للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ الليثُ: الْخَرْجُ والْخَرَاجُ واحِدٌ وَهُوَ شَيْء يُخْرِجُه القومُ فِي السَّنَة من مَالهم بِقَدْرٍ مَعْلُوم.

ورُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهُ قَالَ: ((الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ)) .

وَقَالَ أَبُو عُبِيْد وغيرُه من أهل الْعلم: معنى الْخَراج، فِي هَذا الحَدِيث غَلَّةُ العَبْدِ يَشْتريه الرَّجل فيستغِلُّه زَمَانا، ثمَّ يَعْثر مِنْهُ عَلَى عَيْب دلَّسَه البَائِع وَلم يُطْلِعْه عَلَيْهِ، فَلهُ ردُّ العَبْد على البَائِع، والرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الثّمن والْغَلّة الَّتِي استغلها المُشْتَرِي من العَبْد طَيِّبَةٌ لَهُ، لأنَّه كَانَ فِي ضَمَانِه، وَلَو هَلَكَ هَلَكَ من مَاله.

وَهَذَا مَعْنَى قَول شُرَيح لرجُلين احْتَكَمَا إِلَيْهِ فِي مثل هَذَا فَقَالَ للْمُشْتَرِي: ((رُدَّ ذَا الدَّاءِ بِدَائِهِ، وَلَك الْغَلّة بِالضَّمَانِ)) ، مَعْنَاهُ: رُدّ ذَا الْعَيْبِ بِعَيْبِهِ، وَمَا حصل فِي يدك من غَلَّته فَهُوَ لَك.

وَأما الْخَراجُ الَّذِي وظَّفَهُ عمرُ بنُ الخطّاب على السَّواد وَأَرْض الفَيْء فَإِن مَعْنَاهُ الغَلَّةُ أَيْضا، لأنهُ أَمَرَ بمساحةِ السَّوادِ ودَفْعها إِلَى الفَلَاّحين الَّذين كَانُوا فِيهِ على غَلَّة يؤدُّونها كلَّ سنةٍ، وَلذَلِك سميّ خَرَاجاً، ثمَّ قيل بعد ذَلِك للبلاد الَّتِي فُتحتْ صلحا ووُظِّفَ مَا صولِحوا عَلَيْهِ على أَرضهم: خَرَاجِيَّةٌ، لِأَن تِلْكَ الْوَظِيفَة أشبهتِ الخَرَاجَ الَّذِي أُلْزِمَ الفَلَاّحون وَهُوَ الغَلَّةُ. لِأَن جملَة معنى الخَرَاجِ: الغَلَّة.

وَيُقَال: خَارَجَ فلانٌ غلامَه إِذا اتفقَا على ضريبة يرُدُّها العَبْد على سيِّدهِ كلَّ شهر وَيكون مُخَلَّى بَينه وَبَين عَملهِ، فَيُقَال: عبدٌ

مُخَارَجٌ، وَقيل للجزيةِ الَّتِي ضُربتْ على رِقَاب أهل الذِّمة: خَرَاجٌ لِأَنَّهُ كالغلَّةِ الْوَاجِبَة عَلَيْهِم.

وَقَالَ أَبُو عبيدةَ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {ذَلِك يَوْم الْخُرُوج} [ق: ٤٢] .

قَالَ: الخُرُوجُ: اسمٌ من أَسمَاء يومِ القِيَامةِ.

وَقَالَ العجاجُ:

(أَلَيْسَ يومٌ سُمِّيَ الخُرُوجَا ... أَعْظَمَ يومٍ رَجَّةً رَجُوجاً)

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله جلّ وعزّ: {ذَلِك يَوْم الْخُرُوج} أَي: يَوْم يُبْعَثُونَ فَيْخْرُجُون من الأَرْض.

ومثلُهُ قَوْله تَعَالَى: {خشعا أَبْصَارهم يخرجُون من الأجداث} [الْقَمَر: ٧] .

أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ: يُقَال: أَوَّلُ مَا يَنشأ السحابُ فَهُوَ نَشْءٌ.

وَيُقَال: قد خَرَجَ لَهُ خُروجٌ حسنٌ.

وَقَالَ غيرُه: خرجَتِ السماءُ خُروجاً: إِذا أَصْحَت بعد إغامتها.

وَقَالَ هِمْيانُ يصفُ الإبِلَ وورُودَها:

(فَصَبَّحَتْ جَابِيَةً صُهارِجاَ ... تَحْسَبُها لَوْنَ السَّماءِ خَارِجا)

يُرِيد: مُصْحِياً، والخُروجُ نقيض الدُّخُول.

وَقَالَ اللَّيْث: الخُرُوجُ: خروحُ الأديب وَالسَّابِق وَنَحْو ذَلِك، يُخَرَّجُ فَيَخْرُجُ، وخرَجَتْ خوارِجُ فلَان إِذا ظَهرت نجابتُه وتوجَّه لإبرام الْأُمُور وإحكامها، وعَقَلَ عَقْلَ مِثلِهِ بعد صِباه.

<<  <  ج: ص:  >  >>