للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرِّجالُ مَعَ السِّلَاح ثمَّ عدَل عَن الجادَّة وأَخَذ عَلَى الغُوَيْر فأَحسَّتْ بالشَّرِّ وَقَالَت: عَسى الغُوَير أبْؤُساً، عَلَى إِضْمَار فِعْلٍ. أَرادتْ عَسى أَنْ يُحدِث الغوَيرُ أَبْؤُساً.

وأَمَّا الْغَارة فلهَا مَعْنيَان.

يُقَال: أغار الحَبلُ يُغيرُه إغارةً وغارةً إِذا شَدَّ فَتْلُه. وحبلٌ مغارٌ: شديدُ الفتلِ وَمَا أشدَّ غارتَه، فالإغارة مصدرٌ حقيقيٌّ، والغارةُ اسمٌ يقومُ مقَام المصدرِ، ومثلهُ أَعَرْتُه الشَّيْء أُعيرُه إِعَارَة وعارَةً، وأطعتُ الله إطاعةً وَطَاعَة.

وَالْمعْنَى الثَّانِي فِي الغَارَةِ أَنه يُقَال: أغارَ الفرسُ إِغارةً وغارَةً، وَهُوَ سُرْعة حُضرِه، ويُقال للخيْلِ المُغيرَة: غَارَةٌ، أَي أَنَّهَا ذاتُ غارةٍ، أيْ ذاتُ عَدْوٍ شَدِيد، وَكَانَت الْعَرَب تَقول للخيْلِ إِذا شُنَّتْ على حَيَ نازلينَ صباحاً وهم غارُّونَ: فِيحِي فَيَاج: أَي اتَّسعِي وتفَرَّقي أيتُها الخيلُ لتُحِيطِي بالحَيِّ، ثمّ قِيلَ لِلنَّهْبِ غارَة لإغارة الخيْلِ عَليها.

وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:

وغارةُ سِرْحانٍ وتَقْرِيبُ تَتْفُلِ

والسِّرْحانُ: الذِّئْبُ، وغارَتُه شِدّةُ عَدْوِه.

وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {قَدْحاً فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً} (العاديات: ٣) .

أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: غارَني الرَّجُلُ، يَغيرُني ويغورُني: إِذا وَدَاكَ من الدِّيةِ، والاسمُ الغِيرَةُ، وجمعُها الغِيرُ.

وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل طلب القَوَد بوليّ لَهُ قُتل: (أَلا الغِيَرَ تُريدُ) .

قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: الغِيَرُ: الدّيَةُ، وَجمعه أَغيارٌ.

وَقَالَ أَبُو عَمْرو: والغِيَرُ جمعُ غِيرَةٍ، وَهِي الدِّيةُ.

وَأنْشد:

لنَجْدَعَنَّ بِأَيْدِينَا أنوفَكُمو

بني أمَيمةَ إِن لم تقبلُوا الغيَرَا

قَالَ أَبُو عبيد: وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الدِّيةُ غيراً فِيمَا نرى لِأَنَّهُ كَانَ يجبُ القَوَدُ فغُيِّرَ القَوَدُ دِيةً، فسمِّيَتِ الدِّيةُ غيراً، وأصلُه منَ التّغييرِ.

الحرانيُّ عَن ابْن السّكيت: غارَ فلانٌ أهلَهُ يَغيرُهم غياراً: إِذا مارَهم، وغارهُم الله بالخيرِ يغورُهم ويغِيرُهم.

قَالَ الأصمعيُّ: وَهِي الغِيرة، وأنشدنا قولَ الهذليِّ:

مَاذَا بغيرِ ابنتيْ رِبْعٍ عوِيلُهما

لَا ترْقُدانِ وَلَا بُؤسى لمَنْ رَقَدا

وَقَالَ اللحيانيُّ: غارهُم اللَّهُ بالمطَرِ يغورهم ويَغيرُهم إِذا سقاهم، ويقالُ: اللَّهُمَّ غِرنا بِخَير: أَي أَغِثنا.

أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الغائرةُ: القائلة،

<<  <  ج: ص:  >  >>