للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَهُوَ غلطٌ، صوابُه يُهْرِقُه إِهْراقاً على أَفْعَلَ يُفْعِلُ، كَمَا فِي سَائِر نُسَخ الصِّحاحِ والعُبابِ، ووَقَع فِي نُسْخَة اللِّسانِ نقْلاً عَن الجَوْهَرِيِّ مثلُ مَا فِي نُسَخِنا، وَهُوَ خَطَأ ظاهرٌ، وَهَذِه هِيَ اللُّغَةُ الثانيةُ من الثّلاثةِ، وكأَنّ الهاءَ فِي هَذِه أَصْلِيَّة، وَقد ذَكَرَها الجوهريُّ والصاغاني بقَوْلهمْ: وَفِيه لُغةٌ أُخرى: أَهْرَقَ يُهْرِقُ، على أَفْعَلَ يُفْعِلُ، وَقَالا: قَالَ سِيبَوَيْهِ: قد أَبْدَلُوا من الهمزةِ الهاءَ، ثمَّ ألزِمت فصارَتْ كَأَنَّهَا من نَفْسِ الحَرفِ، ثمَّ أُدْخِلَت الأَلفُ بَعْدُ على الهاءِ، وتُرِكت الهاءُ عِوَضاً من حَذْفِهِم حركةَ العَين لأَنَّ أَصلَ أَهْرَقَ أَرْيَقَ. قالَ ابنُ بَريّ: هَذِه اللُّغَةُ الثانيةُ الَّتِي حَكاها عَن سِيبَوَيه هِيَ الثّالِثَةُ الَّتِي يَحْكِيها فِيمَا بعدُ، إِلا أَنّه غَلِطَ فِي التَّمْثِيلِ فقالَ: أَهْرَقَ يُهْرِق، وَهِي لُغة ثالِثَةٌ شاذّةٌ نادِرَةٌ ليسَتْ بِوَاحِدَة من اللُّغَتَيْن المَشْهُورتين، يقولونَ: هَرَقْتُ الماءَ هَرقاً، وأَهْرَقْتُه إِهْراقاً، فيَجْعَلُونَ الهاءَ فَاء والرّاءَ عَيناً، وَلَا يَجْعَلُونَه معْتَلاً، وأَما الثانِيَةُ الَّتِي حَكَاها سِيبَوَيْهِ فَهِيَ أَهْراقَ يُهْرِيقُ إِهْراقَةً، فَغَيَّرَها الجَوهرِي، وَجَعَلها ثالِثَةً، وجَعَلَ مصدَرَها إِهْرياقاً، أَلا تَرَى أَنَّهُ حَكَى عَن سيبويهِ فِي اللُّغَة الثَّانِيَة أَنَّ الهاءَ عِوضٌ من حَركةِ العَينِ، لأَنَّ الأَصْلَ أَرْيَقَ، فَهَذَا يَدُلُّ أَنَّه من أَهْراقَ إِهْراقَةً بالأَلِفِ، وكذَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ فِي اللُّغَةِ الثانيةِ الصحيحةِ. وأَهْراقَهُ يُهْرِيقُه اهْرِياقاً، فَهُوَ مُهَرِيقٌ بفتحِ الهاءِ وذاكَ مُهَراقٌ ومُهْراقٌ بِفَتْحِهَا وسكونها، أَي صَبَّه وَهَذِه هِيَ اللّغَة الثّالِثةُ تَتمَّةَ اللغاتِ، هَكَذَا نَقله الجَوهرِيُّ والصّاغاني، قَالَ: وَهَذَا شاذٌّ، ونظيرُه أَسْطاعَ يُسطِيعُ اسطِياعاً بِفَتْح الهمزةِ فِي الماضِي، وضَمِّ الياءِ فِي المستقبلِ، لُغَة فِي أَطاعَ يُطِيع، فجَعَلوا السينَ عِوَضاً من ذَهابِ حركةِ عَين الفعلِ، على مَا ذَكَرناه عَن الأَخْفَش فِي بابِ العينِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الهاءِ عِنْدِي،