للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَذَلِكَ أَنَّك نظرت إِلَى شخص، فتوهمته زيدا، فَقلت على مَا سبق إِلَيْك، ثمَّ أدركك الظَّن أَنه عَمْرو، فَانْصَرَفت عَن الأول، فَقلت: أم عَمْرو مستفهما فَإِنَّمَا هُوَ إضراب عَن الأول على معنى (بل) ، إِلَّا أَن مَا يَقع بعد (بل) يَقِين، وَمَا يَقع بعد (أم) مظنون مَشْكُوك فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّك تَقول: ضربت زيدا نَاسِيا أَو غالطا، ثمَّ تذكر أَو تنبه، فَتَقول: بل عمرا مستدركا مثبتا للثانى، تَارِكًا للْأولِ ف (بل) تخرج من غلط إِلَى استثبات، وَمن نِسْيَان إِلَى ذكر و (أم) مَعهَا ظن أَو اسْتِفْهَام، وإضرب / عَمَّا كَانَ قبله وَمن ذَلِك: هَل زيد منطلق أم عَمْرو يَا فَتى قَائِما أضْرب عَن سُؤَاله عَن انطلاق زيد، وَجعل السُّؤَال عَن عَمْرو فَهَذَا مجْرى هَذَا، وَلَيْسَ على منهاج قَوْلك: أَزِيد فى الدَّار أم عَمْرو وَأَنت تُرِيدُ: أَيهمَا فى الدَّار؟ لِأَن (أم) عديله الْألف، و (هَل) إِنَّمَا تقع مستأنفة أَلا ترى أَنَّك تَقول: أما زيد فى الدَّار على التَّقْرِير، وَتقول: يَا زيد، أسكوتا وَالنَّاس يَتَكَلَّمُونَ توبخه بذلك وَقد وَقع مِنْهُ السُّكُوت، وَلَا تقع (هَل) فى هَذَا الْموضع أَلا ترى إِلَى قَوْله:

(أطربا وَأَنت قنسرى ... )

وَإِنَّمَا هُوَ: أتطرب وَهُوَ حَال طرب؟ وَذَلِكَ لِأَن الْألف و (أم) حرفا الِاسْتِفْهَام اللَّذَان يستفهم بهما عَن جَمِيعه، وَلَا يخرجَانِ مِنْهُ، وَلَيْسَ كَذَا سَار حُرُوف الِاسْتِفْهَام؛ لِأَن كل حرف مِنْهَا لضرب لَا يتَعَدَّى ذَلِك إِلَى غَيره، أَلا ترى أَن (أَيْن) إِنَّمَا هى سُؤال عَن الْمَكَان لَا يَقع إِلَّا عَلَيْهِ و (مَتى) سُؤال عَن زمَان، و (كَيفَ) سُؤال عَن حَال، و (كم) / سُؤال عَن عدد و (هَل) تخرج من حد الْمَسْأَلَة فَتَصِير بِمَنْزِلَة (قد) نجو: قَوْله عز وَجل -: {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر لم يكن شَيْئا مَذْكُورا} فالألف (وَأم) لَا ينقلان عَن الِاسْتِفْهَام؛ كَمَا تنقل هَذِه الْحُرُوف، فَتكون جَزَاء، وَيكون

<<  <  ج: ص:  >  >>