للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَتَى ثَقيفٍ الدَّيانَ الْمَنَّانَ يَلْبَسُ فَرْوَتَها، وَيَأْكلُ خَضِرَتَهَا.

يَعْنِي غَضَّها وناعمها وهَنِيئَها.

وَيُقَال: هُوَ لَكَ خَضِراً مَضِراً _ أَي: هَنِيئًا مريئاً، وخَضْراً لَك وَنَضْراً مَثْلُ: سَقْياً لَك وَرْعْياً.

وَفِي ((نَوَادِر الْأَعْرَاب)) يُقَال: لَسْتُ لفُلَان بِخَضِرَةٍ _ أَي: لست لَهُ بَحشِيشَةٍ رَطْبَة يأكلها سَرِيعا.

وَقَالَ اللَّيْث: الْخَضِرُ نَبيٌّ من بَني إسرائيلَ، وَهُوَ صاحبُ مُوسَى، الَّذِي التقى مَعَه بمَجْمَعِ البَحْرين.

أَبُو عبيد _ عَن الْكسَائي _ ذهَبَ دَمُه خِضْراً مِضْراً، وَذهب بِطْراً _ إِذا ذهب هَدَراً بَاطِلا.

وَالْعرب تُسَمِّي الْحَمَامَ الدواجِنَ: الْخُضَرَ وَإِن اخْتلفت ألوانها.

خصُّوها بِهَذَا الِاسْم لغَلَبَة الْوُرْقة عَلَيْهَا.

والخُضْرُ: قَبِيلَةٌ من الْعَرَب، قَالَ الشَّماخ:

(وَحَلأَها عَنْ ذِي الأرَاكةِ عامرٌ ... أَخُو الخُضْر يَرْمي حَيْثُ تُكْوَى النَّوَاحِزُ)

ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه قَالَ: ((إيَّاكُمْ وخَضْرَاءَ الدِّمَن)) . قيل: وَمَا ذَاكَ يَا رسولَ الله؟ فَقَالَ: ((المَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ فِي مَنْبِتِ السُّوءِ)) .

قَالَ أَبُو عبيد: نُراه أَرَاد فَسَاد النّسَب إِذا خِيفَ أَن تكون لغير رَشْدَة.

قَالَ: وَإِنَّمَا جعلهَا ((خَضْرَاءَ الدِّمَن)) تَشْبِيها بالبَقْلَةِ الناضرة، تَنْبُتُ فِي دِمْنَةِ البَعْرِ.

وأصل الدِّمَنِ: مَا تُدَمِّنه الْإِبِل وَالْغنم من أبعارها وَأَبْوَالهَا، فَرُبمَا نَبَتَ فِيهَا النَّبَات الحَسَنُ النَّاضِرُ _ وأصْلُه فِي دِمْنَة قَذِرَة.

يَقُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((فَمنْظَرُها حَسَنٌ أَنِيقٌ، ومنْبِتها فِاسِدْ)) .

وَقَالَ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ:

(فَقَدْ يَنبُتُ المَرْعَى عَلَى دِمَن الثَّرَى ... وتَبْقَى حَزَازَاتُ النُّفُوس كَما هِيَا)

ضَرَبهُ مثلا للَّذي يُظْهِر مَوَدَّتَهُ لرجل، وقلبُه نَغِلٌ بالعداوة.

وسمعتُ المنذريَّ يَقُول: سمعتُ أَبَا طالبٍ النَحْوِيَّ يَقُول _ فِي قَول الْعَرَب _: ((أَبَادَ الله خَضْرَاءَهم)) .

قَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ: أَذْهَبَ الله نَعِيمَهم وخِصْبَهم.

قَالَ: وَمِنْه قولُه:

(وَأَنَا الأَخْضَرُ مَنْ يَعْرِفُني؟ ... أَخْضَرُ الجِلْدَة مِنْ نَسْلِ الْعَرَبْ)

قَالَ: يُرِيد ب ((أَخضَرُ الْجِلدة)) : الخِصْبَ والسَّعة.

قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أباد الله خَضْرَاءَهُمْ _ أَي: سوادهم.

قَالَ: والخضرة _ عِنْد الْعَرَب _: سَوَادٌ.

وَقَالَ القُطَامِيُّ:

(يَا نَاقُ خُبِّي خَبَباً زِوَرَّا. . ... )

(وَقلِّبِي مَنْسِمَك المُغْبَرَّا. . ... )

(وَعَارِضِي اللَّيْلَ إِذَا مَا اخْضَرَّا ... )

أَرَادَ: إِذا مَا أظلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>