَكَانَهُ، وَذخر أضاعه زَمَانه، حَاز من كل فن نَصِيبا، وَرمى إِلَى كل غَرَض سَهْما مصيبا، واستمطر كل عَارض وديمة، من الْعُلُوم الحديثة والقديمة، ففرع فِي فنونها وبهر، وحذق الطِّبّ مِنْهَا وَمهر، وَبلغ فِي صَنْعَة النَّبَات دَرَجَة الْإِثْبَات، وَرَضي بالإنتماء إِلَى الْعلم والانتساب عَن الِاكْتِسَاب، فَمَا أهمه الدَّهْر بألوانه، وَلَا ثناه عَن شانه، وعانى فِي حركته وانتقاله، مشقة اعتقاله، وخلص خلوص الحسام بعد صقاله، وَهُوَ الْآن من كتاب ملك الْمغرب، تطوى عَلَيْهِ الخناصر إِذا عدوا، ويدخر لَهُ قصب السَّبق إِذا أحضروا فِي المحاضرة واشتدوا، ورد على الحضرة فِي خدمَة لبَعض الْوُلَاة تولاها، ووجهة فرى لَهَا الفلى وفداها، فرأيته رُؤْيَة لم تنهض إِلَى المحاورة وَالْكَلَام، والمخاطبة بِمَا يجب لمثله من الْإِعْلَام، لخمود هَذَا الْبَاعِث عِنْدِي فِي الْعَهْد الْمُتَقَدّم، وَلم ألبث أَن عضضت يَد المتندم أسفا على مَا ضَاعَ من لِقَائِه، واجتلاء الفوايد من تلقائه، وَله شعر تهوى الشعرى أَن تتخذه شنفا، ونثر، تود النثرة لَو تتحلى بِهِ، وَإِن شمخت أنفًا. من ذَلِك مَا خَاطب بِهِ الشَّيْخ أَبَا جَعْفَر ابْن صَفْوَان، وَقد رمى الله بقاصية هَوَاهُ، واعتده فِي رحْلَة أنفس ذخر حواه.

<<  <  ج: ص:  >  >>