للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا سمع سَطِيح شِعْرَه رفع رأسَه فَقَالَ: عبد الْمَسِيح على جَمَلٍ مُشيح يهوي إِلَى سَطيح وَقد أوفى على الضَّرِيح، بَعَثَكَ مَلِك من بني سَاسَان لارْتجَاسِ الإيوان وخمود النيرَان ورُؤْيا المُوبِذان، رأى إبِلاً صِعَاباً تقود خَيْلاً عِرَاباً. يَا عبدَ الْمَسِيح، إِذا كَثُرَت التِّلاوة، وبُعِثَ صاحبُ الهِرَاوَة، وغاضت بُحَيرةُ سَاوَة، فَلَيْسَ الشأم لِسَطيح شَأماً، يَمْلكُ مِنْهُم مُلُوك ومَلِكات على عَدَدِ الشُّرُفات، وكلّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ، ثمَّ قُبِضَ سَطِيحٌ مَكَانَهُ، ونهض عبد الْمَسِيح إِلَى رَاحِلَته وَهُوَ يَقُول:

شَمِّر فَإنَّك مَا عُمِّرْتَ شِمِّيرُ

لَا يُفْزِعَنَّكَ تَفْرِيقٌ وتَغْيِيرُ

إِن يُمْسِ مُلْكُ بني ساسان أفرطهم

فإنَّ ذَا الدَّهْرِ أَطْوَارٌ دَهَارِيرُ

فرُبَّما رُبَّمَا أَضْحَوْا بِمَنْزِلَةٍ

تخَافُ صَوْلَهُم أُسْدٌ مَهَاصِير

مِنْهُم أَخُو الصَّرْح بَهْرَامٌ وإخْوَتهُم

وهْرْمُزَانٌ وسَابُورٌ وسَابُورُ

والناسُ أَوْلَاد عَلَاّتٍ فَمن عَلِمُوا

أَنْ قد أقلَّ فَمَهْجُورٌ ومَحْقُورُ

وهُم بَنُو الأُمِّ لَمَّا أَن رَأَوْا نَشَباً

فَذَاك بالغَيْبِ مَحْفُوظٌ ومَنْصُورُ

والخيرُ والشَّرُّ مقرونان فِي قَرَنٍ

فالخيرُ مُتَّبَعٌ والشَّرُّ مَحْذُورُ

فلمّا قدم على كِسْرى أخبرهُ بقول سطيح فَقَالَ كِسْرى: إِلَى أَن يَمْلِكَ مِنَّا أربعةَ عشرَ مَلِكاً تكون أمُورٌ، فَملك مِنْهُم عَشَرَة فِي أَربع سِنِين، ومَلَك الْبَاقُونَ إِلَى زَمَن عُثمان.

قلت: وَهَذَا الْخَبَر فِيهِ ذكر آيَة من آيَات نبوة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل مبعثه، وَهُوَ حَدِيث حسن غَرِيب.

وَقَالَ اللَّيْث: السَّطحُ: ظَهْرُ الْبَيْت إِذا كَانَ مُسْتَوِياً، وفِعْلُكه التَّسْطِيح.

قَالَ: والمِسْطَح والمِسْطَحَةُ: شبه مِطْهَرَة لَيست بمُربَّعة، قَالَ: ويُسَمَّى هَذَا الكوزُ الَّذِي يُتَّخَذُ للسَّفر ذُو الجَنْبِ الواحِدِ مِسْطَحاً.

وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّ حَمَلَ بن مَالك قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كنتُ بَين جَارَتَين لي فضَرَبَت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى بمِسْطح فَأَلْقَت جَنيناً ميِّتاً وَمَاتَتْ، فَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بدية المقتولة على عَاقِلَة القاتلة، وَجعل فِي الْجَنِين غُرَّة.

قَالَ أَبُو عُبَيد: المِسْطح: عُودٌ من عِيدان الخِباءِ أَو الفُسْطاط. وَأنْشد قَول عَوْف بن مَالك النَّضْرِيّ:

تَعرَّض ضَيْطَارُو فُعَالة دُوننَا

وَمَا خَيْرُ ضَيْطَارٍ يُقَلِّبُ مِسْطَحا

يَقُول: لَيْسَ لَهُ سلَاح يُقَاتل بِهِ غير مِسْطح.

وَفِي حَدِيث آخر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي بعض أَسْفَاره، ففقدوا المَاء، فَأرْسل عَلِيّاً وَفُلَانًا يبغيان المَاء فَإِذا هما بِامْرَأَة بَين سطيحتين.

قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْأَصْمَعِي والكِسَائي: السَّطِيحةُ: المزادَةُ تكون من جلدين، والمزادة أكبر مِنْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>